رأس الدبلوماسية المصرية بمرمى الفساد
دعاء عبد اللطيف-القاهرة
يبدو أن دائرة الفساد في مصر تتمدد إلى واجهة البلاد الدبلوماسية، فوزير الخارجية سامح شكري يواجه هذه الأيام دعوى قضائية بتهمة الفساد المالي.
وبدأت محكمة إدارية في مصر، يوم الاثنين، نظر دعوى قضائية أقامها أحد المحامين، تتهم وزير الخارجية بإهدار المال العام وتطالب بعزله من منصبه، لإقراره ما سماه "منحة النقل المفاجئ" لعدد من السفراء بالخارج. وتبلغ قيمة المنحة المخصصة لسفراء محددين نحو خمسين مليون جنيه "دون سند من القانون" وفق مقيم الدعوى.
وخلال أولى جلسات نظر القضية، قررت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة إحالة الدعوى إلى "هيئة مفوضي الدولة" لإعداد الرأي القانوني. وتثير تلك الدعوى تساؤلات حول المستقبل السياسي لشكري -الذي تولى حقيبة الخارجية في يونيو/حزيران 2014- وموقفه القانوني من تورطه في وقائع فساد.
عماد أبو هاشم: إجراءات اتهام الوزراء وفق قانون محاكمة الوزراء لا تكون إلا عبر البرلمان أو رئيس الجمهورية |
بطلان قانوني
من الناحية القانونية، قال عضو بالمكتب التنفيذي لحركة "قضاة من أجل مصر" إن "إجراءات اتهام الوزراء وفق قانون محاكمة الوزراء لا تكون إلا عبر البرلمان أو الرئيس" عبد الفتاح السيسي.
وأوضح المستشار عماد أبو هاشم، للجزيرة نت، أن "المحاكمة تكون أمام هيئة خاصة تتشكل من 12 عضوًا نصفهم من البرلمان والنصف الثاني من مستشاري محكمة النقض".
ويمثل الادعاء أمام تلك المحكمة ثلاثة من أعضاء البرلمان، إلا إذا كان الاتهام صادرا من رئيس الجمهورية، فيتولى النائب العام الادعاء مباشرة، وفق قول رجل القانون.
وتابع "لما كانت إجراءات التقاضي من النظام العام، فإنه لا يجوز مخالفتها وإلا اتسمت الإجراءات وما قد تسفر عنه من أحكام بالبطلان والانعدام".
وفى حدود ما نشر عن القضية، فإن أبو هاشم يتوقع أن يحكم القضاء الإداري بعدم اختصاصه ولائيا بنظر الدعوى. وتابع "وإن قبل القضاء الطلبات في تلك القضية، فإن الحكم سيكون موصوما بالانعدام، ويمكن للجهة المنوطة بتنفيذه بالامتناع عن التنفيذ أو تستشكل عليه".
ورأى عضو حركة "قضاة من أجل مصر" أن "الحل القانوني الفعال يكمن في إقامة دعوى تعويض ضد رئيس الجمهورية لتقصيره في اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الوزير المتهم لمحاكمته جنائيا".
جدوى سياسية
ومن جهته، رأى المحلل السياسي أسامة الهتيمي أن مستقبل وزير الخارجية مرهون فقط بنجاحه في كسب مزيد من القبول الدولي للنظام المصري، بعد حالة الصراع السياسي التي شهدتها البلاد منذ منتصف عام 2013.
والقبول الدولي لمصر مهمة نجح شكري في تحقيقها إلى حد كبير، وظهر ذلك في نجاح المؤتمر الاقتصادي الذي عقد مارس/آذار الماضي وحضره ممثلو عشرات الدول، وزيارة السيسي لألمانيا، وكذلك زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري مؤخرا للقاهرة، وفق قول الهتيمي.
وأوضح أن تاريخ الحكومات المصرية على امتداد عشرات السنين لم يشهد تحديد مستقبل وزير بسبب فساده، مشيرا إلى معايير أخرى أهم تتمثل في الولاء واسترضاء القيادة السياسية. ودلل الهتيمي على حديثه بفشل كل الحملات الإعلامية التي استهدفت مسؤولين في تحقيق هدف إقالتهم أو إبعادهم عن مناصبهم.
ومن ثم فإن مستقبل شكري ليس مرهونا بمثل هذه القضية، لأن تعيين الوزراء أو إقالتهم يُعد قرارا سياديا خاصا بالرئيس، وفق ما اختتم الهتيمي به حديثه.
ووفق مؤشر الفساد التابع لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2014، حلت مصر بالمركز الـ94 لمستوى الفساد بالقطاع العام فيها.