رسائل "نجيب" تكشف ملامح من حكم العسكر لمصر

محمد نجيب رئيس مصر

كشفت مجموعة من الرسائل كتبها محمد نجيب، أول رئيس في عهد الجمهورية المصرية التي تأسست على أنقاض الحكم الملكي قبل حركة "ثورة يوليو 1952" أسرارا تميط اللثام عن تفاصيل الحقبة العسكرية وعزل نجيب عن محيطه الاجتماعي ووضعه تحت الإقامة الجبرية.

وكان اللواء نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر العربية، وصاحب الخطاب الموجه للملك فاروق، يطالبه فيه بالتنازل عن العرش، ولم يكن يتوقع أن تنقلب عليه ثورته التي أطاحت بالملك.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1954 تم عزله من منصبه، ووضعه تحت الإقامة الجبرية في قصر بضاحية المرج (شمال القاهرة) إلى أن أفرج عنه الرئيس الأسبق أنور السادات بعد حرب 1973، ليرحل عن الدنيا عام 1984.

وبين جنبات المنزل المتهالك، تحدث أفراد من عائلته، ممن اعتبروه أكثر المظلومين عقب أحداث 23 يوليو، بعد أن تجاهله مجلس قيادة الثورة، ووضعوه بالمعتقل، ناكرين دوره في قيادة الضباط الأحرار، وطمس اسمه كأول رئيس للجمهورية، وإطلاق اللقب على جمال عبد الناصر، وفق تعبيرهم.

ماذا جنيت؟
يقول عبد القوي يوسف القشلان، أحد أفراد عائلة نجيب، إنه (نجيب) كان يردد دومًا "ماذا جنيت حتى يفعلوا بي كل هذا" قاصدا رجال الثورة. وأضاف "عندما أتى المشير عبد الحكيم عامر (القائد العام للقوات المسلحة) ليبلغه بقرار إعفائه من الرئاسة، قال له: أنا لن أستقيل لأني بذلك أصبح مسؤولا عن ضياع السودان، أما إذا كان الأمر إقالة فمرحبا بها".

ومن مكتبة صغيرة أخرج "عباس" خطابات بخط (جده) نجيب، أرسلها وهو في معتقله لعبد الناصر وعامر، من بينها خطاب يطلب فيه مبلغ عشرة جنيهات من معاشه المقدر بـ 176 جنيها لإجراء عملية جراحية عاجلة لزوجته، بعد أن نفد كل ما يملكه.

وفي خطاب آخر يقول "أتمنى المساهمة في مجهود البلاد الحربي، وإنني لو استطعت أن أبيع ملابسي وأثاث منزلي لفعلت، ولكنى عاجز عن فعل أي شيء، ولا أملك سوى خمسة جنيهات، وهي مجرد رمز فقط للتضحية من أجل وطني".

حي أم ميت؟
وخطاب ثالث يعاني فيه نجيب من الأحوال المعيشية السيئة، متسائلا "هل أنا حي أم ميت؟ لم أحلق شعري منذ شهر ولم يزرني الطبيب منذ عشرة أيام" رغم أنه يأخذ يوما حقنة للكبد.

وفي نفس الخطاب، أبدى نجيب اشتياقه لزوجته وأولاده قائلا لعبد الناصر "أتمنى أن أرسل لزوجتي وأولادي خطابا كل أسبوع يطمئنون فيه على أني ما زلت على قيد الحياة، على أن يصلني منهم ولو سطر واحد يؤكد لي أنهم تسلموا خطاباتي فأطمئن عليهم، وطبعا أنا وأولادي وكل ما نملك فداء للوطن".

وخطاب آخر مكتوب عليه "سري جدا جدا، وعاجل جدا جدا، يسلم شخصيا للرئيس عبد الناصر" يطلب فيه نجيب أن يدافع عن وطنه بعد نكسة 67 قائلا "أريد منك أن تسمح لي بأعز أمنية لي وهي المشاركة في أقدس واجب وأشرفه، وهو الدفاع عن مصر، فاسمح لي بالتطوع جنديا عاديا في جبهة القتال باسم مستعار وتحت أية رقابة شئت".

المصدر : وكالة الأناضول