من يحول دون توحيد الجيش الليبي؟

صور المشاركين في لقاءات القاهرة – صفحة الناطق باسم عملية الكرامة
جانب من المشاركين في اجتماع القاهرة لتوحيد الجيش الليبي (الجزيرة)
فؤاد دياب-الجزيرة نت

شكك خبراء عسكريون ومحللون للشأن الليبي في نجاح اجتماع القاهرة الهادف لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، برعاية مصرية ومشاركة ممثلين عن القيادة العامة لقوات عملية الكرامة التابعة للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر وقيادات عسكرية من غرب البلاد وتحديدا من مدينة مصراتة.

وأجمع هؤلاء على أن أبرز الأسباب التي تحول دون نجاح هذا المسعى هو الجانب المصري، الذي يعد راعيا للاجتماع وفي الوقت نفسه طرفا في الأزمة الليبية، من خلال دعمه الجنرال حفتر، بالإضافة إلى الانقسام الحاصل في ليبيا.

ومن أبرز المشاركين في اجتماع القاهرة -الذي عقد في الفترة من 29 أكتوبر/تشرين الأول إلى 2 نوفمبر/تشرين الثاني- العميد أحمد المسماري والعميد إدريس مادي، و17 ضابطا جرى تكليفهم من المجلس الرئاسي، أبرزهم العميد سالم جحا من مدينة مصراتة.

واتفق الحاضرون على تشكيل مجموعة من اللجان الفنية المتخصصة لبحث آليات توحيد المؤسسة العسكرية ودراسة كافة الشواغل التي تدعم تحقيق هذا المسار، إضافة إلى معاودة اللقاء في القاهرة لاستكمال المشاورات.

وتشكلت اللجنة المصرية المعنية بليبيا في أغسطس/آب الماضي بقرار من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقد أسند رئاستها إلى رئيس أركان القوات المسلحة المقال محمود حجازي، الذي كان مسؤولا عن التعاون العسكري مع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وقد سعت الحكومات المتعاقبة بعد الثورة الليبية للعمل على تأسيس مؤسستي الجيش والشرطة، وتوحيد الكتائب المسلحة التي تشكلت إبان الثورة ودمجها مع ما تبقى من وحدات الجيش الليبي؛ إلا أن مساعي هذه الحكومات لم تنجح.

وزاد من صعوبة بلوغ هذا المسعى، تعدد الشرعيات في ليبيا وانقسام مؤسسات الدولة وظهور الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في المشهد العسكري.

 المنقوش: الضباط المشاركون في الاجتماع لا يملكون أي سلطة تنفيذية(الجزيرة)
 المنقوش: الضباط المشاركون في الاجتماع لا يملكون أي سلطة تنفيذية(الجزيرة)

وتعليقا على اجتماع القاهرة، اعتبر رئيس الأركان العامة الأسبق اللواء المتقاعد يوسف المنقوش أن التركيز على مثل هذه اللقاءات في هذا التوقيت، يهدف لإيصال رسالة مفادها أن هناك توافقا على انضواء المؤسسة العسكرية تحت القوات المتمركزة في شرق البلاد.

لكنه نفى وجود مثل هذا التوافق لأن الضباط المشاركين لا يملكون أي سلطة تنفيذية، وهم فقط مجموعة تستطيع تقديم رؤى نظرية، بحسب قوله.

واستبعد المنقوش إمكانية التعاون بين طرفي النزاع، خصوصا بعد القصف الذي تعرضت له مدينة درنة والعثور على المقبرة الجماعية في مدينة الأبيار، مشيرا إلى أن أغلب منتسبي الجيش في غرب ليبيا يحمّلون قيادة عملية الكرامة مسؤولية ما حدث.

إستراتيجية التسويف
أما الخبير العسكري من طرابلس عادل عبد الكافي، فقد رأى في لقاء القاهرة جزءا من إستراتيجية "تسويف وتشتيت" مجهودات الجيش داخل البلاد، وعرقلة المبادرات وحراك الضباط الذين تقدموا بمبادرات لتوحيد المؤسسة العسكرية وتنظيمها.

وكان عدد من ضباط الجيش في مدينة مصراتة قد أعلنوا في التاسع من أغسطس/آب الماضي، تزامنا مع الذكرى الـ77 لتأسيس الجيش الليبي؛ مبادرة من أجل تنظيمه وتوحيده وإعادة هيكلته بالشكل المتعارف عليه دوليا، لاقت ردود فعل تفاوتت بين الرفض والترحيب.

ونصت مبادرة ضباط مصراتة على أهمية مدنية الدولة والتداول السلمي على السلطة، والنأي بالمؤسسة العسكرية عن أي نزاع أو انقسام سياسي، والاهتمام بتأمين الحدود وسلامة أراضي البلاد.

‪عادل عبد الكافي شكك في نجاح اجتماع القاهرة‬ (الجزيرة)
‪عادل عبد الكافي شكك في نجاح اجتماع القاهرة‬ (الجزيرة)

وشكك عبد الكافي -في حديثه للجزيرة نت- بقدرة المشاركين في لقاءات القاهرة على توحيد مؤسسة الجيش وفرض أي اتفاق يجري بينهم على جميع الأطراف، وذلك بسبب عدم إيضاح موقفهم من مكانة خليفة حفتر في جهود التسوية.

وشدد عبد الكافي على أن ضباط المنطقة الغربية المشاركين لا يمثلون إلا أنفسهم، عازيا ذلك إلى وجود تشكيلات عسكرية في المنطقة الغربية منها ما يتبع حكومة الوفاق ومنها غير ذلك، لكن العامل المشترك بينها جميعا هو معارضتها لحفتر.

الخلاف الكبير
من جهته، استبعد عضو لجنة الدفاع في مجلس النواب في طبرق عمر غيث إمكانية توحيد المؤسسة العسكرية في ظل الخلاف السياسي الكبير وعدم وجود صيغ توافقية في الطبقة السياسية، معتبرا جهود التوحيد أمرا صعبا لن يفضي إلى نتيجة.

أما الباحث في الشؤون العسكرية بمصراتة سليمان بن صالح، فقد وصف المشهد العسكري الليبي بـ"المعقد"، مشيرا إلى أن حله لن يتأتى من خلال لقاءات القاهرة، مبررا وجهة نظره بوجود "حفتر في المشهد العسكري الذي يستغل الوضع المتأزم من أجل استخدامه مطية للوصول إلى كرسي السلطة".

ويرى الباحث أن لقاءات القاهرة محاطة بالكثير من علامات الاستفهام، أهمها أنها تعقد على أرض "غير محايدة"، مما يجعل دعم الجانب المصري لطرف دون آخر أمرا مؤكدا لا جدال فيه، وفق تعبيره.

المصدر : الجزيرة