لماذا دعت تيريزا ماي إلى انتخابات مبكرة؟

British Prime Minister Theresa May speaks during a joint press conference with Colombia President Juan Manuel Santos (not seen), in N10 Downing street in London, Britain, 02 November 2016. The President of Colombia Juan Manuel Santos and his wife are undertaking their first state visit from Colombia to Britain from 01 to 03 November.
دعوة ماي إلى انتخابات مبكرة أربكت بعض أعضاء حكومتها وحزبها قبل أن تربك المعارضة (الأوروبية)

العياشي جابو-لندن

اختارت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الوقت المناسب لإعلان مفاجأتها السياسية بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، في خطوة أربكت بعض أعضاء حكومتها وحزبها قبل أن تربك المعارضة بمختلف مستوياتها.

يبدو أن ماي رأت أن الوقت قد حان للقيام بمناورة سياسية، أطلق عليها بعض المحللين أنها مقامرة سياسية، من أجل تعزيز سلطتها وتقوية نفوذها داخل حزب المحافظين وخارجه ولإسكات الأصوات المعارضة التي طالما أشارت إلى أنها لم تحصل على تفويض شعبي وإنما اعتلت سدة الحكم نتيجة حسابات خاطئة لزعيم حزب المحافظين السابق ديفد كاميرون بعد فشله في الفوز بنتيجة الاستفتاء لإبقاء بلاده داخل الاتحاد الأوروبي.

البعض يصف الخطوة التي أقدمت عليها ماي بأنها انتهازية لجملة من الأسباب، منها أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب المحافظين يتقدم على حزب العمال المعارض بنحو عشرين نقطة، وهذا يشجعها على الخوض في تنفيذ مشروعها دونما التخوف أو الإحساس بأنها تقوم بمجازفة سياسية كبيرة.

كما أن حزب العمال المعارض يتخبط في مشاكل داخلية وانقسامات كبيرة لا تسمح له بالوقوف بشكل منظم وفعال في وجه طموحها في الفوز بانتخابات مبكرة تعطيها متنفسا لمدة خمسة أعوام أخرى، خصوصا أن مدة الحملة الانتخابية قصيرة وليس هناك مجال أوسع للمعارضة لتنظيم نفسها.

في المقابل، تدرك تيريزا ماي أنه ليس بإمكان حزب العمال أن يعارض خطوة إجراء انتخابات مبكرة، وإلا سيظهر أمام الرأي العام البريطاني أن الزمن قد تجاوزه ولا يستحق أن تقوم له قائمة في المجتمع البريطاني بتركيبته الحالية.

ومن جهة أخرى، يبدو أن تيريزا ماي تدرك أن الظروف السياسية الخارجية مواتية أيضا قبل بدء التفاوض بجدية مع الجانب الأوروبي، فالانتخابات الفرنسية والألمانية التي ستجري خلال هذه الفترة ستعطيها متنفسا كافيا لترتيب بيتها قبل الخوض في مفاوضات ترى أنها قد تمتد فترة أطول وتكون لها اليد العليا في فرض شروطها.

وأخيرا فإن تيريزا ماي تريد أيضا أن تبعد عنها كابوس وهاجس الحزب القومي الأسكتلندي الذي يطالب بإجراء استفتاء ثان خلال السنتين المقبلتين للانفصال عن المملكة المتحدة باعتبار أن أسكتلندا صوتت للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي ولا ينبغي للحكومة المركزية في لندن أن تحرمها حق اختيارها المشروع.

تشكيك
هذه العوامل مجتمعة ربما دفعت برئيسة الوزراء البريطانية إلى انتهاز الفرصة والإعلان عن انتخابات مبكرة تجري في الثامن من يونيو/حزيران المقبل لتعزيز مركزها وتقوية زعامتها داخل حزبها وخنق أي انتقادات ضدها، لأنه سيكون بوسعها إذا فازت القول إنها تحظى بتفويض شعبي.

ماي التي تعهدت 11مرة في السابق بأنها لن تعلن إجراء انتخابات مبكرة، فاجأت الجميع، بما في ذلك أكثر من نصف أعضاء حكومتها، بأن الظرف تغير وأنها وصلت هي نفسها إلى قناعة بأنه لا مناص من إجراء هذه الانتخابات للإبحار ببلادها إلى بر الأمان في الانتخابات التي تجريها مع الجانب الأوروبي.

المشككون في نية تيريزا ماي، بينهم ساسة وأعضاء سابقون في حزب المحافظين، أشاروا إلى أنها حصلت على ما ابتغته بشكل كامل من المعارضة والبرلمان وغيرهما في تفعيل المادة الخمسين من معاهدة لشبونة لبدء المفاوضات مع الجانب الأوروبي، ولم تكن بحاجة على الإطلاق إلى القيام بهذه الخطوة.

ويقولون إن وضع الاقتصاد البريطاني يزداد نموا وتحسنا ولم يكن هناك من داع حقيقي لأن تنكث وعودها إلا لهدف واحد وهو تحقيق مآربها السياسية ومآرب حزبها.

المصدر : الجزيرة