معاناة بمعبر نصيب بين سوريا والأردن

الطيران الحربي يقصف بلدة داعل بريف درعا
قصف سابق لطيران النظام على أحد أحياء ريف درعا (ناشطون)

 محمد نور-درعا

سعال الأطفال وبحة صوتهم ومنظرهم وهم يلتحفون أغطية لا تمنع عنهم برد الشتاء، معاناة تحمل أوجاعها نحو خمسين عائلة من أبناء ريف درعا، لجؤوا إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، فافترشوا المكاتب الحكومية هربا من حمم طائرات النظام السوري.

يقول أبو خالد أحد النازحين في معبر نصيب الحدودي، "خاب ظننا في العالم، وضاقت علينا أرض المعبر".

وأضاف "لقد سمعنا قبل يومين هدير طائرات النظام السوري تحلق فوق رؤوسنا، لم يردعها شيء سوى إرواء عطشها بسفك دماء عائلة بكاملها، فقتل طفل وأصيب ذووه بإصابات خطيرة، وتجاوز عدد القتلى في المعبر في أقل من ستة أشهر 11 مدنيا بينهم تسعة من عائلة واحدة".

وعندما تسير في ساحة المعبر المدمر، ترى أم أحمد  تجلس وقد ناهز عمرها التسعين عاما، تنهمر دموعها على ما آل إليه وضع أولادها وأحفادها الذين شردتهم آلة النظام الحربية، فاستقر بها المقام  مع بعض أولادها وأحفادها في أحد مكاتب التخليص في معبر نصيب.

ويشتكي النازحون في المعبر من انعدام المساعدات الغذائية، وغياب أدنى مستويات السلامة الصحية، لعدم وجود أي نقطة طبية في المعبر.

ويضطر الأهالي الذين لا يجمعهم أي مجلس محلي، قطع نحو ثلاثة كيلومترات يوميا من وإلى بلدة نصيب القريبة من المعبر من أجل العلاج وتأمين أبسط مستلزماتهم اليومية، ناهيك عن أطفالهم الذين يجتازون هذه المسافة يوميا ذهابا وإيابا إلى مدارس البلدة طلبا للعلم.

جانب من إقامة أطفال نازحين في مكاتب معبر نصيب الحدودي مع الأردن (الجزيرة نت)
جانب من إقامة أطفال نازحين في مكاتب معبر نصيب الحدودي مع الأردن (الجزيرة نت)

نازحون وعسكر
يوجد في معبر نصيب الحدودي بالإضافة إلى عشرات العائلات العديد من النقاط العسكرية المدججة بالسلاح والعتاد.

وعزا أبو سيدرا قائد فوج المدفعية في حوران التابع للمعارضة، وأحد المسؤولين عن أمن المعبر ذلك إلى عدة أسباب، منها حماية المعبر، بما في ذلك الجمارك والمنطقة الحرة، من اللصوص وهجمات قد يشنها تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة الحرة، ومنها جعلها منطلقا لتسيير دوريات لمنع تهريب السلاح والمخدرات من الأردن وإليه.

ويضيف القيادي أبو سيدرا "هذا كل ما يمكننا فعله في المعبر، ولا يمكننا حماية المدنيين داخله من قصف طائرات النظام لعدم امتلاكنا لأسلحة مضادة للطيران".

طفل يلهو في إحدى ساحات معبر نصيب الحدودي (الجزيرة نت)
طفل يلهو في إحدى ساحات معبر نصيب الحدودي (الجزيرة نت)

تحفظات أردنية
وقالت مصادر خاصة للجزيرة نت رفضت الكشف عن اسمها لأسباب أمنية إن الأردن يتحفظ على موضوع إنشاء مخيمات على الجانب السوري من المنطقة الحرة.

وقالت ذات المصادر إن الأردن طالب الجيش الحر الموجود داخل معبر نصيب الحدودي بإزالة نحو 20 خيمة، كانت قد أنشئت داخل معبر نصيب العام الماضي، خوفا من أن تكون ملاذا للجماعات المتشددة التي قد تشكل خطرا على الحدود الأردنية.

الكاتب والمحلل السياسي الأردني مجيد عصفور قال إن من الصعب على الأردن تقبل فكرة إنشاء مخيمات جديدة قرب الحدود الأردنية أيا كان المكان، لأن مثل هذه المخيمات تفرض مزيدا من الأعباء الأمنية على الأردن، خاصة أنها ستكون قابلة لاستنساخ تجربة مخيم الركبان من حيث عدد السكان الضخم واحتمال احتضان مجموعات إرهابية لديها القدرة على تنفيذ هجمات متعدد الأهداف.

المصدر : الجزيرة