تواصل الخلافات حول تعديل الاتفاق السياسي الليبي

لجنة الحوار السياسي الليبي تتفق على إعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتولي مجلس خاص منصب قائد الجيش
لجنة الحوار السياسي الليبي اجتمعت مؤخرا في تونس وقدمت مقترحات لتعديل الاتفاق السياسي(الجزيرة)
وديان عبد الوهاب-طرابلس

اتفقت بعض أطراف الحوار السياسي الليبي في جلسة تشاورية على إعادة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني من ثلاثة أعضاء، واختيار رئيس حكومة من خارج أعضاء المجلس الرئاسي، تتولى وزارته الاختصاصات التنفيذية المنصوص عليها في اتفاق الصخيرات، بيد أن هذا الاتفاق لم يحظ بالإجماع، ولم تقره قوى فاعلة في الساحة الليبية.

وحسب المقترح الجديد، يتولى منصب القائد الأعلى للجيش، ويمارس مهامه، مجلس مكون من رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة، وعضو من المجلس الرئاسي يختاره أعضاء المجلس لاحقا.

كما نصّ على إعادة تشكيل المجلس الأعلى للدولة، بحيث يضم كل أعضاء المؤتمر الوطني المنتخبين في يوليو/تموز 2012.

إلا أن الصيغة النهائية للمقترح لم تحظ بتوقيع جميع الحاضرين، فضلا عن غياب وفد مجلس النواب الليبي عن الجلسة، بدعوى انتخاب ممثلين جدد للبرلمان في الحوار السياسي.

‪فضيل الأمين قال إنه رفض التوقيع بسبب انتهاء عمل لجنة الحوار‬ (صفحة الأمين بموقع فيسبوك)
‪فضيل الأمين قال إنه رفض التوقيع بسبب انتهاء عمل لجنة الحوار‬ (صفحة الأمين بموقع فيسبوك)

رفض التوقيع
وقال عضو فريق الحوار السياسي فضيل الأمين للجزيرة نت إنه رفض توقيع مقترح تعديل الاتفاق السياسي بسبب انتهاء عمل لجنة الحوار منذ تقديم اتفاق سياسي يحتاج إلى تفاوض بين الأطراف الأساسية، وهي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وما وصفها بالقيادة العامة للجيش (قيادات عملية الكرامة) والأطراف الفاعلة على الأرض.

ووصف الأمين محاولة بعض الأطراف السياسية، التي قال إنها تبحث عن دور لها في مشهد استباقي جديد، بالاستخدام السياسي المصلحي للجنة الحوار، وقال إن ذلك يتضح بادعائها تمثيل إقليم أو منطقة أو تيّار سياسي بشكل حصري.

ويعتقد عضو فريق الحوار بأن مشكلة البلاد لا تكمن في من يقودها من شخصيات، إنما في أجهزة الدولة نفسها، التي يجب إصلاحها أولا قبل قبول شخصية ما من داخل أو خارج المشهد السياسي، حسب تعبيره.

وقال الأمين إن بعض دول الجوار حاولت استغلال جلسات الحوار التي جرت في تونس مؤخرا لتمرير أجندتها، وإن ذلك قُوبل بالرفض، لكنه يأمل عدم إجهاض مبادرة مصر وإحدى دول الجوار، التي تصب في مصلحة الاتفاق السياسي، حسب قوله.

‪سلطنة المسماري قالت إن الليبيين يحتاجون فقط لدعم لوجستي من المجتمع الدولي‬ (صفحة النائبة بموقع فيسبوك)
‪سلطنة المسماري قالت إن الليبيين يحتاجون فقط لدعم لوجستي من المجتمع الدولي‬ (صفحة النائبة بموقع فيسبوك)

دول الجوار
من جهتها، عبرت سلطنة المسماري عضو مجلس النواب (المنعقد في طبرق شرقي ليبيا) عن أملها في التزام دول الجوار الليبي بما يتوافق عليه أطراف الحوار من تعديلات على نصوص الاتفاق السياسي، وأن يخضع المجتمع الدولي بدوره لإرادة الليبيين ورؤيتهم الخاصة لحل الأزمة.

وقالت إن أطراف الحوار الأساسيين غير ملزمين بإرادة المجتمع الدولي، إنما يحتاجون لدعم لوجستي فقط، وإن على هذه الدول ألا تملي على الليبيين ما يجب فعله.

وتعتقد النائبة الليبية بأن مجلس النواب هو الضامن الحقيقي لكل الجهات والتيارات على اختلافها "لأنه نجح في استيعاب الجميع، وبالتالي من حقّه أن يتمسك بصفة القائد الأعلى"، حسب تعبيرها.

وهي تقترح إبعاد مؤسسة الجيش وشخصيّة اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن أي تجاذبات سياسية، وقالت إن الحوار لا بد أن يهتم بإيجاد تسوية حول الاتفاق السياسي وتشكيل حكومة الوفاق كأولوية.

‪وليد ارتيمة: الملف الليبي يمثل‬ (الجزيرة)
‪وليد ارتيمة: الملف الليبي يمثل‬ (الجزيرة)

تعديل الاتفاق
أما المحلل السياسي وليد ارتيمة فحذر من تهوين الخلافات حول حفتر، وقال إن الأخير سيبحث عن غطاء دولي يدخله تحت مظلة الاتفاق السياسي عبر تقوية موقفه التفاوضي مع الغرب بادعائه محاربة الإرهاب.

ويرى ارتيمة أن المشهد السياسي الليبي المتداخل جعل فتح الاتفاق السياسي وتعديله ضروريا لمواءمة نصّه مع الواقع الجديد ومع تغيُّر موازين القوى على الأرض.

ومردُّ ذلك -كما يقول- هو فشل المجلس الرئاسي، ورفض مجلس النواب منح الثقة للحكومة وتضمين الاتفاق في نص الإعلان الدستوري، عدا عن سيطرة حفتر على الهلال النفطي واستعادة قوات عمليّة البنيان المرصوص مدينة سرت من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية.

وأشار ارتيمة إلى أن الملف الليبي يشكل كابوسا لتونس و الجزائر اللتين تتخوفان من أن تفجر الخلافات مواجهات مسلّحة بطرابلس، وتزيد الفوضى التي قد تستقطب عناصر تنظيم الدولة الفارين من سرت، وقال إنهما ستدعمان أي حلّ توافقي ينهي الخلافات، وهو عكس ما تريده مصر الداعمة لمشروع حفتر، حسب رأيه.

المصدر : الجزيرة