تل تمر.. ساحة حرب بين الأكراد وتنظيم الدولة

آثار المعارك في تل خريطة جنوب تل تمر
آثار المعارك بين تنظيم الدولة ووحدات الشعب الكردية في تل خريطة جنوب تل تمر (الجزيرة)
أيمن الحسن-الحسكة 

يقول "عبود" -نازح سوري من تل تمر بالحسكة- إن "الأوضاع بالمدينة سيئة جدا، هربنا من المدينة أنا ووالدتي إلى بلدة أبو رأسين إلى الشمال من تل تمر حيث يوجد أقاربنا".

وأضاف أن هجوم تنظيم الدولة الإسلامية هذه المرة لم يكن محدودا -كما حدث في المرات السابقة- بعد تصاعد الهجمات بالمفخخات وعمليات القنص.

وتابع أن وحدات حماية الشعب الكردية أبلغتهم بعدم السماح لهم بالعودة، وأن من يدخل لن يُسمح له بمغادرة المدينة "حتى لو قُتل تحت القصف"، وأشار إلى أن أغلب السكان فروا من المدينة وقراها القريبة من مناطق المواجهات، بينما لم يستطع من تأخروا الخروج بسبب القصف وعمليات القنص المتبادل بين تنظيم الدولة ووحدات حماية الشعب.

وتحولت منطقة تل تمر غرب محافظة الحسكة والتي يتركز فيها أكبر تجمع للآشوريين السوريين، إلى ساحة معركة بين الطرفين مما سبب موجة نزوح كبيرة هي الأولى من نوعها لسكان المنطقة، التي تتميز بتنوعها العرقي والديني بين آشوريين وعرب وكرد.

المرصد الآشوري لحقوق الانسان:
أكثر من أربعين عائلة مجهولة المصير من قرية تل شاميران الآشورية قرب تل تمر، وهي أولى القرى الآشورية التي سيطر عليها مقاتلو (تنظيم الدولة)داعش

قتل وتشريد
وجاء هجوم تنظيم الدولة المباغت على المنطقة بعد أيام من مهاجمة وحدات حماية الشعب الكردية قرى وبلدات واقعة تحت سيطرة التنظيم في ناحية تل حميس، والسيطرة على أكثر من ثلاثين قرية شرق الحسكة.

المرصد الآشوري لحقوق الإنسان ذكر -في بيان له- أن "أكثر من أربعين عائلة مجهولة المصير من قرية تل شاميران الآشورية قرب تل تمر، وهي أولى القرى الآشورية التي سيطر عليها مقاتلو (تنظيم الدولة) داعش".

وأوضح المرصد أن "عملية نزوح المدنيين استمرت من القرى والبلدات الآشورية على شريط نهر الخابور في محافظة الحسكة السورية، حيث وصلت أكثر من خمسمائة عائلة إلى مدينتي الحسكة والقامشلي".

وقالت عجوز -بقت لوحدها في منزلها على أطراف مدينة تل تمر- للجزيرة نت إن الكثير من أقاربها باتوا بين قتيل ومفقود، وإن آخرين شردوا ودمرت بيوتهم.

وتابعت -وهي تجهش بالبكاء- "لا أدري ماذا أقول لكم، اثنان من جيراني قتلا في الشارع المجاور، وبقيت سيارتهما المحملة بالخشب في الشارع وغيرهما كثر، فالرصاص يتساقط كالمطر".

ويخشى الأهالي تكرار سيناريو عين العرب (كوباني) في مدينة تل تمر، واستغلال بعض الأطراف ورقة "الأقليات" بغية تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية في محافظة الحسكة.

بدوره، استغرب الناشط السياسي فاروق العلي "قول البعض إن تنظيم الدولة يستهدف القرى الآشورية لأسباب دينية وعرقية". ويشرح أن التنظيم موجود في هذه المنطقة منذ أشهر، ولم يغادرها ويشن الهجمات على مواقع لوحدات حماية الشعب المنتشرة على طول خط الجبهة من مدينة رأس العين إلى الحسكة مروراً بتل تمر.

فاروق العلي:
تنظيم الدولة موجود في هذه المنطقة منذ أشهر، ولم يغادرها ويشن الهجمات على مواقع لوحدات حماية الشعب المنتشرة على طول خط الجبهة من مدينة رأس العين إلى الحسكة مروراً بتل تمر

رفع الصلبان
ونوه إلى أن التهجير شمل كل المكونات في المنطقة، والعرب هم أكثر المتضررين من المعارك، حيث كانت قراهم مسرحاً للمعارك بين المتصارعين.

وأوضح العلي أن ما سببته المعارك في منطقة الخابور حلقة في سلسلة طويلة من حلقات "التآمر على السكان وخلط الأوراق، يقوم بها النظام ليظهر للعالم أنه ووحدات حماية الشعب وقوات المجلس السرياني ومجلس حرس الخابور الآشوري يحاربون الإرهاب معاً، خاصة مع رفض التحالف الدولي الاعتماد بشكل جدي على الجيش السوري الحر".

من جهته، قال عضو المكتب السياسي في المنظمة الآشورية الديمقراطية كرم دولي إنه لا يعتقد أن هناك منطقة لا يطمح تنظيم الدولة إلى فرض سيطرته عليها، لكن ربما الأولويات تتفاوت بحسب الواقع العسكري وتنوع الجبهات.

وأرجع دولي الهجمات لقيام الأهالي بإعادة رفع الصلبان على الكنائس في هذه القرى، واعتقال عناصر المجلس العسكري السرياني 12 شخصا من أبناء المنطقة المتعاملين مع التنظيم في الثامن من الشهر الجاري، وشن وقتها هجوما محدودا على قرية تل هرمز ردا على الاعتقال.

وأوضح أن الهجوم جاء أيضا بعد يوم واحد من هجوم واسع لوحدات حماية الشعب على مواقع التنظيم في الريف الجنوبي للقامشلي، حيث سيطرت على أكثر من عشرين قرية ومزرعة مع فرض حصار عليها للحؤول دون تأمين التنظيم ممرا خلفيا له يصل بين الموصل والحسكة، فجاء الهجوم "ليعوض التنظيم هزائمه في الجبهة الشرقية، وخاصة أن تل تمر عقدة مواصلات هامة إستراتيجياً".

المصدر : الجزيرة