معركة الموصل بين المصاعب والتفاؤل

A convoy of armoured vehicles belonging to international coalition troops drive during the operation against Islamic State militants outside the town of Naweran near Mosul, Iraq October 23, 2016. REUTERS/Azad Lashkari
قافلة من العربات العسكرية التابعة للتحالف الدولي قرب الموصل (رويترز)

بعد مرور نحو أسبوع على بدء معركة الموصل، يقول كثير من الساسة والعسكريين والأمنيين الأميركيين والعراقيين إن المعركة قد تكون طويلة الأمد وصعبة، إلا أنهم يتفاءلون بإمكان إقناع الكثير من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين اضطروا لمبايعته بالتخلي عنه واختصار المعركة.

وتخوض القوات العراقية هذه المعركة بعد حشد عشرات الألوف من الجنود، مدعومة بقوات التحالف الدولي وبقوات البشمركة وفصائل الحشد الشعبي الشيعية، بينما يقدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة في المقابل بما بين 4000 و8000، ويعتقد أنهم قاموا بتلغيم المدينة بالمتفجرات والألغام، كما ملؤوا خنادق بالنفط تمهيدا لإشعال النار فيها، وحفروا العديد من الأنفاق والخنادق لمواجهة الهجوم.

وقال مسؤول أميركي كبير في العراق إن "أي شخص يتنبأ بأن هذه العملية ستستغرق أسابيع لا شهورا لم يكن يتابع تنظيم الدولة منذ فترة طويلة".       

وتوقع وزير الداخلية في حكومة كردستان العراق كريم سنجاري أن يبدي التنظيم مقاومة ضارية بسبب قيمة الموصل الرمزية عاصمة للدولة التي أعلنها، معتبرا أن خسارة التنظيم للموصل تعني أنه "لن يكون لهم مكان سوى الرقة" في سوريا.

وأضاف أن الموصل مدينة كبيرة جدا، وأن طرقها ضيقة بحيث لا يمكن استخدام العربات أو الدبابات فيها، ما يعني الاضطرار للتحول إلى استراتيجية قتال الشوارع التي ستستغرق وقتا طويلا.

‪آلاف النازحين يفرون من الموصل وسط مخاوف من تهجير ديمغرافي‬ (رويترز)
‪آلاف النازحين يفرون من الموصل وسط مخاوف من تهجير ديمغرافي‬ (رويترز)

تفاؤل بانشقاقات
وشن تنظيم الدولة فجر الجمعة الماضي هجوما مباغتا على كركوك جنوب غربي الموصل، وتمكن مقاتلوه من اقتحام عدة مبان حكومية.

وقال أحد كبار قادة الاستخبارات العسكرية الكردية إن أغلب مقاتلي التنظيم الآن من مقاتلي العشائر المحلية، إلى جانب القليل من المقاتلين الأجانب والقادمين من أنحاء أخرى في العراق وسوريا، مضيفا "إذا أمكننا أن نسحب ذلك منهم فإن تحرير الموصل مهمة تستغرق أسبوعا أو أسبوعين".

ويتفاءل مراقبون بوجود انشقاقات داخل التنظيم، حيث أكد سنجاري ورود معلومات تفيد أن كثيرا من عناصره يتمردون وينفذون هجمات على التنظيم نفسه، وأن عددا من أفراده لقوا مصرعهم في الشوارع ليلا.

وهناك روايات عن وقوع انتفاضة فاشلة في الآونة الأخيرة من داخل التنظيم بقيادة مساعد سابق للبغدادي، انتهت بإعدام 58 من المنشقين على التنظيم.

وقال أحد قادة الاستخبارات الكردية إن نحو 60% من كوادر تنظيم الدولة هم من سكان الموصل الذين اضطروا إلى مبايعته عند احتلاله للمدينة، مضيفا أنه ينبغي طمأنة هؤلاء العراقيين السنة بإمكان المصالحة كي يلقوا سلاحهم.

وأشار إلى أن هذه التجربة نجحت في استرداد مدن مثل الفلوجة والرمادي وتكريت من التنظيم، حيث اضطر كثير من سكانها لمبايعة التنظيم بعد أن عانوا من انتهاكات المليشيات الشيعية.

‪زيباري: معركة الموصل لن تكون نهاية تنظيم الدولة الإسلامية‬ (أسوشيتد برس)
‪زيباري: معركة الموصل لن تكون نهاية تنظيم الدولة الإسلامية‬ (أسوشيتد برس)

خطط ومخاوف
وعلى الصعيد العسكري، يقول القادة العراقيون إن أسلوبهم الآن سيتمثل في عزل مقاتلي التنظيم عن ظهير القرى المؤيدة لهم ثم تقسيم المدينة إلى أحياء مختلفة مثلما حدث في معركة السيطرة على الفلوجة.

وقال العميد بالفرقة العاشرة في الجيش حيدر عبد المحسن الدراجي إن وحدات عسكرية مختلفة ستشن هجمات في آن واحد من عدة جبهات على الموصل وتقسم المدينة إلى قطاعات لمنع المقاتلين من التنقل، كما ستمنع غارات التحالف حصول التنظيم على تعزيزات من الجانب الغربي الذي ترك مفتوحا لتشجيعهم على الرحيل باتجاه سوريا.

من جهته، قال مسؤول مكافحة الإرهاب بإقليم كردستان العراق إن مقاتلي التنظيم يتمتعون بمهارات عالية، فهم منظمون عسكريا أكثر تنظيما بكثير من البشمركة، ولديهم إدارة جيدة ونظام دعم جيد وأسلحة وذخائر كافية.

ورغم أهمية استعادة الموصل، قال وزير المالية السابق هوشيار زيباري إن هناك تحديات لاحقة بشأن من سيحكم المدينة متعددة الأعراق والطوائف، ولا سيما مع وجود مخاوف من حدوث جرائم طائفية وموجات تهجير ديمغرافي.

وأضاف "الموصل ليست نهاية (تنظيم) الدولة الإسلامية أو نهاية التطرف في هذه المنطقة، فالجهاديون سيعودون لأسلوب الحرب غير التقليدية، وسنشهد هجمات انتحارية في كردستان وفي المدن العراقية وغيرها".

المصدر : رويترز