العسكر التركي على الحدود السورية
عمر أبو خليل-الحدود التركية السورية
وفي الوقت الذي ظن فيه الجميع أن القوات التركية ستدخل جرابلس، بعد تصعيد إعلامي وسياسي سبق الحشد العسكري، جرى تحريك القوات باتجاه إل بيلي، الأمر الذي يرى فيه مراقبون مؤشرا باقتصار الاهتمام التركي في التدخل بسوريا على حماية تركمان المنطقة التي تشهد صراعا متواصلا بين تنظيم الدولة وقوات حماية الشعب الكردية.
وأشار مواطنون أتراك من بلدة قرقميش أنهم تحضروا لحملة ستنطلق من بلدتهم، ولا سيما في إطار الحشد وتحليق الطيران المروحي والحربي في سماء البلدة، لكنهم فوجئوا صباحا بانسحاب تلك القوات غربا باتجاه الحدود الموازية لشمالي حلب.
وقال حكمت أسطة من بلدة قرقميش إنه يؤيد حملة عسكرية تركية ضد قوات حماية الشعب الكردية "التي تمادت في اضطهاد تركمان سوريا وعربها، وهجرتهم عن مناطقهم باتجاه تركيا" ودعا الحكومة التركية لتنفيذ تهديداتها ووضع حد للتمدد الكردي على الحدود التركية.
أما عصمت أوغلو -وهو محام من بلدة قرقميش- فقال إن احتمال التدخل التركي في سوريا "بات محسوما"، لكنه رجح أن يكون من موقع آخر غير قرقميش، حيث يتواجد التركمان بكثافة، ويعيشون تحت تهديد قوات حماية الشعب الكردية.
ودعا أوغلو تركيا لطرد "كل الجماعات المتطرفة عن حدودها الجنوبية مع سوريا"، مشيرا إلى وصول عيارات نارية إلى المناطق التركية الموازية للحدود عدة مرات، جراء الاشتباكات في الجانب السوري، مؤكدا أن التدخل بات ضرورة لحماية أمن الأتراك في هذه المنطقة.
وفي المنطقة االحدودية يبدو الاستنفار الأمني التركي واضحا مع زيادة عدد عناصر الحراسة على الحدود مع سوريا، ومضاعفة عدد نقاط الحراسة، حيث لا تبعد النقطة عن الأخرى أكثر من خمسين مترا، مزودة بأسلحة متوسطة.
كما تتحرك دوريات الجيش التركي على الحدود بآليات ثقيلة مزودة بالرشاشات والمدفعية المتوسطة، كما تقوم دوريات راجلة بمراقبة الحدود وتمنع اقتراب المواطنين الأتراك من السياج الفاصل.
وحاولنا التحدث إلى ضابط تركي في نقطة تجمع للقوات على الحدود، لكنه اعتذر عن التصريح بأي معلومات عن النوايا التركية، ومستوى الاستعدادات، وحقيقة الحشد التركي وغايته.
وكانت قوات تركية خرجت من مقرات لها بالقرب من مدينة غازي عنتاب، وتوجهت إلى عدة مواقع حدودية، لكنها لم تكن كبيرة للدرجة التي تدفع للقول بأن تدخلا تركيا عاجلا سيحصل في سوريا.
ويرجح مراقبون أن يقتصر التدخل التركي على حماية تركمان شمالي سوريا وتوجيه رسالة واضحة للأكراد بضرورة عدم المساس بالمصالح التركية، وتحتوي ضمنا على التحذير من التفكير بإنشاء كيان كردي معاد لتركيا على حدودها الجنوبية.
ويرى الصحفي السوري مجد المحمد أن التدخل التركي "سيقتصر على مناطق صغيرة محددة، بغاية إبعاد الخطر الكردي وستعمل تركيا لاحقا على إقامة منطقة حظر جوي بعمق ومسافة محددتين فوق الأرض السورية وذلك بالتنسيق مع قوات التحالف الدولية، لأن تركيا لا تستطيع تحمل عبء الغضب الغربي، وما قد يجره عليها سياسيا واقتصاديا وربما عسكريا".
يذكر أن المدنيين الأتراك الذين يقطنون عشرات القرى الحدودية في ولايتي كيليس وعنتاب التركيتين، يمارسون حياتهم بشكل طبيعي رغم مشاهدتهم تحرك القوات التركية وهي تقترب من قراهم وتتوزع حولها، ورغم أنهم يتوقعون تحركا قريبا باتجاه سوريا.