"بيغيدا".. رأس حربة العداء الألماني للاجئين

تظاهرة لحركة بيغيدل المناهضة للاجئين - ألمانيا
تظاهرة لأنصار بيغيدا (الجزيرة نت-أرشيف)

دارا عبد الله-برلين

تتكرر حوادث الاعتداء على مخيمات اللاجئين في ألمانيا عموما، وفي العاصمة برلين خصوصا، حيث يقوم شبان تابعون لحركات وتيارات اليمين المتطرف كحركة الـ"بيغيدا" العنصرية بالهجوم على مراكز لإيواء اللاجئين، وإلقاء الزجاجات والأخشاب الحارقة، بالإضافة إلى تكسير وتخريب هذه المراكز أكثر من مرة كما حصل في حي "مارستان" شرق العاصمة الألمانية برلين الأسبوع الفائت.

وتتطور حوادث الاعتداء أحيانا إلى الهجوم مباشرة على اللاجئين اعتمادا على لونهم أو لغتهم، وشتمهم وتحقيرهم واستخدام العنف الجسدي المباشر ضدهم مثلما حصل أكثر من مرة في مدينة "دريسدن" الألمانية (المعقل الأساسي لحركة "بيغيدا" اليمينية).

وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "إنفرانست" لصالح محطة "ARD" الألمانية أن أغلبية الألمان لا يعانون من القلق تجاه مسألة تدفق اللاجئين إلى بلادهم، حيث أكد الاستطلاع أن أكثر من 61٪ من الشعب الألماني لا يشعرون بالقلق من تزايد أعداد اللاجئين في بلادهم، بينما عبر 38٪ عن قلقهم من تزايد أعدادهم في بلادهم لأسباب مختلفة، كالخوف من المزاحمة على مكان العمل، أو التخوف الإسلاموفوبي التقليدي المنتشر في الغرب عموما بعد أحداث ١١ سبتمبر/أيلول 2001، أو الخوف من تحول اللاجئين إلى أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية كما صرح بعضهم.

النسبة الخائفة
ومن الدقيق والضروري ذكره أن النسبة الخائفة لا تشكل بالضرورة رصيدا عدديا وسياسيا وأخلاقيا واجتماعيا لتيارات وحركات اليمين المتطرف، فالخوف الاجتماعي شيء، والخيار السياسي شيء آخر.

‪الجزيرة)‬ مبنى في مارستان بعد أن أحرقه المتطرفون اليمينيون
‪الجزيرة)‬ مبنى في مارستان بعد أن أحرقه المتطرفون اليمينيون

وبشأن حركة بيغيدا يقول المدون والصحافي وسام عبيد المقيم في برلين للجزيرة "اجتذبت مظاهرات حركة بيغيدا في الربع الأول من هذا العام والنصف الأخير من العام الماضي مكونات تنتمي إلى فئة عمرية ما بعد شبابية ذات خلفيات علمية جيدة نسبيا".

ويتابع "هنا مكمن الخطورة، فكل مجتمع يحمل فئة عنصرية على هامشه، إلا أن ما يخيف المراقبين هو انتشار هذه الأفكار خارج دائرتها التقليدية، وتمددها إلى الطبقة الوسطى، واتساعها في المدن الكبرى".

ويضيف وسام حول الطبيعة الأيديولوجية لهذه الحركات "أغلب هذه الحركات اليمينية هي ذات خلفية قومية غير دينية، هذا لا يمنع وبسبب طبيعة التكوين الشعبوي للخطاب العنصري دمج العنصرية القومية بالإسلاموفوبيا، فترفع شعارات ضد المسلمين تكون موجهة فعليا لكل ما هو غير ألماني، المنطلقات غير دينية على الأرجح كون المنتمين لهذا الفكر ينتمون إلى عالم ما بعد ديني، فهم لا يمارسون عنصريتهم لأنهم مسيحيون ولكن ربما لأن الآخر مسلم، بمعنى الاختلاف الثقافي".

وتقول باحثة العلوم السياسية في المعهد الألماني للدراسات الإستراتيجية والأمنية بيترا بكر في تصريح خاص للجزيرة نت "تيار اليمين المتطرف عريق في ألمانيا قدم ألمانيا، وقد كانت أحزاب اليمين قبل الوحدة الألمانية أحزابا صغيرة، وكان برنامجها العنصري موجها بدرجة رئيسية ضد مسألة تدفق العمال الأجانب، علما أنهم لعبوا دورا أساسيا في بناء الاقتصاد الألماني".

تعبئة العاطلين
لكن في سبعينيات القرن الماضي -ومع تراجع الاقتصاد الألماني- استطاع اليمين المتطرف أن يحقق تعبئة جماهيرية في أوساط الألمان العاطلين عن العمل، أما عن سبب انتشار هذه التيارات في شرق ألمانيا أكثر من غربها فتوضح بيكر "بعد الوحدة تم إبعاد الحزب الاشتراكي الشرقي عن السياسية، كما أن نسبة العاطلين عن العمل قد ازدادت، حيث لا يصل مستوى رواتب الشرقيين إلى رواتب الغربيين، وهذا سبب غضب الشرقيين على الدولة الألمانية واتجاههم نحو اليمين الذي يمكن أن تصل نسبته في بعض المناطق إلى ٢٠٪".

وتبقى هذه الحركات بعيدة عن مستوى التأثير والفعالية السياسية لأنها لا تتمكن من تجاوز عتبة ٥٪ الضرورية لدخول البرلمان، ولأن تركيبة التحالفات السياسية الحالية تحول دون ذلك.

المصدر : الجزيرة