نادية حسين.. مسلمة بريطانية تحدت العنصرية

نادية حسين
نادية حسين أعدت كعك الملكة إليزابيث الثانية في عيد ميلادها التسعين (مواقع التواصل الاجتماعي)

العياشي جابو-لندن

أمسى اسم نادية حسين لامعا في سماء بريطانيا بعد فوزها العام الماضي في مسابقة الخبز البريطانية الشهيرة "بَيْك أوف "حيث تتبعها الملايين من المشاهدين من خلال برنامج الطهي التلفزيوني.

استفادت من شهرتها الواسعة، فأصدرت كتابا للطبخ، وأصبح لها عمود تكتبه بإحدى الصحف البريطانية، كما اختيرت لإعداد كعك الملكة إليزابيث الثانية في عيد ميلادها التسعين وقابلتها شخصيا بهذه المناسبة.

وبدأت رحلة نادية المسلمة -التي تنحدر من أسرة بنغالية الأصل- مع الطبخ منذ صغرها، ونهلت ثقافة الطبخ الآسيوي من والدها الذي كان يمتلك مطعما للأكل الهندي بالعاصمة البريطانية لندن حيث ولدت، في حين أن والدتها كانت لا تطيق الطهي وتستخدم الفرن لتخزين أغراض بيتها.

عصامية وإصرار
صقلت مواهبها الأساسية في الطبخ المتنوع من مدرستها، وظلت عصامية في اكتساب مهارات الطبخ من كتب متعددة ومشاهدة أشرطة للطهاة المختصين، مما مكنها من دخول مسابقات الطبخ وتسجيل حضور متميز، وتحقيق نجاح في بلد تعتز كثيرا بتنوعه الثقافي.

لكن نادية التي ارتدت الحجاب أول مرة في سن الرابعة عشرة من عمرها كانت تخفي ما تعرضت له من تمييز وعنصرية في حياتها، لأنها تؤمن في قرارة نفسها بأن من يمارسون العنصرية ضدها ويهينونها هم قلة قليلة وصفتهم بالأشرار الذين ترفض الغالبية العظمى من الناس في بريطانيا سلوكياتهم.

‪‬ نادية حسين: أفضل أسلوب للتعامل مع المضايقات العنصرية هو عدم الانفعال إزاءها(مواقع التواصل الإجتماعي
‪‬ نادية حسين: أفضل أسلوب للتعامل مع المضايقات العنصرية هو عدم الانفعال إزاءها(مواقع التواصل الإجتماعي

وكشفت عن تعرضها للعنصرية لأول مرة عند إجرائها مقابلة مع معدة برنامج إذاعي يُدعى "دازرْت أيْلاند ديسكس" قالت فيه إنها كثيرا ما تتعرض لمواقف سخيفة حيث تُلقى عليها أشياء ويتم دفعها عن سابق إصرار وتعمّد، لكنها تشعر بأن الأمر أصبح معتادا وجزءا من حياتها، فهي تتوقع أن تتعرض للإساءة لأن الأمر ليس جديدا، فهي تتعرض لمثل تلك المعاملة منذ سنوات.

عنصرية القلة
وتقول نادية إن أفضل أسلوب للتعامل مع المضايقات والسلوكيات العنصرية هو رفض الانفعال إزاءها، وتشعر بأن في الصمت كرامة ولو أنها حاولت الثأر لنفسها لأصبحت والمعتدي على قدم المساواة، لذلك تفضل أن تكون أفضل من الشخص المسيء إليها.

وتسعى نجمة الطبخ لئلا يتشكل في نفوس أطفالها الخمسة انطباع سلبي عن العيش في بريطانيا لأن الأشخاص السيئين قلة وفق اعتقادها. وتقول "إذا استطعت الاستمرار في أن أكون قدوة لأطفالي فذلك هو الهدف المنشود، أحب بريطانيا وأحب العيش هنا هذا هو موطني وسيظل دائما الموطن الذي أحبه، ورغم الاشياء الأخرى التي تساهم في تحديد هويتي فأنا بريطانية وهذا موطني".

وتضيف "أريد أن ينمو الاعتزاز لدى أطفالي بذلك، ولا أريدهم أن يحملوا أي ضغينة في قلوبهم، ولهذا أعيش بروح إيجابية قدر المستطاع، وما أتعرض له يتعرض له آخرون غيري، وعلينا جميعا مواجهته".

تمسك بالقيم
ورغم ما يبدو من صدمة في تصريحات نادية بخصوص المضايقات والمعاملات السيئة التي عايشتها لكونها مسلمة وترتدي الحجاب، فهي تجدد تأكيد أن المضايقات تصدر من قلة قليلة وأن الغالبية من المجتمع البريطاني تكن لها الاحترام والإعجاب، وتؤكد أنها تجعل من تلك المضايقات تحديا كي تكون امرأة إيجابية في تعاملها مع الآخرين وقدوة للنشء المسلم استنادا لقيمها.

ويعتقد البعض أن المضايقات التي تعرضت لها نادية حسين ليست نابعة بالضرورة من باب العنصرية والإسلاموفوبيا، بل من الحسد والنظرة للمشاهير بشيء من الازدراء كونهم استطاعوا أن يحققوا شهرة، بل ولربما ثروة كبيرة في وقت قصير.

وبغض النظر عن التفسيرات الممكنة لمصدر المضايقات، فإن نادية حسين نجحت في حياتها وفي جذب الملايين من المشاهدين لمسابقة الخبز "بيْك أوف" واستطاعت أن تبقيهم متسمّرين حول شاشات التلفاز يتابعون نتائج المسابقة على أحر من جمر، واستطاعت بسجيتها الطيبة ومواظبتها المتواصلة أيضا أن تُؤثر على ماري بيري إحدى أشهر المخضرمات البريطانيات في لجنة تحكيم برامج الطبخ وتبكيها فرحا بفوزها.

المصدر : الجزيرة