ألف يوم على مجزرة "رابعة" تجدد سؤال العدل

مئات الضحايا فقدوا حياتهم في يوم واحد...هل ضاعت دماؤهم هدرا؟
مئات الضحايا فقدوا حياتهم في يوم واحد (الجزيرة)

عبد الله حامد-القاهرة

ألف يوم مُرٍّ على مذبحة "رابعة" الأكبر في تاريخ مصر، والتي لم يقدم أحد للمحاكمة بشأن مقتل وجرح الآلاف من المعتصمين فيها، وقد يئس ذووهم من تحقق العدل، بينما رأى كثيرون أن الدماء ضاعت بلا جدوى.

تمنت "منة شرف" أن يتم فض اعتصام "رابعة العدوية" المعطل لمسيرة الثلاثين من يونيو/حزيران التي شاركت في إشعال شرارتها.

وحينما وقع الفض الدموي، داهمها الهلع من المشاهد الوحشية، وتمنت ألا يكون أحد تعرفه بين الضحايا، ثم ما لبثت أن ارتدت عن تأييدها للسلطة، لتكتب مقالا بعنوان "فض رابعة الذي لم نعد بعده كما كنا".

وبينما كانت قلة من الثوريين تكاد تصاب بالجنون من هول ما وقع في رابعة، كانت أغلبية من يسمون أنفسهم بـ"المدنيين" تتهلل فرحا، إذ رأى هؤلاء أن "الدم سيكون عراب عصر الحريات المدنية" كما يقول الكاتب والمحلل السياسي تامر وجيه, والسبب هو فكرة أصيلة عند كثير من التحديثيين مضمونها أن "الإبادة ثمن ضروري للحداثة".

المصابون ذهبوا لتلقي العلاج فاعتقلوا ولايزالون بلا ضمانات قانونية (الجزيرة)
المصابون ذهبوا لتلقي العلاج فاعتقلوا ولايزالون بلا ضمانات قانونية (الجزيرة)

ورصد وجيه المفارقة المتمثلة في أنه "بعد كل القمع الذي مارسه أتاتورك، وبعد مذابح محمد علي، وبعد ملايين القتلى الذين لقوا حتفهم جراء مغامرات إبادة الماضي المتكررة، لا يزال الماضي حيا يرزق، فالمحافظون يخرجون ألسنتهم لأتاتورك من على مقاعد السلطة في أنقرة، وملايين الإسلاميين يجوبون شوارع الشرق الأوسط، والمعركة ما زالت مشتعلة".

أمل العدل
ولايزال المتشبثون بأمل العدل يجوبون شوارع القاهرة، فتظاهروا في جمعة حملت شعار "حق رابعة لن يموت" وذلك قبل ساعات من ذكرى مرور ألف يوم على المجزرة.

ودعا بيان صادر عن "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي إلى إحياء الذكرى في أسبوع حاشد.

واعتبر الحقوقي أسامة ناصف أن الدم حتى الآن ضائع وللآن لم يقدم متهم واحد للمحاكمة، فالقاتل أتقن إخراج جريمته، فقام بتوريط جهات عدة، ليظل بمنأى عن العقاب.

وتابع ناصف للجزيرة نت: حتى ذوو الضحايا لم يخطوا خطوة صحيحة لنيل حقوقهم، إذ الأبواب موصدة، وكل شيء سبق إعداده ليكون وسيلة إفلات للقاتلين.

فض اعتصام رابعة يوم 14 أغسطس/آب 2013 (الجزيرة-أرشيف)
فض اعتصام رابعة يوم 14 أغسطس/آب 2013 (الجزيرة-أرشيف)

ورغم كل ذلك يبقي الأمل لحقوق القتلى وذويهم، لكنه يحتاج إلي خطوات فاعلة مرتبة، وتوثيق للأحداث، وسلوك لجميع المسارات.

طلبات الإفراج
وينتقد ناصف عدم وجود حركة قوية من الدفاع للإفراج عن المعتقلين حتى الآن، فكل ما قدمه الدفاع طلبات أمام الدائرة الخاصة لإخلاء السبيل، معلوم مصيرها سلفا، ليمكن أن يتم حجزها للحكم، بدون أية ضمانات.

ويأمل أن ينوع الدفاع مسارات طلبات الإفراج، وأن يعززها بضغوط مختلفة، حتى يرغم الدولة علي إنفاذ القانون.

المشرف على الكتاب التوثيقي حول مذبحة رابعة ياسر سليم, كشف عن أمله بأن تكون هناك جدوى للدعاوى المقامة في عدة دول، رغم أن تقرير مجلس حقوق الإنسان المصري تضمن قدرا عاليا من التدليس بشأن الجريمة.

النيابة بدأت تحقيقات موسعة في البلاغات المقدمة من أسر ضحايا فض اعتصامي رابعة والنهضة (الجزيرة-أرشيف)
النيابة بدأت تحقيقات موسعة في البلاغات المقدمة من أسر ضحايا فض اعتصامي رابعة والنهضة (الجزيرة-أرشيف)

ولاحظ  الباحث الإعلامي أن هناك تقصيرا شديدا حتى من أصحاب القضية أنفسهم، وكان بالإمكان عمل جهد أكبر بكثير في توثيق القضية وتصعيدها, وباعتقاده فكل ما تم مجهودات فردية، والمانع الأساسي هو المناخ الداخلي غير المواتي لإقامة دعاوى داخل مصر أولا.

وثمن سليم الجهد الذي تقوم به المظاهرات المعدودة في مصر من حين لآخر رافعة شعار رابعة، فهي بمثابة عملية نفخ للروح في القضية.

في المقابل، أكد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم يوسف أن "الفض كان لابد وأن يكون حاسما وسريعا لأن صباح فض الاعتصام كان هناك مخطط مسبق من قبل الإخوان لاقتحام السجون" موضحا أن مدير أمن القاهرة تواصل معه وطلب منه "التدخل لفرض الطوارئ أثناء الفض".

وأشار إبراهيم عبر قناة "تن" الفضائية أنه تواصل مع رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري، ليخبره بتفاصيل المكالمة والذي تواصل بدوره مع الرئيس السابق عدلي منصور، وتمت الموافقة على فرض حالة الطوارئ.

المصدر : الجزيرة