ماراوي الفلبينية.. حلم تنظيم الدولة الذي لم يكتمل

An Armoured Personnel Carrier (APC) and government troops stand on guard in front of damaged buildings and houses after 100 days of intense fighting between soldiers against insurgents from the Maute group, who have taken over parts of Marawi city, southern Philippines August 30, 2017. REUTERS/Froilan Gallardo
الجيش الفلبيني أثناء حملته العسكرية في ماراوي (رويترز-أرشيف)

محمود العدم

اندلعت شرارة الأحداث في ماراوي الفلبينية ذات الأغلبية المسلمة يوم 23 مايو/أيار الماضي عندما حاصر المئات من المسلحين المدينة، عقب محاولة القوات الحكومية القبض على قيادي محلي من جماعة "ماوتي" الموالية لـ تنظيم الدولة الإسلامية منذ عام 2015.

وقبل الحديث عن أحداث عام 2017 بالمدينة الواقعة في جزيرة مندناو جنوبي البلاد، تجدر العودة قليلا إلى الوراء للتعرف على كيفية نشوء تنظيم الدولة هناك.

فمع حصول الفلبين على استقلالها طالبت الأغلبية المسلمة في مندناو بإقامة حكم ذاتي، وخاضت منذ بداية سبعينيات القرن الماضي تمردا استمر عقودا وأسفر عن أكثر من مئة ألف قتيل، وقد مثلت جبهة التحرير الوطنية (مورو) العنوان السياسي والعسكري في ذلك التمرد.

وعام 1976 وقعت الجبهة اتفاقا في العاصمة الليبية طرابلس نص على منح المسلمين حكما ذاتيا محدودا في الجنوب، وهو ما عجل بانشقاق الجبهة عام 1977، مما أطال أمد النزاع بالإقليم. وبدعم من منظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي، عادت الجبهة للتوحد عام 2000 وحملت اسم جبهة مورو الإسلامية.

وعام 2014 أعلنت الجبهة تخليها عن السلاح، وتفكيك قوتها المقاتلة، ووقعت اتفاق سلام عام 2014 مع الرئيس السابق بنينو أكينو مقابل منحها مقاليد إدارة الاقتصاد والثقافة والسياسة بالمنطقة، لكن الكونغرس الفلبيني رفض حينها تمرير مشروع.

‪آثار الدمار الناجمة عن الاشتباكات في ماراوي‬ آثار الدمار الناجمة عن الاشتباكات في ماراوي (رويترز)
‪آثار الدمار الناجمة عن الاشتباكات في ماراوي‬ آثار الدمار الناجمة عن الاشتباكات في ماراوي (رويترز)

موقف الكونغرس لم يمنع الجبهة من تجديد التزامها ببنود الاتفاق في يناير/كانون الثاني 2015، مما أدى إلى إعلان الجيش الحكومي وقف عملياته العسكرية ضدها بعد ثلاثة أشهر.

ولكن فصائل صغيرة بدأت التمرد وتشكيل أطر عسكرية خاصة، ومنها منظمة "ماوتي" المسلحة التي تأسست عام 2012 بزعامة عبد الله ماوتي وشقيقه عمر، وأعلنت مبايعتها لتنظيم الدولة في أبريل/نيسان 2015.

حرب 2017
شهدت ماراوي معارك مدمرة بين الجيش وجماعة ماوتي، على خلفية محاولة القوات الحكومية القبض على قيادي من الجماعة.

وقالت الحكومة إنها لدى محاولتها القبض على القيادي قام عناصر ماوتي بإحراق مبان ومنازل، واستولوا على مستشفى بالمدينة واشتبكوا مع الجيش.

وأظهرت صور نشرت على مواقع التواصل رجالا مسلحين يجولون بالمدينة بأعلام سوداء لتنظيم الدولة.

وأعلن رئيس البلاد رودريغو دوتيرتي الأحكام العرفية بإقليم مندناو بعد احتدام القتال في ماراوي، وبعد ذلك عاد دوتيرتي ليعلن أنه على استعداد للحوار مع جماعة ماوتي، لكن تراجع عن ذلك لاحقا.
ثم تطورت الأحداث لاحقا إلى حرب استمرت خمسة أشهر ونتج عنها فرار غالبية سكان المدينة ومئات القتلى والجرحى، ودمار واسع في بنيتها التحتية ومنشآتها العمومية.

وبعد خمسة أشهر من اندلاع المعارك، وتحديدا يوم الـ 23 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت الفلبين انتهاء المعارك في مدينة ماراوي بعد القضاء على آخر ما تبقى من مسلحي جماعة ماوتي.

وتسببت الاشتباكات بمقتل نحو ألف عنصر من الجماعات المسلحة، و165 من الجنود و45 مدنيا، إضافة لنزوح ثلاثمئة ألف شخص، ومع نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي سمحت الحكومة بعودة تدريجية للنازحين من مدينة ماراوي.

حكم ذاتي
وبعد نحو شهرين من المعارك، عرض دوتيرتي الحكم الذاتي على الأقلية المسلمة في محاولة لإقناعها برفض تنظيم الدولة.

وتعهد الرئيس بحض الكونغرس على تمرير مشروع قانون "بانغسامورو الأساسي" الذي قدمه إليه مسؤولون بالحكومة بالاشتراك مع الجبهة، وقال في خطاب أمام مسؤولين من الحكومة وقادة الجبهة إن هذه اللحظة "تشكل خطوة مهمة إلى الأمام في سعينا إلى إنهاء قرون من الكراهية وعدم الثقة".

وأكد رئيس جبهة مورو مراد إبراهيم أن "هؤلاء الأشخاص الذين ضلوا الطريق قد ملؤوا الفراغ الذي خلقه فشلنا في إقرار القانون الأساسي، وباتوا يستغلون الإحباط الذي يشعر به أبناء شعبنا" في إشارة إلى المقاتلين الذين انضموا لتنظيم الدولة.

من جهتها، أشارت كبيرة المفاوضين من قبل الحكومة إيرين سانتياغو إلى أن مانيلا تتوقع تمرير مشروع القانون في غضون عام، وقالت إن "الأشهر الـ 12 المقبلة مليئة بالفرص، لكنها محفوفة كذلك بكثير من المخاطر".

المصدر : الجزيرة