هيكلة الجيش التركي تضعه على مفترق طرق

دبابات محمولة في شارع وطن بمدينة اسطنبول خلال عرض في احتفالات يوم الظفر العام الماضي.
استعراض سابق لآلات عسكرية تركية في إسطنبول (الجزيرة)

خليل مبروك-إسطنبول

"جيش جديد" هكذا وصف الإعلام التركي التغييرات التي طرأت على المؤسسة العسكرية بعد إصدار مرسوم إعادة هيكلة القوات المسلحة ونشره في الجريدة الرسمية أول أمس الأحد بموجب قانون الطوارئ الذي أعلن عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في الـ15 من يوليو/تموز الماضي.

وتتمثل أبرز التغييرات التي فرضتها المراسيم الرئاسية بتوحيد الجيوش البرية والبحرية والجوية تحت قيادة وزارة الدفاع، وإلحاق جهاز الاستخبارات وهيئة الأركان برئاسة الجمهورية.

كما تشمل إعادة هيكلة القوات المسلحة إغلاق كافة الأكاديميات والمدارس العسكرية وإنشاء جامعة للدفاع الوطني بدلا منها، وفصل أكثر من ثلاثة آلاف عسكري من أعمالهم، بينهم ضباط في رأس الهرم العسكري.

وأثارت هذه التغييرات في الجيش تكهنات واسعة بشأن طبيعة الدور الذي سيمارسه في مستقبل الحياة السياسية التركية، وكيفية انعكاساتها على قدرة الجيش على أداء مهامه بمهنية.

أوكتاي: التغييرات في الجيش ستجعل علاقة القوات المسلحة بالمجتمع المدني طبيعية (الجزيرة)
أوكتاي: التغييرات في الجيش ستجعل علاقة القوات المسلحة بالمجتمع المدني طبيعية (الجزيرة)

شفافية ومهنية
وإزاء التغييرات في الجيش فقد دافع عنها ياسين أوكتاي نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، قائلا إنها ستجعل علاقة القوات المسلحة بالمجتمع المدني طبيعية وصحية أكثر، وستحد من القرارات المتهورة أو المتسرعة التي قد يتخذها بعض النافذين العسكريين.

وأشار المسؤول التركي في حديثه للجزيرة نت إلى أن من شأن هذه التعديلات أن تجعل الجيش أكثر شفافية وقابلية للمحاسبة، وتنهي حالة الانغلاق والغموض التي كانت تخيم على تركيبته، الأمر الذي يزيد قوته وفاعليته.

ووفقا لأوكتاي، فإن عملية الهيكلة تهدف إلى تعزيز الجيش وتمكينه، وستخرجه من دائرة تشكيل التهديد للشعب التركي وتجربته الديمقراطية إلى ساحة العمل المهني كمؤسسة مسؤولة عن الدفاع عن الشعب وحمايته.

وكان وزير الدفاع التركي فكري إيشيك قد أعلن أن الجيش لن يقيم احتفالات "بيوم الظفر" في الثلاثين من الشهر الجاري نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بعد محاولة الانقلاب، علما أن هذه المناسبة التي تخلد انتصار ثورة الاستقلال ظلت تخصص للعروض العسكرية داخل المدن التركية منذ العام 1922.

بدوره، رأى المحلل السياسي والخبير بالشأن التركي الدكتور علي باكير أن الحكم على آثار عملية إعادة هيكلة الجيش ما زال مبكرا، وتوقع أن تشهد الفترة القادمة اختلالا وضبابية على مستوى التنسيق بين هيئة الأركان ووزارة الدفاع بعد توحيد الجيوش الثلاثة ونقل مسؤولية إدارتها إلى الحكومة ممثلة بوزارة الدفاع.

باكير: الحكم على آثار عملية إعادة هيكلة الجيش ما زال مبكرا (الجزيرة)
باكير: الحكم على آثار عملية إعادة هيكلة الجيش ما زال مبكرا (الجزيرة)

تعقيدات متوقعة
وقال باكير إن عملية التغيير هذه تحتم الإجابة عن سؤال يدور بشأن دور هيئة الأركان في المرحلة المقبلة، مرجحا أن "تمر قيادة الجيش بحالة من التيه حاليا نظرا لتغيير الجهة التي كانت تتلقى منها التعليمات وترفع لها التقارير".

وأشار باكير في حديثه للجزيرة نت إلى أن التعقيد يكمن أيضا في مطالبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتولي الإشراف المباشر على هيئة رئاسة الأركان وهو أمر فيه تداخلات مع النظام السياسي القائم كونه يتعارض مع المادة الخاصة بهذه المسؤولية في الدستور التركي.

وأكد أن التعقيدات تتجاوز ذلك إلى المسائل الإدارية واللوجستية، ومنها تعويض الجنرالات الذين تم فصلهم على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة والذين تتجاوز نسبتهم 44% من عدد الجنرالات، إضافة إلى مدى نجاعة جامعة الدفاع الوطنية المقترح إنشاؤها في رفد القوات المسلحة بالكوادر البديلة عن خريجي الأكاديميات الحربية التي أغلقت.

وكانت التعديلات على الجيش قد طالت البنية التنفيذية لإدارة القوات المسلحة عبر قرارات بفصل 1389 ضابطا أضيفوا إلى 1684 تم تسريحهم بموجب مرسوم سابق.

وضمت قوائم المفصولين ضباطا في مراكز القيادة العليا مثل علي يازجي كبير المرافقين العسكريين للرئيس أردوغان، وليفينت توركان المساعد الشخصي لرئيس هيئة الأركان خلوصي أكار، وتوفيق غوك السكرتير الشخصي لوزير الدفاع فكري إيشيك.

المصدر : الجزيرة