الحكومة العراقية تلجأ للمليشيات للدفاع عن بغداد
وقف جندي من القوات الخاصة العراقية الأسبوع الماضي يتابع تعزيز كتيبته العسكرية التي تتمركز شمالي بغداد بمقاتلين من مليشيا عصائب أهل الحق، وعلى مسافة لا تبعد كثيرا كان حشد من المسلحين يقف في مواجهة خطوطهم التي انتشرت بين مدينتي الدجيل وبلد.
وعلى مدى شهور كانت مليشيا عصائب أهل الحق ومليشيا أخرى دربتها إيران تدعى كتائب حزب الله السلاح السري لرئيس الوزراء نوري المالكي في حربه مع المسلحين الذين سيطروا على الفلوجة وبعض مناطق الرمادي بمحافظة الأنبار غرب العراق في يناير/كانون الثاني الماضي. وسيعتمد المالكي عليهم بشكل لم يسبق له مثيل في الأيام القادمة، ليقودوا جيشا من المتطوعين للدفاع عن بغداد.
وتقدم المسلحون سريعا عبر شمال العراق الأسبوع الماضي وسيطروا على الموصل ثانية كبرى المدن في البلاد وعدة مناطق أخرى.
وفي مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين تقدم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام إلى مشارف بغداد. وقال اثنان من مستشاري المالكي إنه طالب بمتطوعين من المليشيا بسبب خبرتهم في حرب الشوارع بعد أن شاهد معاناة جيشه.
وأرسلت عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله مقاتلين إلى سوريا للدفاع عن المزارات الدينية. وأثناء مراسم تشييع قتلاهم في معارك حول بغداد في حي الحرية وعلى صفحات فيسبوك كانوا يعلنون عن أرقام هواتف لتجنيد مقاتلين جدد للانضمام للمعركة حول حدود العاصمة.
لكن في ظل حماستهم لدحر القاعدة نفذت المليشيات عددا من الهجمات في مناطق شمالي وجنوبي وشرقي بغداد أسفرت عن سقوط قتلى مدنيين، ونقلت جثث هؤلاء بعد ذلك بأيام إلى المشرحة، مما أعاد إلى الأذهان أسوأ أيام الحرب الطائفية التي عاشها العراق بين العامين 2005 و2008.
ووقع أسوأ هجوم من هذا النوع في أواخر مارس/آذار الماضي عندما دهمت قوات الأمن وأفراد مليشيا عصائب أهل الحق بلدة بهرز، وقتلوا ما لا يقل عن 23 شخصا بعد أن استولى المسلحون على البلدة.
وفي أبريل/نيسان الماضي قالت مصادر طبية إن ما لا يقل عن 50 جثة لمجهولين وصلت إلى المشرحة، وكان كثير منهم موثقي الأيدي ومصابين بأعيرة نارية في الرأس، وهي من علامات أسلوب القتل الذي تنتهجه المليشيات، وعثر على الجثث على مشارف حي مدينة الصدر شرق بغداد وحي الشعلة إلى الغرب منها.
وقبل سقوط الموصل الأسبوع الماضي ظلت أنشطة مليشيا عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله طي الكتمان، وأقر ساسة وأفراد في المجموعتين بأنشطة المليشيات في أحاديث خاصة، لكن متحدثين باسم الحكومة وباسم الجماعتين نفوا مشاركتهم في القتال.
تعهد
لكن بينما تسعى الجماعات المسلحة للنفاذ إلى بغداد، أصبحت المليشيتان في طليعة المتطوعين، ولم يعد أحد يهتم بالتظاهر بأن المقاتلين لا يقومون بدوريات أو يقاتلون في المناطق النائية ببغداد.
وفي ظل شائعات ومزاعم عن وجود مستشارين إيرانيين أو وحدات إيرانية تعمل في العراق، فإن أي وجود إيراني مرتبط على الأرجح بهذه المجموعات التي تدربت لسنوات على أيدي طهران.
وتعهد المالكي الثلاثاء بتسليح المتطوعين لاستعادة الموصل، وانضم رجال الدين وسياسيون إلى الدعوة.
ودعا متحدث باسم المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني إلى حمل السلاح أول أمس الجمعة. ولم يدع السيستاني -أهم رجل دين شيعي في العراق- المواطنين إلى حمل السلاح أثناء الحرب الأهلية السابقة.
بل إن خصوم المالكي الذين صوروا أنفسهم بأنهم معتدلون مقارنة برئيس الوزراء أرسلوا متطوعين للصفوف الأمامية حول بغداد، وتسارعت قوافل المتطوعين أمس السبت.
وقال عضو بارز في حزب الدعوة الذي ينتمي إليه المالكي إنه لا يوجد خيار آخر سوى اللجوء للمقاتلين المتطوعين سواء كانوا من العشائر أو مرتبطين بالمليشيات. وأقر بأن استخدام المليشيات يضعف سلطة الدولة، لكنه قال "إنه لا يرى سبيلا آخر للحفاظ على العراق".