السعودية وصالح.. متلازمة المواجهة والإنقاذ
وتبادل الطرفان الإعلان عن إحراز التقدم على حساب الآخر، في حين حظي صالح وقواته بما يشبه "رعاية" إعلامية في تغطية ما باتت تسميه وسائل الإعلام السعودية والإماراتية "بالانتفاضة" على "مليشيات الحوثي الإيرانية".
من: دليم
إلى: كل الإعلاميين والذباب الالكتروني
لا تقولوا "المخلوع"
قولوا "الرئيس السابق" pic.twitter.com/NDBPSZx9CO— مجتهد (@mujtahidd) ٢ ديسمبر، ٢٠١٧
وبشكل مفاجئ، تغير وصف صالح من "المخلوع" إلى "السابق"، في مشهد اعتبر مراقبون أنه يلخص الرهانات الجديدة للرياض وأبو ظبي، في سعيهما للبحث عن طرف يخلصهما من ورطة الحرب المدمرة في اليمن.
صالح المنقذ
صالح تحالف مع الحوثي لاسقاط اليمن، واليوم يجب ان ندعم اي خطوة تدفع باستعادة اليمن وعودة الشرعية المتمثلة في الرئيس هادي والشعب اليمني.8️⃣
— إبراهيم آل مرعي🇸🇦 (@almarieibrahim) ٢ ديسمبر، ٢٠١٧
ومثل وسائل الإعلام، انقلبت مواقف وتحليلات معلقين سعوديين بارزين، من التحذير المستمر من صالح واعتباره أداة إيرانية في اليمن، للثناء على دوره الجديد؛ في مشهد يعيد تقديم الرئيس الذي حكم اليمن أكثر من ثلاثة عقود، من اعتباره خطرا على الخليج، إلى "مخلص" لليمن وجيرانه من الخطر القادم من الجنوب.
وعلى الرغم من التصعيد الميداني وفي التصريحات، فإن حزب المؤتمر الشعبي أصدر بيانا أبدى فيه استعداده للحوار مع الحوثيين "لإزالة كافة أسباب التوتر"، مؤكدا موقفه المستمر من "مواجهة العدوان"، في لغة اعتبرها مراقبون محاولة لإمساك العصا من المنتصف بعد التقدم الذي أحرزه الحوثيون على حساب قوات صالح في العاصمة.
اكتشاف بعد سنوات
فجأة تحول علي صالح في الإعلام السعودي من رئيس مخلوع إلى رئيس سابق
ومن عميل إيراني إلى زعيم وطني، ومن خائن إلى مقاوم شريف..
أخشى على الأحبة في حزب المؤتمر الانخراط في محور المملكة، فقد يراد بهم شر
لا أحد يرفع السلاح الطائفي وينتصر…تعلموا من التجارب..— سامح عسكر (@sameh_asker) ٢ ديسمبر، ٢٠١٧
والملفت أنه يبرر توقيت الاكتشاف بعد ثلاث سنوات، بأن ذلك لم يكن جديدا، وأن الحوارات معهم مستمرة منذ ثلاثة أعوام، وأن الحوثيين استغلوا خطوات الشراكة معهم في المجلس السياسي والحكومة لتعزيز سيطرتهم على المشهد اليمني.
إذا لم يجهز "علي صالح" على "الحوثي" هذه المرة..فإنه لايزال يلعب ويستخدم الحوثي كورقة كما فعل في حروبه السابقة مع الحوثيين
— مشعل النامي (@Meshal_Alnami) ٣ ديسمبر، ٢٠١٧
في الطرف المقابل، يرى الحوثيون أن ما قام به صالح جاء نتيجة اتصالاته بالسعودية والإمارات، وأنه "أقدم على عملية انتحارية"، وفق ما قاله عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) عبد الملك العجري للجزيرة.
وعطفا على تناقضات السعودية وحلفائها في التعاطي مع صالح، يتحدث العجري عن تقلبات صالح الذي وصف السعودية مؤخرا بأنها "خائنة" بعد أن وقفت مع إسرائيل ضد جمال عبد الناصر، والآن أصبحت "دولة شقيقة"، عازيا ذلك إلى ما عدّها عقدا نفسية لدى صالح، إلى جانب الوعود والمغريات التي تلقاها من الإمارات خاصة.
الرئيس المخلوع #صالح شيمته الغدر فقد غدر ب #السعودية التي رمّمت جسده، لذلك من الذكاء الاستراتيجي استغلال غدره بحلفائه #الحوثيين الذين كانوا بدورهم يترقبون الفرصة ليغدروا به.
المهم أن النتيجة ستكون بتحرير #صنعاء وانتصار الشرعية على انقلاب دفع شعب #اليمن_السعيد ثمناً غالياً بسببه!— أنور مالك (@anwarmalek) ٢ ديسمبر، ٢٠١٧
ووسط الاتهامات المتبادلة، يرى مراقبون أن الحرب بين الطرفين تمثل فصلا جديدا في التراجيديا اليمنية التي انتقلت فيها بندقية صالح من كتف لآخر، ضمن طريقته التي يتقنها فيما يسمى "اللعب على رؤوس الأفاعي".
من الحرب للتحالف
وفي هذا الإطار، يذكر المحلل السياسي اليمني خالد الآنسي أن صالح خدع العالم وحلفاءه السعوديين طويلا، بعد أن استثمر في دعمهم له بخوض ست حروب ضد الحوثيين، انتهت بتحالفه مع الحوثيين ضدها وضد تحالفها الساعي إلى تخليص اليمن منه ومن الحوثيين، على حد سواء.
وأضاف الآنسي أن الإشكالية الكبرى تتمثل في التحالف العربي الذي خاض ثلاث سنوات من الحرب والتدمير، ثم قدم صالح منقذا، مبينا أنه إذا صح ما يجري في صنعاء فإنها "مهزلة وفضيحة" للتحالف الذي عجز عن هزيمة الحوثيين، بينما حسمها صالح في ساعات.
الثعلب علي عبد الله صالح ليس أحمقا لكي يجهز على الحوثي حتى لو استطاع ، كيف يضيع "فزاعة الخليج" التي صنعها ومكنها من #صنعاء لكي يعود من "الخلع" على ظهر جواد الخوف والإحباط منقذا وحليفا وسلطانا على #اليمن الحزين ؟!
— جمال سلطان (@GamalSultan1) ٣ ديسمبر، ٢٠١٧
وينتهي لاعتبار ما يجري بأنه "أكذوبة استخدمت للنصب والاحتيال على دماء اليمنيين"، أو مسرحية تفتقر إلى الإخراج الجيد.
ووسط هذا المشهد المتحول في اليمن، فإن مراقبين يرون أن السعودية انصاعت للوصفة الإماراتية لإعادة تأهيل صالح للوصول لنتيجة تضع بأي ثمن نهاية لحرب كلفتها مئات المليارات من الدولارات، ونالت من سمعتها الدولية، بعد أن باتت مادة لتقارير الأمم المتحدة، في حين انتهت أبو ظبي من ترتيب أمور نفوذها في الجنوب والغرب.
علي عبدالله صالح .. مدرسة سياسية من نوع خاص .. تجربته لا تقوم على أساس البقاء للأقوى .. بل على أساس البقاء للأكثر مكراً ودهاءاً. #اليمن_الآن
— ايمان الحمود (@imankais1) ٢ ديسمبر، ٢٠١٧
وفي انتظار نتيجة مغامرة إعادة تأهيل صالح، لا يبدو أن اليمنيين يأملون سوى نهاية حرب زادت من بؤس السنوات العجاف التي عاشوها تحت حكم رئيس ثاروا عليه، ليعود لهم من جديد، بعد أن أعادته السعودية بداية ثورتهم بوجه جديد غير الذي أحرقته محاولة الاغتيال الفاشلة.