الترفيه بالاستراحات السعودية يتنفس الأرجيلة

استراحة1
الأرجيلة تجذب أعدادا كبيرة إلى الاستراحات (الجزيرة)

حبشي الشمري-الرياض

باتت الاستراحات التي تقدم الشيشة (الأراجيل) تستهوي أعدادا متزايدة من السعوديين كل مساء، في وقت تراجعت قدرة المجالس بالبيوت على اجتذابهم بصورة لافتة، وسط تساؤلات عن انعكاس ذلك على الصحة والعلاقات الأسرية.

والاستراحات مصطلح سعودي يعني عادة غرفة فسيحة مع منافعها تطل على فناء يمتد عدة أمتار طولا وعرضا، وقد تحوي الاستراحة أكثر من غرفة في مكان مستأجر أو مملوك، وفي بعض الأحيان تنصب في طرفها خيمة تقليدية بأروقتها وأطنابها أو خيمة عصرية مبنية من الحديد.

وقد لا تزيد الاستراحة أحيانا أخرى عن غرفة صغيرة وحمام مجاور، في حين يجد محدودو الدخل والمراهقون ضالتهم في النوع الأخير من الاستراحات.

ويلتزم أصحاب الاستراحة غالبا بدفع قسط شهري لأحدهم، يتم توزيع مجمله على الكلفة الشهرية أو نصف السنوية للاستراحة، ومكافأة العامل الآسيوي أو العربي الذي يلبي احتياجات أعضائها، وبخاصة تجهيز "شيش المعسل" (الأراجيل) الخاص بهم، وفي بعض الأحيان تمتد خدمات العمالة لتشمل طهو العشاء وتجهيز ملعب لكرة الطائرة إن وجد.

السعدون:غياب المرء عن المنزل يؤثر على الزوجة عاطفيا وصحيا (الجزيرة)
السعدون:غياب المرء عن المنزل يؤثر على الزوجة عاطفيا وصحيا (الجزيرة)

شكاوى
ويلزم بعض الأعضاء استراحاتهم فترات طويلة، ويقضي عديدون فترات متقطعة على مدار اليوم في الاستراحة، يتبادلون فيها الأحاديث وتدخين الشيشة ولعب الورق (الكوتشينة)، وكثيرون يحدقون في شاشات هواتفهم الخلوية وقتا طويلا، وغدا مسموعا تململ بعض النساء من طول غياب أزواجهن عن المنازل.

وترى أم معاذ أن مكوث زوجها فترات طويلة في الاستراحة يكون على حساب احتياجات أبنائه وزوجته، رغم إدراكها أن زوجها يعمل كثيرا ويحتاج لبعض الوقت من الراحة بين أصدقائه.

وتقول أم معاذ إنها تستمع لشكايات كثيرة من النساء نتيجة غياب أزواجهن عن البيت لساعات أثناء اليوم.

بينما تبدو أم سلطان مطمئنة لقضاء زوجها بعض الوقت بالاستراحة، معللة رأيها بأن هذا الغياب يجعل زوجها أكثر اشتياقا للمنزل، وأن ذلك يبعده عن الضغوط التي يتعرض لها في العمل.

ولا يرى المستشار في القضايا الأسرية الدكتور وليد السعدون ضيرا من قضاء الفرد "وقتا مناسبا" بين أقرانه، لكنه يحذر من الانعكاس السلبي للغياب الطويل للأب على أفراد أسرته في عديد من النواحي، حيث "يبدو الطفل أقل نشاطا وأكثر عدوانية".

ويضيف أن غياب الزوج يؤثر على الزوجة عاطفيا وصحيا، إذ إنها تؤدي دورها ودور الأب في تنشئة الأطفال في آن واحد، مشيرا إلى أن هذا الدور تغلب عليه العاطفة.

التدخين السلبي
وبينما يحرص عايض الذي يدخن "المعسل"، على متابعة مباريات كرة القدم في الدوري المحلي والدوريات الأوروبية، فإن لعبة "البلوت" الشهيرة في المنطقة تجتذب زميله عدنان الذي يدخن السجائر بشراهة.

‪الفرحان:‬ ماء الأرجيلة لا يمنع المواد الضارة من التغلغل بالجسم (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪الفرحان:‬ ماء الأرجيلة لا يمنع المواد الضارة من التغلغل بالجسم (مواقع التواصل الاجتماعي)

ويبدو فيحان الذي لا يدخن الشيشة مرتاحا للمكوث ساعات عدة كل ليلة تقريبا مع رفاقه في الاستراحة -وأغلبهم من مدخني الأرجيلة بشراهة- لأنهم يساهمون بأحاديثهم الشيقة في التخفيف من ضغوط الحياة عليه، ومثله كثيرون يأتون لمعقل الأراجيل دون أن يسحبوا نفسا واحدا منها.

ورغم تقليل فيحان من أهمية ذلك، فإن استشاري طب الأسرة في مدينة الملك عبد العزيز الطبية الدكتور علي الفرحان يؤكد للجزيرة نت أن للتدخين السلبي -وهو استنشاق الدخان المنبعث من منتجات التبغ التي يستهلكها آخرون على مقربة من الشخص- آثارا صحية سلبية تتزايد احتماليتها مع عدد مرات التعرض للتدخين السلبي ومددها وسعة المكان.

ويقول إن هذه الآثار السلبية قد تمتد لتصل إلى زوجة المرء وأطفاله، ومنها زيادة التحسس من الروائح الملاصقة لجسم القادم من أماكن التدخين وثيابه.

وعلى العكس من قناعات متداولة بين صفوف مدخني الأرجيلة، يذهب الدكتور الفرحان إلى أن "الماء الموجود في الجراك والشيشة (الأرجيلة) لا يمنع وصول المواد الضارة إلى داخل الجسم، ومنها مواد مسرطنة".

المصدر : الجزيرة