النظام السوري يدرس إعادة التربية العسكرية للمدارس

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لطلاب سوريين قبل العام 2003
صورة متداولة على مواقع التواصل لطالبات سوريات بالزي العسكري قبل عام 2003

سلافة جبور-دمشق

قد تبدو الحرب في سوريا كأنها تعيش فصولها الأخيرة، لكن الحياة داخل هذا البلد الممزق قد لا تعود كما كانت مع طغيان المظاهر العسكرية على مختلف مظاهرها، ولعل آخرها إعلان حزب البعث الحاكم مناقشة إعادة التربية العسكرية للمدارس، تزامنا مع الاحتفالات بذكرى تأسيس منظمة شبيبة الثورة التابعة للحزب.

وقال الأمين القُطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي هلال الهلال إن الحزب يدرس حاليا "إعادة التربية العسكرية للمناهج واللباس المدرسي بطريقة تتناسب مع الوضع الحالي والتطور الحضاري"، كما ناقشت مؤسسات حكومية أخرى مؤخرا هذا الأمر "لغرس قيم الانتماء والمواطنة في نفوس الشباب وتسخيرهم لخدمة الغايات المنشودة".

ففي اجتماعات مجلس نقابة المعلمين المركزي منتصف الشهر الحالي، نوقشت هذه الفكرة "كضرورة في الحرب الكونية التي تعيشها سوريا"، كما أيدت شُعب الحزب والمنظمات العمالية هذا الطرح بحسب ما نشرته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معللة ذلك بأنه "تفعيل لمنظمات حزب البعث ودورها في المجتمع السوري من جديد، وإعادة لهيبة الدولة والقطاع التربوي". 

‪منذ عام 2003 يرتدي الطلاب أزياء مدنية موحدة‬ (الجزيرة)
‪منذ عام 2003 يرتدي الطلاب أزياء مدنية موحدة‬ (الجزيرة)

مظاهر بعثية
ويعود تاريخ دخول التربية العسكرية لمدارس سوريا إلى سبعينيات القرن الماضي، حين فرض حزب البعث اللباس العسكري على طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية، وأدخل مادة التربية العسكرية على مناهج هاتين المرحلتين التابعتين لمنظمة شبيبة الثورة.

وتضمنت المادة حصصا عسكرية نظرية وأخرى عملية، كالتدريب على فك وتركيب واستعمال السلاح. كما ترافقت مع مادة التربية القومية التي تتمحور دروسها بشكل أساسي حول مبادئ ومنطلقات الحزب و"إنجازاته".

ويقول الناشط الإعلامي عمر الشامي للجزيرة نت "كانت مدارسنا تشبه الثكنات العسكرية بكل ما فيها، حتى بشكل صفوفها وتصرفات العاملين فيها"، ويضيف أن الشوارع كانت تبدو وكأنها تشهد عرضا عسكريا عندما يخرج الطلاب مدارسهم بأزياء عسكرية وجوارب وأحذية سوداء.

ويؤكد الشامي أن عقوبات شديدة كانت تطبق ضد أي طالب ينسى إحدى ملحقات الزي كالقبعة أو الحزام.

وعن مدارس الفتيات، تقول رامة -وهي سيدة ثلاثينية- للجزيرة نت إن الطالبات كن يعشن حالة من الرعب اليومي الذي يزداد في حصص التربية العسكرية التي قد تتحول لساعة كاملة من العقوبات في حال غضب المدربة.

وتتراوح تلك العقوبات بحسب رامة بين الزحف على الأرض، إلى التدريبات العسكرية القاسية، مضيفة أن بعض الفتيات اللواتي كن يتجرأن على مخالفة قواعد اللباس أو يبدين اهتماما استثنائيا بشعرهن وأظافرهن فكان نصبيهن الإجبار على غسل الشعر أمام بقية الطالبات وحفّ الأظافر بالجدران الخشنة.

‪إحدى مدارس دمشق‬ (الجزيرة)
‪إحدى مدارس دمشق‬ (الجزيرة)

مطالب قديمة
وفي عام 2003، ألغيت مادة التربية العسكرية وكل المظاهر المرافقة، واستبدلت بأنشطة تشرف عليها شبيبة الثورة، كما استبدل اللباس العسكري بآخر ذي ألوان رمادية وكحلية، كجزء من "مسيرة الإصلاح والانفتاح على الغرب" التي قادها رئيس النظام بشار الأسد.

ويقول الناشط الشامي إن الكثير من الطلاب تفاءلوا حينها بعودة مظاهر الحياة المدنية بعد اختفاء دام عقودا وتكرس خصوصا إثر انتفاضة الثمانينيات التي قمعها حافظ الأسد، معتبرا أن عودة هذه المظاهر اليوم تتزامن مع الدعاية المكثفة التي يبثها النظام حول إنجازاته العسكرية.

ويرى الناشط الإعلامي أن هذه الطروحات ليست بالجديدة، فقد اقترحتها محافظة دمشق منتصف عام 2011، لكن اللافت للنظر هو مدى تأييد أنصار النظام لهذه الفكرة اليوم، حسب قوله.

ويضيف أن كثيرا من أنصار النظام يرون أن "التسيب الذي شهدته المدارس السورية في عهد بشار الأسد كان من أهم أسباب وصول البلاد إلى ما هي عليه اليوم، وأنه لا حل إلا بالعودة لنهج حافظ الأسد الملتزم".

المصدر : الجزيرة