موقف الغرب من تركيا.. نعم للديمقراطية لا لأردوغان

Turkey's President Recep Tayyip Erdogan, left, speaks to supporters after morning prayers at Eyup Sultan Mosque in Istanbul, Turkey, Monday, Nov. 2, 2015. Erdgoan hailed a big victory for his ruling party in parliamentary elections and called on the world to respect it. The ruling Justice and Development party, or AKP, won more than 49 percent of the vote in the snap election, almost double that of the next party in Sunday’s vote. The win restored the single-party majority that it had lost in June elections. (Presidential Press Service/Pool Photo via AP)
رجب طيب أردوغان وسط مؤيديه يوم أمس في إسطنبول بعد إعلان نتيجة الانتخابات (أسوشيتد برس)
محمد أعماري
 
باستثناء ألمانيا التي رحبت بنتيجة الانتخابات البرلمانية التركية واتصلت مستشارتها أنجيلا ميركل برئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو مهنئة إياه بالفوز الكبير لحزبه العدالة والتنمية، مشددة على أن هذا الفوز يجب أن يُحترم، فإن المواقف الغربية تكاد تتلخص في شعار واحد هو الترحيب بالانتخابات، وعدم الرضا على نتيجتها التي يبدو أنها ستكون بداية لتقوية سلطات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

فالممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني والمفوض الأوروبي المختص بسياسة الجوار يوهانس هان قالا في بيان إن المشاركة المرتفعة بالانتخابات "تؤكد أن الشعب التركي يدعم العملية الديمقراطية" وأكدا تطلع أوروبا "لتعاون وثيق مع الحكومة التركية المقبلة" وهو موقف يستبطن عدم الرضا بنتيجة الانتخابات.

نعم للشعب لا للحزب
واشنطن هنأت بدورها الشعب التركي على المشاركة الكبيرة بالانتخابات، ولم تهنئ الحزب الفائز، ونددت بما اعتبرته "ضغوطا" و"عمليات ترهيب" قالت إن صحافيين معارضين تعرضوا لها أثناء الحملة الانتخابية، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه مراقبو منظمة الأمن والتعاون بأوروبا في تقرير مشترك مع مجلس أوروبا والبرلمان الأوروبي، حيث قالوا إن "الحملة شابتها أعمال عنف".

وكالات الأنباء الغربية بدورها توحدت في قراءتها لنتائج هذه الانتخابات، وسارت كلها في اتجاه اعتبار الفوز الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية التركي "تكريسا لحكم الحزب الواحد، وسيرا بـ تركيا نحو مستقبل غامض".

هذه المواقف والقراءات تجد تفسيرها في تخوف الغرب مما بات يعرف إعلاميا بظاهرة "السلطان أردوغان" الذي يرى خصومه أنه "بدأ يتغول" في السياسة التركية ويسعى "لإحياء أمجاد الدولة العثمانية" مستشهدين بسعيه لتعديل الدستور وتغيير النظام البرلماني إلى نظام رئاسي تتقوى فيه سلطات وصلاحيات الرئيس أردوغان.

حزب العدالة والتنمية حصل في هذه الانتخابات على 316 مقعدا، متبوعا بـ حزب الشعب الجمهوري 134 مقعدا، ثم حزب الشعوب الديمقراطي 59 مقعدا، فـ حزب الحركة القومية 41 مقعدا. ورغم أن هذه النتيجة ليست كافية للحزب ليغير الدستور من أجل تقوية صلاحيات أردوغان، فإن معارضي أردوغان بالداخل والخارج يرون أنها قد تكون الخطوة الأولى في هذا المسعى.

وبموجب الدستور الحالي، يحتاج" العدالة والتنمية" إما إلى أصوات 330 نائبا في البرلمان، ليصدر قرارا بإجراء استفتاء على التعديلات الدستورية، أو إلى أصوات 367 مقعدا (ثلثي الأعضاء) ليمرر هذه التعديلات دون الحاجة إلى استفتاء عام.

عواقب سلبية
التخوفات الغربية تعبر عنها بوضوح كلاوديا روت، نائبة رئيس البرلمان الألماني، التي اعتبرت فوز حزب العدالة والتنمية "يوما أسود لتركيا". وقالت إنه "ستكون له عواقب سلبية على الاتحاد الأوروبي في أزمة اللاجئين". وأضافت أن أردوغان "سيملي على الاتحاد الأوروبي شروطه في المستقبل" ووصفته بأنه "سياسي يفكر في أي شيء إلا في الديمقراطية".

الصحف الغربية بدورها تناغمت مع هذه التخوفات، ووصفت فوز حزب العدالة والتنمية بأنه "غير متوقع" وأنه "جاء بعد إثارة مخاوف الناس وإشاعة مناخ من عدم الاستقرار".

وتحدثت أغلبها عن حوادث عنف تصاعدت في تركيا مؤخرا، وزعمت أنها من اختلاق حزب العدالة والتنمية من أجل تخويف الناخبين ودفعهم إلى التصويت لصالحه. وقالت بعضها إن نتائج هذه الانتخابات "استمرار للهيمنة المتسلطة والمتزايدة لأردوغان على الحكومة".

بل إن صحيفة غارديان البريطانية نشرت على صفحاتها مقالا يعتبر أن هذه الانتخابات "أعطت أردوغان التفويض المطلق لينزلق بتركيا بخطى أسرع نحو نظام حكم الفرد الواحد دون أن يكون هناك ما يوقفه". ووصفت فوز العدالة والتنمية بأنه "صدمة".

المصدر : الجزيرة + وكالات