مسلمو برلين ينددون بـ"الإرهاب" ويطالبون باندماج منصف
خالد شمت-برلين
وحملت الندوة التي دعا إليها مسجد دار السلام في حي نويكولن الشعبي ذي الأكثرية السكانية المسلمة في برلين، عنوان "المجتمع بين التضامن والمشاركة". ورأى المشاركون فيها أن الحضور الواسع لمسلمين وغير مسلمين فيها يعكس وحدة مجتمعية يسعى "الإرهاب" لفصم عراها، وإثارة الانقسام وإبقاء مسلمي أوروبا فئة مهمشة بمعزل عن التفاعل مع مجتمعاتها.
وذكر إمام مسجد دار السلام طه صبري أن تجاوز مشاعر الصدمة والحزن التي أحدثتها هجمات باريس لدى مسلمي ألمانيا "يستدعي حاجة عاجلة لإجراءات وقائية لحماية الشبيبة المسلمة من الأفكار المتطرفة لإرهاب لا دين له".
واعتبر، في تصريحات للجزيرة نت، أن انفتاح المساجد والمراكز الإسلامية بألمانيا وأوروبا، في الأوقات الصعبة الحالية، بشكل أكبر على محيطها غير المسلم، والقيام بدور تربوي أكثر فعالية لإبعاد المسلمين عن التطرف بتعريفهم بمعاني الدين الصحيح.
كما رأى صبري -الذي حصل على وسام الاستحقاق الألماني تقديرا لجهوده بالمشاركة المجتمعية ودعم التفاهم- أن تفعيل الأقلية المسلمة لجهودها بخدمة المجتمع والتواصل معه يمثل أنجح وسيلة للرد على ما يثار حولها وعن الإسلام من أحكام نمطية سلبية.
مشكلات وتأثيرات
من جهتها، تحدثت عمدة حي نويكولن عن مشكلات للاندماج موجودة بهذا الحي الذي يمثل التلاميذ من أصول أجنبية خاصة التركية والعربية 95% بمدارسه.
وقالت فرانشيسكا جيفاي إن قلة محدودة من 21 مسجدا، موجودة بحيها، تقدم خطابا معاديا للدستور والمجتمع وتروج لمفاهيم تحط من قدر المرأة ودورها.
وعبرت عن تأثرها الشديد بمشاركة ممثلين لمسلمي برلين بفعالية جرت الثلاثاء الماضي أمام بوابة براندنبورغ التاريخية تنديدا بهجمات باريس وللتضامن مع ضحاياها، وامتدحت المشاركة الواسعة لمسلمي العاصمة ومساجدها بمساعدة اللاجئين المتوقع أن يصل عددهم ببرلين إلى نحو 75 ألف شخص بنهاية العام الجاري.
واعتبرت عمدة حي نويكولن أن المرحلة التالية لإيواء اللاجئين هي الأصعب لتعلقها باندماج القادمين الجدد بالمجتمع وسوق العمل، وإلحاق أطفالهم بالمدارس على وجه السرعة، ولفتت لافتتاح خمسين فصلا جديدا بمدارس حيها لأطفال اللاجئين الذين ليس لديهم إلمام بالألمانية.
وفي تصريحها للجزيرة نت، أكدت أهمية الحوار بالتواصل المجتمعي وحل المشكلات، وحثت مسلمي برلين على "تفاعل أكثر مع محيطهم من أجل مدينة تتيح فرصا متساوية لكافة أطفالها بلا استثناء".
قضية الاندماج
على صعيد متصل، قال فريد حيدر -أحد أئمة المساجد- إن قضية اندماج المسلمين أثير حولها جدل غير مسبوق بالسنوات الماضية خلط فيه سياسيون بين الاندماج والذوبان، وأخذت بعدا إضافيا بعد موجات اللجوء الحالية لكون أكثر اللاجئين من المسلمين.
واعتبر أن "تيارات اليمين المتطرف والنازيين الجدد وتنظيم الدولة الإسلامية يلتقون بروح واحدة للتحريض والكراهية، تهدف لإبقاء مسلمي أوروبا منعزلين على هامش مجتمعاتهم".
أما رئيس مجلس الهجرة الألماني البروفسور فيرنر شيفاور، فقد دعا المجتمع للمرونة بتعامله مع مسلميه، والاستفادة من طاقات المسلمين المتدينين، ودمجهم بأنشطته وعدم تصويرهم كمشكلة.
وأوضح أن دراسة لمشروع بحثي أشرف عليه أظهرت عدم تجاوب المدارس الألمانية وتعاملها بسلبية مع الأسر واضحة التدين لتلاميذها، وأوضح أن هذا التعامل السلبي المرتبط بالأحكام النمطية المسبقة و"الإسلاموفوبيا" لا يساعد بحل المشكلات، ويحول دون الاستفادة من قدرات الأسر المتدينة التي تعتبر الأكثر تفاعلا مع الأنشطة المدرسية.
ودعا شيفاور -بتصريح للجزيرة نت- مسلمي ألمانيا للاستمرار بأنشطتهم ومشاركتهم المجتمعية بقوة أكبر والتعاون مع محيطهم بالوقاية من "الإرهاب" ومكافحة رفض فئات بالمجتمع الألماني للمسلمين ورغبتها بانعزالهم.