استياء من ترشح وزراء بن علي لرئاسة تونس
خميس بن بريك-تونس
لم يكن يتخيل "عم العربي" -وهو شيخ في السبعينيات عانى الاستبداد في حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس المخلوع زين العابدين بن علي– أن يعود رموز النظام السابق للمشهد السياسي وأملهم كبير للفوز بمنصب رئاسة تونس.
هذا المواطن يشعر بخيبة أمل بسبب ما اعتبره "نكسة كبرى" للثورة بدعوى أنها لم تحقق أبرز المطالب التي ثار لأجلها الشعب، وهي محاسبة رموز النظام السابق وإنصاف ضحايا الاستبداد والتعذيب وتحقيق العدالة الاجتماعية، وفق قوله.
ويضيف للجزيرة نت أنه تأذى كثيرا خلال حكم الرئيسين السابقين بسبب انتمائه إلى الاتجاه الإسلامي (حركة النهضة لاحقا)، مفيدا بأنه حصل على لجوء سياسي في سوريا حيث قضى أكثر من 15 عاما في المهجر "هربا من بطش بن علي".
وعقب سقوط النظام السابق عاد "عم العربي" إلى تونس مفعما بالأمل في بناء دولة تقطع مع الماضي وتنصف ضحايا الاستبداد وتحاسب المسؤولين السابقين في إطار محاكمات عادلة، غير أن "هذا الأمل تلاشى مع عودة رموز الاستبداد".
نكسة للثورة
ويمضي قائلا إن "ترشح عدد من وزراء بن علي للانتخابات الرئاسية هو نكسة للثورة"، معتبرا أن عدم محاسبتهم ورفض تمرير قانون العزل السياسي في الدستور لمنعهم من المشاركة في الحياة السياسية كانا بمثابة "خيانة للشعب".
وأعرب عن خشيته من أن صعود رموز النظام السابق قد يعيد التونسيين إلى مربع الاستبداد الأول.
وقد قدم وزراء سابقون ترشحهم للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 26 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهم: كمال مرجان (وزير خارجية سابق)، وعبد الرحيم الزواري (وزير نقل سابق)، وكمال النابلي (وزير مالية سابق) وكذلك الباجي قايد السبسي (رئيس برلمان سابق)، وهذه آخر مناصب تقلدها هؤلاء المسؤولون في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
ولا يستبعد مراقبون أن ينضم إلى السباق الرئاسي قبل أن يغلق باب الترشح الاثنين المقبل الوزير السابق منذر الزنايدي الذي فر بعد سقوط النظام إلى فرنسا وعاد منذ أيام قليلة إلى تونس حيث استقبلته حشود غفيرة في المطار.
حق دستوري
ويقول النائب بالمجلس التأسيسي عن حزب المبادرة كريم كريفة للجزيرة نت إن من حق كل التونسيين الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية أن يترشحوا للانتخابات، مذكرا بأن الدستور لا ينص على إقصاء المسؤولين السابقين.
وأكد أن حزبه رفض إقصاء المنتمين إلى الحزب الحاكم السابق لأن ذلك "يتعارض مع الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين"، ورجح أن يفوز بانتخابات الرئاسة زعيم حزبه كمال مرجان باعتباره "رجل دولة له كفاءة عالية".
من جانبه، يقول رئيس حزب الحركة الدستورية حامد القروي -وهو أول وزير أول إبان صعود بن علي للحكم بعد انتخابات 1989- للجزيرة نت إن "تونس في حاجة اليوم للجميع من أجل إنجاح مسارها الانتقالي الديمقراطي".
ويضيف أن حزبه رشح الوزير السابق عبد الرحيم الزواري باعتباره "شخصية وطنية تتمتع بكفاءة عالية وقدرة على حسن الإدارة"، رافضا التعقيب على الانتقادات التي توجهها عدة أطراف سياسية وشعبية للنظام السابق.
إجهاض الديمقراطية
في المقابل، يقول القيادي بائتلاف الجبهة الشعبية اليسارية جلول عزونة إن ترشح رموز النظام السابق عقب ثورة الشعب التونسي عليهم "قلة حياء"، ملاحظا أنهم استفادوا من عدم تمرير قانون العزل السياسي.
وبدوره، يرى أن عودة المسؤولين السابقين إلى الحكم من جديد "ستجهض الديمقراطية الناشئة في البلاد وستعيد البلاد إلى ممارسات النظام السابق"، رغم أنه شدد على أن قوى الثورة ستتصدى بكل قوة لعودتهم.