جدل بتونس بشأن العائدين من بؤر الاضطرابات

هجوم تونس تنظيم الدولة تبنى
مقطع من فيديو بثه تنظيم الدولة الإسلامية لتونسي تبنى تفجيرا بتونس (الجزيرة)

خميس بن بريك-تونس

عمّق الجدل بشأن عودة التونسيين من بؤر الاضطرابات مخاوف حقوقيين من فرض إجراءات "قاسية" في حق المشتبه بانتمائهم لتنظيمات "إرهابية". وردت جهات رسمية في تونس على تلك المخاوف بالتأكيد على أن التعامل مع العائدين سيتم وفق احترام القانون وحقوق الإنسان.

وتثير مسألة العائدين جدلا متصاعدا، بين من يؤيد استقبالهم ومحاكمتهم في تونس وبين من يرفض أصلا عودتهم. وحسم رئيس الحكومة يوسف الشاهد الجدل معلنا رفض عودتهم وتطبيق قانون "الإرهاب" ضدهم.

تصريح الشاهد أثار استنكار رئيس مرصد الحقوق والحريات بتونس أنور أولاد علي الذي اعتبره "تدخلا في الشأن القضائي" معتبرا أن "بعض الانتهاكات الحاصلة كان سببها التهويل الإعلامي أو الضغط السياسي على القضاء".

وبحكم اطلاعه على بعض الملفات القضائية، أكد أولاد علي أن أغلب المشتبه بارتكابهم جرائم "إرهابية" أو انتمائهم لتنظيمات متطرفة "تعرضوا للتعذيب أو نزع الاعترافات أو وضعوا تحت الإقامة الجبرية أو حرموا من السفر أو التنقل داخل البلاد".

‪أولاد علي دعا لاستقبال العائدين من بؤر‬ أولاد علي دعا لاستقبال العائدين من بؤرالاضطرابات استقبالا قضائيا عادلا (الجزيرة)
‪أولاد علي دعا لاستقبال العائدين من بؤر‬ أولاد علي دعا لاستقبال العائدين من بؤرالاضطرابات استقبالا قضائيا عادلا (الجزيرة)

وطبقا لمعطيات رسمية، يخضع أكثر من ثلاثمئة مشتبه به للإقامة الجبرية. ويرتبط هذا الإجراء -الذي تم تفعيله عقب تفجير حافلة للأمن الرئاسي العام الماضي- بقانون حالة الطوارئ الذي يخول لوزارة الداخلية تقييد حركة المشتبه بهم.

استقبال قضائي
وقال أولاد علي بهذا الصدد إن تطبيق هذه الإجراءات "لا يرتكز على معايير مضبوطة أو إثباتات". ودعا إلى "استقبال العائدين من بؤر الاضطرابات استقبالا قضائيا عادلا لمحاكمتهم حالة بحالة، حتى لا يتسلل بعضهم عبر الحدود بدافع الانتقام".

ووفق الخبير في القانون جوهر بن مبارك، توجد في تونس ترسانة قانونية متكاملة للتعامل مع "الظاهرة الإرهابية" بينها الدستور وقانون مكافحة "الإرهاب" وغيل الأموال والمجلة الجزائية ومجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.

ورغم أن أحزابا سياسية -مثل حركة نداء تونس الفائزة بالانتخابات الماضية- ترفض عودة التونسيين من مناطق الاضطرابات، يؤكد بن مبارك لـ الجزيرة نت أنه "لا يمكن لأحد وفق الدستور أن يمنع عودتهم بصفة طوعية أو عبر ترحيلهم من الخارج".

ولم يستبعد الخبير القانوني تسجيل بعض الانتهاكات خلال التعامل مع المشتبه بارتكابهم "جرائم إرهابية" أو العائدين من بؤر النزاعات، معتبرا أن منظمات المجتمع المدني انتقدت سابقا "ثغرات في قانون الإرهاب تسمح بوقوع تجاوزات".

‪مصباح: أحلنا أكثر من 190 مشتبها به‬ مصباح: أحلنا أكثر من 190 مشتبها به إلى القضاء (الجزيرة)
‪مصباح: أحلنا أكثر من 190 مشتبها به‬ مصباح: أحلنا أكثر من 190 مشتبها به إلى القضاء (الجزيرة)

تعامل قانوني
وردا على تلك الانتقادات، يقول المكلف بالإعلام في الداخلية ياسر مصباح إن "الوزارة تقوم بكل ما يسمح القانون بفعله لمنع أي هجمات إرهابية" مؤكدا أن التعاطي الأمني مع ملف "الإرهاب" يتم في إطار "احترام القانون وحقوق الإنسان".

وحول طريقة التعامل الأمني مع العائدين من بؤر النزاع، قال مصباح للجزيرة نت إن الداخلية أحالت أكثر من 190 مشتبها به إلى القضاء، ينما وضع 137 آخرون تحت الإقامة الجبرية، ويخضع البقية للمراقبة الإدارية والأمنية.

ووفق تصريحات لوزير الداخلية الهادي مجدوب، عاد ثمانمئة تونسي من بؤر النزاعات من جملة ما يناهز ثلاثة آلاف تقدر السلطات أنهم سافروا للقتال بمناطق في سوريا والعراق وليبيا. وينحدر هؤلاء العائدون من مناطق مختلفة في تونس، لكن أغلبهم من أحياء شعبية متاخمة للعاصمة.

موقف واضح
بدوره، يقول المتحدث باسم الحكومة إياد الدهماني إن موقف الحكومة كان واضحا إزاء عودة التونسيين من بؤر النزاعات، مؤكدا أن "تونس لا تسعى لاسترجاعهم وأنها لم تعقد أي اتفاق مع أي طرف لتنظيم عودتهم".

وأفاد الدهماني للجزيرة نت أن الحكومة لديها قائمة بهويات التونسيين في مناطق الاضطرابات وأنها ستتعامل معهم -في حال عودتهم- وفق مقتضيات الدستور، وستتم محاكمتهم وفق قانون "الإرهاب" مع توفير شروط المحاكمة العادلة وحق الدفاع واحترام حقوق الإنسان.

يُشار إلى أن تونس صادقت على أغلب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التابعة لـ الأمم المتحدة، كما وضعت تشريعات موافقة للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وضمنت في الدستور عدم سقوط جريمة التعذيب بمرور الزمن.

المصدر : الجزيرة