"تلميع" إعلامي وسياسي لهيئة يعمل بها نجل السيسي

صورة للمقر الرئيسي للرقابة الإدارية بمصر الصورة خاصة للجزيرة نت

عبد الرحمن محمد-القاهرة

بات النشاط المكثف لهيئة الرقابة الإدارية بمصر مادة يتناولها الإعلام وحتى السياسيون  بشكل متكرر، في إطار عملية ترويج وتلميع للهيئة التي يعمل نجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قياديا بها.

وخلال الشهور الماضية، لا يكاد يمر أسبوع إلا ويعلن فيه "إنجاز" للهيئة التي يعمل بها مصطفى نجل السيسي يتمثل في كشف قضايا فساد بمؤسسات الدولة، والمثير أن ذلك يتم بالتزامن مع حملة انتقادات تطال أجهزة رقابية أخرى.

وفي تقرير نشرته مؤخرا قالت صحيفة الأهرام الحكومية إن "الرقابة الإدارية تستحق التقدير بعد تطور أدائها في التصدي للفساد رغم ارتفاع مكانة المتهمين"، كما اعتبرت صحيفة الوفد (حزبية) أن الهيئة "حققت إنجازات متتالية في ضبط الفاسدين"، في حين وصفت صحيفة اليوم السابع (خاصة مقربة من السلطة) الرقابة الإدارية بـ "الحامي الأول لأموال الشعب".

وبينما يرى مراقبون أن حملة "تلميع" الهيئة التي يعمل بها نجل السيسي "ممنهجة ومقصودة لتحقيق أهداف مستقبلية من وراء ذلك"، لا يجد آخرون بأسا في ذلك باعتبار أن "إنجازات الهيئة حقيقية ومؤثرة" وأن عمل نجل الرئيس فيها "يمنح العاملين دفعة أقوى للعمل والنشاط".

‪حاتم عزام: الفساد بمصر يزداد‬ (الجزيرة)
‪حاتم عزام: الفساد بمصر يزداد‬ (الجزيرة)

الواقع يُكَذِّب!
وفي هذا السياق، يرى البرلماني السابق وعضو الهيئة التحضيرية للجمعية الوطنية حاتم عزام، أن واقع الفساد في مصر يتنافى مع ما يُروج له في إطار تلميع الهيئة وإنجازاتها.

وقال عزام للجزيرة نت: "الحقيقة أن الفساد بمصر يزداد حسب مؤشرات المنظمات الدولية المعنية، كمنظمة الشفافية الدولية التي أظهرت في تقريرها الأخير تراجع مصر من المركز 88 إلى المركز 108 من أصل 179 دولة، وعزا التقرير هذا التراجع إلى أسباب أهمها غياب الإرادة السياسية".

واعتبر عزام أن "هذه الضجة المثارة حول الهيئة ونشاطها مفتعلة وليس لها أي أساس"، وهي في رأيه "مؤشر لانعدام ثقة السيسي فيمن حوله"، ذاهبا إلى أن "كل الدوافع المرصودة من قبل مراقبين لهذه الحملة واردة من عصابة تختطف المؤسسات المصرية كما هي مختطفة الشعب المصري رهينة تحت تهديد السلاح".

وبدوره، يعتقد رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية ممدوح المنير أن "حملة التلميع لنجل السيسي والهيئة التي يعمل بها تستهدف إعداده لمستويات أقل من مقعد الرئاسة ربما تأتي في إطار رغبات الابن التي لا يريد والده أن يحزنه برفضها".

وذهب المنير في حديثه للجزيرة نت إلى أن "السيسي لا يُتَصور أن يخاطر بتقديم نجله بديلا له لعلمه أن المصريين ثاروا على مبارك لذات السبب ودعمهم الجيش الذي كان لا يريد جمال مبارك وريثا للحكم"، مضيفا أن "السيسي لديه الأمل في أن يحكم المصريين ما بقي له من عمر".

‪مجدي شندي لا يرى أن في ذلك تمهيد لدور سياسي لنجل السيسي‬ (الجزيرة)
‪مجدي شندي لا يرى أن في ذلك تمهيد لدور سياسي لنجل السيسي‬ (الجزيرة)

أسلوب اللقطة
وتابع "السيسي في رأيي هو أس الفساد ومنبعه وما يحدث هو ألاعيب سلطة رخوة منتشية بقوتها، وهذه الضربات المعلنة جزء من هذا الإطار الذي يحقق تلميعا يحبه الولد كما يهدف لتلميع النظام ذاته الذي فقد الكثير باعتماد أسلوب اللقطة التي يقود بها السيسي المصريين منذ انقلابه العسكري".

بينما يرى رئيس تحرير صحيفة "المشهد" مجدي شندي، أن "الهيئة ومعها الجهاز المركزي للمحاسبات يستحقان المدح والتقدير، لكشف الأخير مبالغ بالمليارات اختفت من ميزانية عام 2015 وتلاحق ضربات الرقابة الإدارية ضد الفساد".

وأضاف شندي للجزيرة نت "غالب الظن أن تهم الفساد التي تُعلنها الهيئة حقيقية وليست مصطنعة"، متهما من يروج لكونها غير حقيقية بأنهم "أعداء الدولة الذين ينتقدون كل شيء ويقلبون الحق باطلا، ومنهم من لا يود أن يرى مكافحة حقيقية للفساد كونها قد تطاله يوما".

ورأى أن "اعتبار هذه الانجازات تمهيد لدور سياسي لنجل السيسي ادعاء غير حقيقي، إذ يدرك الرئيس أن التفكير في ذلك سيؤدي للإطاحة به كما حدث مع مبارك"، مشيرا إلى أن "استهداف معظم القضايا المعلنة لمسؤولين حاليين لم يكونوا مناوئين للنظام دليل على مصداقيتها".

المصدر : الجزيرة