مصر.. مجلس الصحفيين يعرقل إحياء "عمومية الكرامة"
عبد الله حامد-القاهرة
السقالات (آلات الرفع في المعمار) كانت المفاجأة، إذ اختارت هيئة المكتب بمجلس النقابة الجديد هذا اليوم تحديدا لإطلاق عملية تجديد للمبنى مما اعتبره صحفيون خطوة متعمدة لعرقلة إحياء الذكرى المزعجة للسلطة التي تدعم النقيب الجديد.
وقبل عام، شهد بهو النقابة اجتماعا حاشدا للصحفيين بدعوة من المجلس السابق، أما الخميس الماضي فأوصدت الأبواب دون المتضامنين، وقطعت الكهرباء وغُلّقت قاعات الاجتماعات، وعُلّقت في الردهات "سقالات" كالمتاريس التي نصبتها الشرطة العام الماضي لمنع تدفق الصحفيين لنقابتهم.
وبالمقابل، استثمر المنظمون لفعاليات إحياء الذكرى السقالات، ونصبوا عليها أهراما من الصور التي تحكي وقائع العمومية الحاشدة، وأقاموا مؤتمرا لتكريم أبرز المشاركين والمتضامنين، وتم عرض فيلم تسجيلي للأحداث.
اشتباكات
رئيس حزب "شباب مصر" الصحفي أحمد عبد الهادي هاجم منظمي الفعاليات أثناء محاولاتهم إدخال المتضامنين الممنوعين من الدخول بأوامر النقيب، وجرت مشادات بينه وبين عضو المجلس محمود كامل المشارك، وانتهت باشتباكات بالأيدي وفق محضر للشرطة ضد العضو.
وكان من اللافت عدم حضور النقيب السابق يحيى قلاش المحكوم عليه بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة بداخل مبنى النقابة. وقالت مصادر مقربة منه للجزيرة نت إنه "تعمد عدم الحضور نظرا للإحراج الذي سيتسبب فيه عدم وجود قاعات ولا مقاعد ولا حتى مساحات يمكن أن يلتقي فيها ضيوف الاحتفالات بالنقابة".
وأصدر أربعة أعضاء بالمجلس بيانا يعربون فيه عن خيبة أملهم في نهوض المجلس بدوره لإحياء الذكرى "بما يليق بأوضاع الحريات الصحفية المتدهورة في مصر، فالنقيب وهيئة مكتب مجلس النقابة رفضوا إحياء الذكرى".
الناشط الصحفي أحمد عبد العزيز قال في مؤتمر صحفي أقيم على هامش الفعاليات "هذا اليوم الرائع يثبت أن الصحفيين الذين حضروا جمعية الكرامة ويحييون ذكراها أقوى من أي عقبات توضع في طريقهم، وكان يجب أن يحتفل النقيب ومجلسه بالذكرى بطريقة مختلفة وإيجابية، فالتاريخ سيحاسب كل من فرط ولم يدافع عن نقابته ومهنته".
وهتف المجتمعون "قولوا لمجلس النقابة.. السلم سلم غلابة (فقراء)" و"قولوا لوزارة.. الداخلية السلم سلم حرية".
انقسام.. ضعف
الصحفي عبد المنعم الحشاش قال "لم تغلق قوات اﻷمن كالعادة مدخلي شارع النقابة، لأن النقيب ومجلسه قاموا بنفس المهمة اﻷمنية بالوكالة بإجراءات معرقلة لإحياء الفعاليات".
ويرى الحشاش أن "انقسام أعضاء المجلس حول اﻻحتفال بهذه الذكرى انتصار لفريق جبهة تصحيح المسار التي عقدت مؤتمرها بالأهرام العام الماضي" مؤكدا للجزيرة نت أن "حالة الانقسام والتقسيم على أساس الأيديولوجيا تحتاج لعملية استئصال سريعة وحاسمة".
وتابع "اﻷنظمة الدكتاتورية المتعاقبة بمصر هي العدو اﻷول للحريات، إذ سعت للهيمنة على النقابة باستيعاب النقباء المتعاقبين، لكننا لن نرضى لنقابتنا دخول بيت طاعة النظام".
وقال الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام أحمد أبو زيد إن "فاعليات إحياء ذكري عمومية الكرامة عززت التمايز بين تيار الاستقلال وتيار السلطة، الحريص على عدم إدانة مقتحمي النقابة حتى ببيان، بل على العكس حاول عرقلة الفعاليات بشتى الطرق".
وأكد أبو زيد للجزيرة نت أن "تيار الاستقلال النقابي خرج من معركة الانتخابات ضعيفا، لكنه أكثر تصميما على مواجهة سياسات المجلس الحكومي لإدخال النقابة والمهنة بيت الطاعة" ملمحا إلى أن "ضعف تيار الاستقلال في المجلس سيلقي بظلاله على تراجع الأداء في ملف الحريات".
لكن النقيب عبد المحسن سلامة قال في تصريحات لإحدى الفضائيات إن "الصحافة تسير بخطوات إيجابية نحو الحرية، وهناك أمور كثيرة تتغير للأفضل، رغم الظرف الاستثنائي المتمثل في الحرب على الإرهاب" مطالبا بـ "وحدة الصف ولم الشمل لتجاوز الأزمات".