شكوك ألمانية في التوصل لتسوية للصراع السوري

German Foreign Minister Frank-Walter Steinmeier speaks at a press conference with Croatian Foreign Minister Davor Stier (not seen) at the Federal Foreign Office in Berlin, Germany, 14 December 2016.
فرانك فالتر شتاينماير: إحلال السلام بسوريا يحتاج ما هو أكثر من غياب المواجهات العسكرية (الأوروبية-أرشيف)

خالد شمت-برلين

اتفق خبراء ألمان بارزون مختصون في قضايا الشرق الأوسط والعالم العربي، مع وزير خارجيتهم فرانك فالتر شتاينماير في تشكيكه بإمكانية تحقيق تسوية دائمة للصراع في سوريا، رغم الوقف الحالي لإطلاق النار الذي تم التوصل إليه هناك باتفاق بين روسيا وتركيا.

وقال شتاينماير في مقابلة مع صحيفة راينشه بوست الألمانية، إن الدرس المستفاد من محاولات الهدن الفاشلة في الفترة الأخيرة هو أن إحلال السلام يحتاج ما هو أكثر من غياب المواجهات العسكرية.

واعتبر أن إنهاء المعارك في سوريا بشكل دائم غير ممكن دون مفاوضات سياسية حقيقية ومشاركة كل الفاعلين الرئيسيين في هذه الأزمة.

وبموازاة تصريحات رئيس الدبلوماسية الألمانية، شددت وزارته ولجنة الخارجية بالبرلمان الألماني (بوندستاغ) على عدم تغيير برلين موقفها الرافض لأي دور لبشار الأسد في مستقبل سوريا، واعتبارها أن رئيس النظام السوري مجرد أداة لروسيا وإيران وليس فاعلا مؤثرا في أزمة بلاده.

 

‪‬ أودو شتاينباخ: طهران ستلعب بورقة التخلي عن الأسد إن ألغى ترمب اتفاق برنامجها النووي(الجزيرة نت)
‪‬ أودو شتاينباخ: طهران ستلعب بورقة التخلي عن الأسد إن ألغى ترمب اتفاق برنامجها النووي(الجزيرة نت)

هزيمة لأوروبا
وقال رئيس قسم الشرق الأوسط بجامعة فيدرينا الألمانية البروفيسور أودو شتاينباخ إن خيبة أمل شتاينماير تجاه الاتفاق الروسي التركي طبيعية.

وعزا ذلك لتفرد موسكو وأنقرة بتحديد كيفية إنهاء المأساة بسوريا، وتمهيد الطريق للمستقبل السياسي بهذا البلد، وكسب تأثير في الشرق الأوسط،، وهذا يمثل هزيمة مؤلمة من وجهة نظر ألمانيا وأوروبا والولايات المتحدة.

وأشار شتاينباخ في تصريح للجزيرة نت إلى أن تمكن روسيا وإيران عبر هذا الاتفاق من فرض تصوراتهما بدور مستقبلي للأسد حتى في مرحلة انتقالية على الأقل، يجعل الغرب خاسرا بهذا الاتفاق، لأنه أكد مرارا رفضه أي دور "للدكتاتور السوري".

وذكر أن ترجيح وجود تصورات للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب تجاه الأزمة السورية تختلف عما لدى الأوروبيين، واحتمال توافق ترمب مع الروس والأتراك بشأن كيفية حل هذه الأزمة،  سيجعل الاتحاد الأوروبي معزولا وفاقدا للتأثير بسوريا والشرق الأوسط.

وأكد الخبير السياسي الألماني أن تفاقم الخلاف بين إيران وروسيا -التي لا تريد ولا تستطيع مواصلة الانزلاق في المستنقع السوري- بشأن دعم بشار الأسد واقع لا محالة، وتوقع أن يؤدي إلغاء الرئيس الأميركي الجديد لاتفاق البرنامج النووي الإيراني إلى إرغام طهران على اللعب معه بورقة إسقاط الأسد.

وخلص شتاينباخ إلى أن البدء بمفاوضات لحل سياسي دائم للصراع السوري متوقف على نجاح موسكو في لجم الأسد وإرغامه على الالتزام بوقف إطلاق النار، واعتبر أن إصرار الأسد على مواصلة إستراتيجيته وسعيه لنقل سيطرته على الأرض من دمشق لباقي الأراضي السورية يعني استمرار الحرب.

وفي السياق نفسه استبعد رئيس قسم العالمين العربي والإسلامي في صحيفة فرانكفورتر تسايتونغ الألمانية راينر هاينريش نجاح الاتفاق الروسي التركي في تحقيق سلام مستدام بسوريا رغم وقف إطلاق النار، وأوضح أن هذا الاتفاق يعكس تفاهما بين طرفيه ولا يعبر عن اهتمامات الفاعلين المحليين والإقليميين والدوليين الآخرين.

‪راينر هاينريش: التوافق الروسي التركي بسوريا لا يعبر عن اهتمامات القوى الفاعلة الأخرى‬ (الجزيرة نت)
‪راينر هاينريش: التوافق الروسي التركي بسوريا لا يعبر عن اهتمامات القوى الفاعلة الأخرى‬ (الجزيرة نت)

حسابات تركيا
ورأى هاينريش في تصريح للجزيرة نت، أن تركيا سعت لهذا التوافق مع روسيا بعد إدراكها مبكرا أن حصول موسكو على مساحة أكبر للعب بسوريا بعد تولي ترمب السلطة، سيضيق مساحة تأثيرها هي في هذه الساحة.

وقال إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لن يتمكن بحال خلال مؤتمر أستانا من الحصول على موافقة المعارضة السورية على أي حل يكون للأسد دور فيه.

وأشار الصحفي الألماني -الذي كان قد أجرى مقابلة مع الأسد قبل عامين- إلى أن حسابات روسيا بالبحث عن حل للأزمة السورية مختلفة عن إيران "التي تعتبر سوريا قاعدة أساسية في مشروعها للهلال الشيعي"، ولفت إلى أن موسكو مهتمة بالحفاظ على النظام السوري وستتخلى عن الأسد إن وجدت بديلا آخر له.

ومن جانبه رأى مدير مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن والسياسات الدفاعية فولفغانغ إيشينغر أن ما حققته روسيا من وقف لإطلاق النار بسوريا هو نجاح تكتيكي للسياسة الخارجية لموسكو، لن يجعلها قادرة على إحلال السلام بالبلد العربي المضطرب أو محيطه.

واعتبر إيشينغر أن روسيا ورطت نفسها في سوريا بوضع لا تحسد عليه وبمشكلة ستنهكها، وأوضح أن الأكثرية السنة في سوريا والعالم العربي ترفض الأسد وفرض روسيا لنفسها حامية "لهذا الدكتاتور".    

المصدر : الجزيرة