العيد "الكبير".. إحياء للعادات والتقاليد بالجزائر

من مظاهر عيد الاضحى في الجزائر
أطفال يتجولون مع خرفان العيد بأحد شوراع العاصمة الجزائرية (الجزيرة)

عبد الحميد بن محمد-الجزائر

مدينة أشباح، هكذا بدت العاصمة الجزائرية خلال يومي "العيد الكبير" وهو عيد الأضحى كما يسمى محليا، فأغلب المحلات مغلقة والشوارع ساكنة لا حراك فيها، على عكس البيوت التي تتحول إلى مسرح تعمه الفرحة بهذه المناسبة التي تحيي فيها العائلات عادات وتقاليد توارثتها عبر الأجيال.

وأمام عدد محدود جدا من المخابز المفتوحة، يصطف العشرات من الناس في طوابير طويلة للتزود بالرغيف. أما البحث عن مطعم أو محل لبيع الخضراوات أو حتى بقال فهو ضرب من الخيال، رغم أن الوضع في الأحياء الشعبية بضواحي العاصمة يميل إلى الانفراج.

وتتكرر ظاهرة غلق المحلات وندرة التموين بالمواد الأساسية في الأعياد الدينية، فرغم تكرار تحذيرات وزارة التجارة للمحلات التي لا تحترم نظام المداومة في العيد، فإن الأغلبية الساحقة منها لا تستجيب ولا يخشى أصحابها العقوبات.

مدن أشباح
ويرجع مروان وهو صاحب محل في أحد ضواحي العاصمة "حالة الموات" إلى كون أغلب الخبازين وأصحاب المحلات لا يسكنون المدينة، ومن ثم فعليهم الذهاب إلى مدنهم لقضاء العيد هناك، كما أن جل المحلات تغلق لأن الناس تتزود بما تحتاج قبل حلول أول أيام العيد.

‪أضحية العيد‬ (الجزيرة)
‪أضحية العيد‬ (الجزيرة)

ورغم ذلك، لم تغير الأيام ولا السنون من عادات الجزائريين المتوارثة في هذا المناسبة، حيث تقول أنيسة (38 سنة) وهي موظفة وربة بيت، إن التعاون هو أبرز مظاهر العيد "الكبير"، حيث يشترك الكثيرون في شراء عجل ويقتسمونه بينهم.

وتضيف أنيسة للجزيرة نت أن المرأة لها نصيب وافر من العمل في أول أيام الأضحى، حيث تتولى غسل الأحشاء وتقطيعها وأيضا "تشويط البوزلوف" ويقصد به رأس وأرجل الخروف، قبل أن تقوم بإعداد وجبات تقليدية مثل "شطيطحة بوزلوف" و"عصبان دوارة" حيث تخيط معدة وأمعاء الأضحية يدويا قبل وضعهما داخل القدر.

وحسب أنيسة، فإن عادات التزاور وتهادي لحوم الأضاحي وزيارة المقابر والأقارب والأهل من أبرز تقاليد العيد، وإن كانت لا تبدأ إلا في اليوم الثاني أو الثالث لانشغال الأغلبية بالأضحية.

ذكريات وألم
تمسك الجزائري بعادات العيد لم تختف حتى في أشد سنوات البلاد سوادا عندما كان العنف والإرهاب يعصف بالجزائر، حيث يتحدث سمير (46 عاما) عن سنوات التسعينيات التي عاشها شابا بكثير من الألم، إذ "لا صوت كان يعلو وقتها فوق الرصاص والدماء، ومع ذلك لم تتأثر العادات في عيد الأضحى بالظروف القاسية التي كنا نعيشها".

ويتذكر سمير في حديثه مع الجزيرة نت، كيف كان الناس يتحركون ويتنقلون أيام عيد الأضحى بحذر وحيطة شديدين بسبب الخوف، بل إن نهار العيد كان قصيرا جدا بسبب حالة الطوارئ وحظر التجوال الذي كان يمنع الناس من التنقل أو السفر مسافات بعيدة. 

ومع ذلك يقول سمير إن مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى وإحياء السنة لا يمكن أن تخفي جراح الحزن التي تسكن قلوب الملايين من الأشقاء. وانطلاقا من هذه التجربة، يعرب سمير عن إحساسه العميق بما يعانيه الأشقاء في عدد من البلدان العربية "فالعيد عندهم بلا طعم وصور من قتل أو من فقد أو غيب لا تغادر مخيلة ذويهم في سوريا وليبيا وفلسطين واليمن".

وإذا كان سمير يعتصر قلبه ألما لما يجري في بعض الدول العربية، من وحي فترة عاشها شخصيا خلال العشرية السوداء بالجزائر، فإن فاروق (20 عاما) قال إنه عاش ما حصل لبلده على لسان من مروا بتلك التجربة.

ويضيف فاروق وهو طالب في كلية الإعلام "كنا لا نعرف للعيد طعما، وهو ما يجعلني اليوم أشعر بالحزن والأسى لما يعانيه عدد من الدول العربية، لا سيما في سوريا وفلسطين وليبيا".

المصدر : الجزيرة