ورقة التسوية السنية تغضب التحالف الوطني بالعراق

جلسة البرلمان العراقي
يسعى السنة بالعراق لطرح تسوية تتضمن رغبتهم في تجميد عدد من القوانين محل الخلاف (الجزيرة)

الجزيرة نت-بغداد

في الوقت الذي تستعد فيه القوى السنية العراقية لطرح ورقة تسوية تتضمن رؤيتها الخاصة لحل الخلافات السياسية والأمنية لمرحلة ما بعد تنظيم الدولة الإسلامية، تشكك أطراف في التحالف الشيعي في إمكانية قبول الورقة بصيغتها المطروحة، مؤكدة أن الأخير لن يتنازل عن استحقاقاته الدستورية "كمكون يملك الأغلبية لحكم البلاد".

وكانت مصادر مقربة من تحالف القوى العراقية (التي تضم أغلب الكتل السنية)، قد كشفت عن وجود ورقة غير رسمية للتسوية، يسعى السنة لطرحها خلال المرحلة المقبلة، تعبر عن رغبتهم في تحقيق جملة من الإجراءات، منها تجميد عدد من القوانين محل الخلاف كقانون الحشد الشعبي وقانون مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تحويل قانون المساءلة والعدالة إلى القضاء.

ونفى ذلك النائب عن تحالف القوى العراقية ظافر العاني وجود ورقة نهائية سنية للتسوية، لكنه أشار إلى حاجة السنّة إلى إجراءات تعبر عن حسن نية القائمين على التسوية التي طرحها التحالف الوطني من أجل بناء الثقة وبيان مدى جديتهم.

ظافر العاني انتقد سياسة إلغاء المكون السني(الجزيرة نت)
ظافر العاني انتقد سياسة إلغاء المكون السني(الجزيرة نت)

وقال "لدينا العديد من الشروط التي يجب على الحكومة تنفيذها قبل الدخول في تسوية تاريخية نستطيع من خلالها إنهاء الأزمات وإيجاد حلول جذرية للمشاكل والخلافات".

ولا يخفي العاني بأن المكون السني عانى الأمرين بسبب عدم تطبيق العدالة وبسبب التغيير الديمغرافي والطائفي الذي طال مناطقهم خلال المرحلة السابقة، مستدركا أن "سياسة إلغاء المكون السني تجعله يعيد النظر في الكثير من الأمور".

سطوة المليشيات
وأشار إلى أن الحكومة تقف عاجزة أمام سطوة المليشيات والجماعات المسلحة التي تمنع عودة النازحين إلى مدنهم المحررة منذ نحو سنتين، متسائلا "بعد كل ما تكبده السنة، مع من تجري التسوية، في حين تقف أطرافها عاجزة عن إعطاء المواطنين حقوقهم".

كما لفت العاني إلى أن "هناك بعض المطالب الأولية فضلا عن إجراءات أخرى نحتاجها من التحالف الوطني، تشعرنا بأن التسوية الراهنة هي تسوية حقيقية".

وعن مدى تطابق مطالبهم مع الورقة المطروحة، قال "لا أنفي أن هناك أفكارا مبدئية بشأن شكل الورقة السنية التي تتوافق جزئيا مع الورقة المتداولة".

في السياق، أكد عضو الهيئة السياسية لتحالف القوى النائب أحمد المشهداني أن الأطراف السنية تسعى إلى استكمال ورقة تسويتها التي تتضمن العديد من البنود القابلة للمناقشة والحوار.

وبشأن مسألة فرض شروط مسبقة قال "لم نشترط، لكن طالبنا بإبداء حسن النية التي تتمثل في مشاركة السنة في القرار الأمني والسياسي"، مضيفا "نحن مع وحدة العراق وأن يكون الجميع متساويين أمام القانون". 

وفيما يتعلق بمطالبتهم بإلغاء وتجميد بعض القوانين، قال المشهداني "لا نحتاج إلى القوانين الثأرية التي تولد الفرقة داخل النسيج المجتمعي العراقي"، محذرا من مغبة الاستعانة بالخارج من أجل فرض تسويات يمكن للعراقيين تحقيقها من خلال الحوار وإيجاد حلول جذرية لمشاكلهم.

المشهداني طالب بإبداء حسن النية المتمثلة في مشاركة السنة في القرار الأمني والسياسي (الجزيرة نت)
المشهداني طالب بإبداء حسن النية المتمثلة في مشاركة السنة في القرار الأمني والسياسي (الجزيرة نت)

المربع الأول
من جانبه، اعتبر النائب عن ائتلاف دولة القانون علي العلاق أن الغاية من "الورقة السنية المزعومة"، وفق وصفه، هو إلغاء النظام السياسي الحالي وإعادة البلاد إلى المربع الأول.

وإزاء استخدام ورقة الأغلبية في تمرير العديد من القوانين، قال العلاق "لا نريد سلب الآخر حقه بل استيعابه وتقبل رأيه شرط ألا يكون على حساب استحقاقات الأغلبية السياسية التي نص عليها الدستور"، مؤكدا أن ضمان نجاح التسوية يكون بالتزام الجميع بها من خلال حفظ الأمن وعدم السماح بعودة العنف إلى المناطق المحررة من تنظيم الدولة.

وقد سبق لزعيم كتلة "متحدون" ونائب رئيس الجمهورية، أسامة النجيفي أن رهن مناقشة ملف التسوية بتراجع التحالف الوطني عما وصفه بمبدأ "فرض الإرادات"، عقب تصويت البرلمان بالأغلبية على قانون الحشد الشعبي في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي.

من جانبه، استبعد المحلل السياسي قحطان الخفاجي إمكانية تحقيق مصالحة أو التوصل إلى تسوية للمشكلة العراقية عبر أطراف القضية أنفسهم موضحا "أن الجانب الشيعي لن يفلح في إقناع السنة وبالعكس"، مضيفاً "من الممكن طرح مشروع تسوية أو مصالحة، لكن لا يمكن فرضه على الآخرين، خاصة أن الحكم للتحالف الشيعي كونه يمثل الأغلبية السياسية في البرلمان".

ويرى أن تعدد التسويات تعد محاولة لإنتاج الذات، وإظهار الرغبة في التصحيح، وهو أمر بعيد عن الواقع. وأعرب عن اعتقاده أن الحراك الشعبي ومقاطعة الانتخابات المقبلة ستحول دون إعادة الوجوه ذاتها مرة ثانية لإدارة البلاد.

المصدر : الجزيرة