السوريون بدير الزور.. مواطنون من دون أوراق
ياسر العيسى-دير الزور
وتتابع أنه بعد محاولات عدة وتدخل الهيئة الشرعية في المدينة رفضت إحدى كتائب المعارضة المسلحة -التي كانت تتخذ من المديرية مقرا لها- منحها الإضبارة بحجة عدم العثور عليها من بين آلاف الإضبارات، وعند عرض أحد أقاربها المساعدة في عملية البحث رفض طلبه بحجة أن المديرية "منطقة عسكرية" لا يسمح لأي شخص بدخولها.
نظام كافر
وتضيف الجابر قائلة إن "النظام تخلى بعد ذلك عن مطلبه بالحصول على الوثائق الأصلية، واشترط الحصول على صورة عنها فقط، لكن هذا الأمر لم يفلح في تغيير الأوضاع خاصة بعد سيطرة تنظيم الدولة على المدينة".
وتقع أغلب المقرات الحكومية في مدينة دير الزور داخل الأحياء التي سيطرت عليها المعارضة منذ عامين ونصف العام، ومن ثم تنظيم الدولة منذ نحو ستة أشهر، الأمر الذي جعلها عرضة للقصف والحرق والتدمير، مما ترك عددا كبيرا من الموظفين والمواطنين دون أوراق تعرف بهم أو يحتاجونها في معاملاتهم.
ولا تختلف قصة الشاب صفوان -نجل أحد الموظفين الذين أصيبوا جراء القصف على المدينة- عن قصة مها، ويؤكد أنه سافر إلى الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام للبدء في إجراءات تعويض الإصابة ليصطدم بالطلب ذاته المتعلق بضرورة إحضار أوراق رسمية من مؤسسته الحكومية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أنه "بعد محاولات متكررة رفض التنظيم منحي ما أريد بحجة أنها من ضمن الأوراق التي أحرقت جراء إحدى الغارات على المؤسسة التي كان يعمل فيها والدي"، وتوقفت محاولاته بعد صدور قرار من التنظيم يمنع فيه إعطاء أي ورقة رسمية، لمنع التعامل مع "النظام الكافر"، بل وسجن ومحاسبة المطالب بها.
"دبر رأسك"
وأغلب المعاملات الرسمية -خاصة المتعلقة بإجراءات التقاعد- تتطلب الإضبارة الأصلية للموظف، وتصر الدوائر الحكومية المتبقية تحت سيطرة النظام على حصول المواطن على هذه الأوراق على مبدأ "دبر رأسك"، وهي جملة يرددها الموظف الحكومي على الأغلب لمن يعلن عجزه عن الوصول إلى الأوراق في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
وأشار المدرس عامر إلى أن محاولات جرت من قبل مع الهيئات الشرعية التابعة للمعارضة التي كانت تحكم المدينة قبل سيطرة تنظيم الدولة من أجل جمع ما تبقى من الأوراق والشهادات في هذه المدارس ووضعها في مكان واحد بعيدا عن القصف والحرق والتدمير، لكنه جوبهت بالرفض، وبرروا هذا الرفض بأن "هناك قضايا أهم، ولا توجد عناصر بشرية كافية قادرة على القيام بهذه المهمة".
ويؤكد أن تنظيم الدولة رفض طلب العديد من الأشخاص الذين طالبوا بأوراقهم، إما لنقل أولادهم من مدرسة إلى أخرى أو لغايات أخرى.
وتابع أن البعض تجرأ على الدخول إلى المدارس المشرعة أبوابها مثل ثانوية غسان عبود -إحدى أقدم مدارس المدينة- ومدرسة يوسف العظمة المجاورة لها، والبحث في ما تبقى من أوراق داخلها رغم خطورة تعرضهم للعقوبة إذا ألقي القبض عليهم، وخلص إلى أن هذا الأمر لم يعد ممكنا الآن جراء تشدد تنظيم الدولة وتشديد الرقابة والحراسة على المدارس.