البرد يلاحق نازحي الموصل الفارين من تنظيم الدولة

A displaced Iraqi woman, who fled the Islamic State stronghold of Mosul, carries her belongings at Khazer camp, Iraq November 26, 2016. Picture taken November 26, 2016. REUTERS/Mohammed Salem
النازحون من الموصل يفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة (رويترز)

تقف بشرى طلال بعد أيام من فرارها من تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الموصل، على طريق ترابية موحلة بين خيم النازحين في الخازر، وتهتف بأعلى صوتها "أريد الخروج.. أخاف على بناتي من البرد".

وصلت بشرى إلى مخيم الخازر شرق الموصل برفقة بناتها الثلاث قبل أيام بعدما فرت من حي السماح في الموصل. وفي الخيمة التي تسكنها مع بناتها -وكبراهن في ربيعها الـ13- تبكي طفلة بشرى ليلا وتقول لوالدتها إنها تشعر بالبرد، بينما تنهمر من الوالدة دموع الإحساس بالعجز.

تقول المرأة الشابة (30 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن البرد أنهكها وبناتها، وتضيف أن المياه باردة ولا يستطيع النازحون استخدامها للاستحمام والنظافة.

وتتابع وقد لفّت رأسها بحجاب أصفر يكسر سواد عباءتها التقليدية "أريد فقط الخروج.. لسنا في سجن أبو غريب"، وتوضح أنها ذهبت للقاء مسؤول المخيم لتطلب منه أن تخرج هي وبناتها، "لا أريد أن يموت أولادي من البرد".

طوال أكثر من عامين سيطر خلالها تنظيم الدولة على الموصل، آخر معاقل الجهاديين في العراق، عانى سكان المدينة من القيود الصارمة التي كانت تفرض عليهم.

ونزح أكثر من سبعين ألف شخص منذ بدأت القوات العراقية عمليتها العسكرية لاستعادة الموصل يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعيش غالبيتهم في مخيمات تزداد كثافتها السكانية يوميا.

نقص الوقود
عند مدخل مخيم الخازر، وضعت عشرات الصناديق التي تحوي مدافئ جديدة بعضها فوق بعض، استعدادا لتوزيعها على النازحين الذين يعيشون في مئات الخيم البلاستيكية بأبوابها المتطايرة الشبيهة بالستائر.

وتؤكد المسؤولة في مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعراق كارولين غلاك أن المفوضية وزعت "3300 مدفأة" على مخيمي الخازر وحسن شام شرق الموصل، بينما يؤوي الأول "28992 شخصا" والثاني "10860 شخصا".

ويشكك نزلاء المخيم في فائدة تلك الأجهزة في ظل نقص الوقود والبرد القارس. ولدى سؤاله عن البرد، يرد إدريس جبر (46 عاما) "ليس هناك كهرباء ولا غاز ولا مازوت، ولا حتى أدوية إذا مرض الواحد منا من البرد".

وتؤكد الأمم المتحدة أنها تسعى لتحسين ظروف النازحين مع حلول شتاء عادة ما يكون قاسيا، فتتدنى درجات الحرارة إلى أقل من الصفر مصحوبة بأمطار غزيرة وثلوج. وتشير غلاك إلى أن المفوضية بدأت حملة لزيادة الدعم خلال الشتاء للنازحين الجدد.

ولفتت إلى أن الأمم المتحدة وزعت الأسبوع الماضي بطانيات ومدافئ وبُسطا للأرض وأغطية بلاستيكية وغيرها من المستلزمات على النازحين في مخيم حسن شام.

 الخيام لا تقي من برد الشتاء ولا يتوقع لها أن تصمد في وجه الرياح (رويترز)
 الخيام لا تقي من برد الشتاء ولا يتوقع لها أن تصمد في وجه الرياح (رويترز)

مخيم الخازر
في مخيم الخازر تغيب أيضا التجهيزات الضرورية، وتشكو النساء من المياه الباردة التي يستخدمنها لغسل الأطباق أو الثياب أو الاستحمام. وتقول علية زنون (56 عاما) وهي تغسل الأطباق في وعاء كبير أمام خيمتها، "متنا من البرد.. أيدينا تشققت وامتلأت بالفطريات من المياه الباردة".

على الطريق الترابية الموحلة بين الخيم، حيث ينتشر الغسيل على الحبال الواصلة بينها، يلهو الأطفال مرتدين قطعا عدة من الثياب طلبا للدفء.

نزحت فاطمة حسن عمر (38 عاما) مع عائلتها وأطفالها الستة إلى مخيم الخازر قبل 23 يوما، هربا من المعارك قرب قريتها علي رش في ناحية برطلة شرق الموصل، ومنذ ذلك الوقت تعاني يوميا جراء انخفاض درجات الحرارة.

تجلس فاطمة في خيمتها، وإلى جانبها اثنتان من بناتها وآخرون من أفراد عائلتها، وخلفها صندوق يحوي مدفأة لم تستخدم بعد، وبعض البطانيات المطوية في خيمة شبه فارغة إلا من بعض الصحون والأكواب، وتقول "أعطونا مدفأة، لكنها ما زالت في الصندوق.. لا وقود ولا كهرباء، فكيف نستخدمها؟".

تضع فاطمة يدها على قماش الخيمة قائلة "خلال الليل تهتز الخيمة كلها.. إذا ساء الوضع وبات الجو عاصفا ستنهار طبعا"، وتعرب عن خشيتها على أولادها "أخاف على أولادي.. طفلي يعاني من الإسهال".

تنضم الحاجة مريم سفر (71 عاما) إلى الحديث وأمامها موقد صغير وضعت عليه إبريقا من الشاي، وتقول "حين يأتي المطر سأموت".

المصدر : الفرنسية