الصراعات الدموية.. فجوة بين الواقع وتعاليم الإسلام

منتدى أميركا والعالم الإسلامي بالدوحة - جلسة نقاش
متخصصون وأكاديميون ناقشوا في المنتدى المفارقة بين النصوص والممارسات الدامية (الجزيرة)

 سيد أحمد الخضر-الدوحة

 

حول المفارقة بين نصوص الشريعة الحافلة بالتسامح ونبذ العنف، والممارسات الدامية في أفريقيا والشرق الأوسط، دارت جلسة نقاشية على هامش منتدى أميركا والعالم الإسلامي الذي انطلقت أعماله اليوم بدوحة قطر.

الجلسة التي شارك فيها نخبة من المفكرين والأكاديميين حملت عنوان "العدالة في إعداد ما بعد الصراع: الشريعة الإسلامية والمجتمعات الإسلامية كأصحاب المصلحة في التحول الناجح".

جميع المشاركين انطلقوا من تجانس القانون الإسلامي والأعراف الدولية في ظروف الصراع، في وقت استغربوا اتساع الفجوة بين النصوص والممارسات على الأرض في العديد من بؤر التوتر.

شريف بسيوني البروفيسور بالمعهد الدولي للدراسات العليا في علوم الجريمة، شدد في مستهل النقاش على أن مبادئ الشريعة الإسلامية راقية وتعلي من مفاهيم التسامح وتقبّل الآخر ونبذ العنف والتطرف.

اتساع الفجوة
لكن بسيوني يستغرب من أن التعاليم التي تحث على الأخوة والتعاضد لم تحل دون مقتل أكثر من مليون شخص في بنغلاديش في سبعينيات القرن الماضي على أيدي مسلمين، مما يعكس اتساع الفجوة بين الإسلام وأتباعه.

 بسيوني: التعاليم التي تحث على التعاضد لم تحل دون قتل ملايين البنغال الجزيرة)
 بسيوني: التعاليم التي تحث على التعاضد لم تحل دون قتل ملايين البنغال الجزيرة)

هذه الفجوة تبلغ ذروتها في نيجيريا والصومال وشمال مالي، حيث ترتكب بوكو حرام و"الشباب المجاهدون" والحركات المسلحة فظاعات ليست من الإسلام في شيء، على حد قوله.

ولعل الأسوأ -في نظر بسيوني- أن العنف يتكرس ويتضاعف في الدول الإسلامية ولا ينتهي بأفول نظام مستبد، بدليل أن عدد القتلى تضاعف في العراق بعد رحيل صدام حسين.

وفي سوريا أيضا تبدو الفجوة كبيرة بين الشريعة والواقع على الأرض، إذ سقط أكثر من مائتي ألف قتيل بالرغم من أن الإسلام يحث على التصالح وحقن الدماء، يلاحظ بسيوني.

ويبدو البروفيسور حائرا أمام اختطاف بوكو حرام طالبات مدرسة بينما الدين الإسلامي حرم اقتحام البيوت وجرم الاغتصاب، وتجاوز في رقيه اتفاقيات جنيف عندما حذر جنوده من قطع الأشجار.

لكن ما أثاره بسيوني وأيده معظم المشاركين في النقاش، ليس سوى سرد للواقع فقط دون البحث في أسبابه وجذوره، كما أنه لا يخلو من مبالغات وربما تجن على المسلمين، وفق بعض الأكاديميين.

الأنظمة والعنف
العبيد أحمد العبيد مدير مركز الأمم المتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية، يرى أن أنظمة الحكم خلقت هذا الواقع بمصادرتها للحريات واستغلالها للدين.

محرزية العبيدي: وسائل الإعلام تصغي لأصوات التطرف(الجزيرة)
محرزية العبيدي: وسائل الإعلام تصغي لأصوات التطرف(الجزيرة)

فبينما يكفل الإسلام للجميع حرية التعبير، تعتبر دول عربية أن التعرض لذات الملك جريمة يعاقب عليها القانون، مما يعني أن أنظمة الحكم تؤسس للعنف في تعاطيها مع المواطنين، وفق العبيد الذي لفت إلى أن أتباع الديانات الأخرى "يقومون بفظاعات ولا أحد يتكلم عنهم".

وتقول محرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس التأسيسي في تونس إن وسائل الإعلام تصغي كثيرا لأصوات التطرف مما يجعل صداها يتردد في مختلف أنحاء العالم.

وتقول أيضا -في تصريح للجزيرة نت- إن اهتمام الإعلام بـ"الإسلام العنيف" فقط يتجلى في تجاهله للبعد الإنساني والحضاري لتجربة الإسلاميين في تونس، إذ لم ينتقموا من أعوان النظام السابق رغم أن أتباع حركة النهضة يمثلون نصف ضحايا القمع والاستبداد.

أما البروفيسور اليهودي بجامعة بوستن الأميركية هيليل لافين، فرأى أن هناك تجنيا في إلصاق العنف والتطرف بالمسلمين، مشددا على أن المسيحيين واليهود في أميركا أقل تسامحا وأكثر عنصرية من المسلمين.

هيليل الذي شدد على أن اليهود والمسيحيين "أكثر جنونا من بعض المجانين المسلمين" دعا إلى إنشاء مؤسسات لدعم الشباب لأن الأفكار لا تكفي لمحاربة السلوكيات العنيفة، وفق تقديره.

ويخلص إلى أنه لو أنفق القادة السياسيون 10% مما يصرفون على الحرب لأدى ذلك لكسب عقول الشباب، ولما اعتقد أبناء المسلمين في الغرب أن مواقع الإنترنت الجهادية تربطهم بهويتهم.

المصدر : الجزيرة