تحالف إسلامي يساري لإسقاط النظام بالجزائر
هشام موفق-الجزائر
ولئن كان هذا الائتلاف ليس الأول من نوعه منذ إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لانتخابات 17 أبريل/نيسان الماضي، فإن ضمّه لعناصر من الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة وجبهة القوى الاشتراكية أثار الانتباه.
يذكر أن بوتفليقة فاز بولاية رابعة في الانتخابات الأخيرة رغم تدهور حالته الصحية، وأدى اليمين الدستورية الاثنين الماضي وهو على كرسي متحرك.
وكانت شخصيات سياسية وأكاديمية وناشطون في المجتمع المدني أعلنوا تشكيلهم "التحالف الوطني من أجل التغيير".
وينشط في الائتلاف مراد دهينة عضو أمانة حركة "رشاد" ومؤسسة منظمة الكرامة، وأنور هدام المنتخب بالبرلمان عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ قبل توقيف المسار الديمقراطي، وأستاذ الاقتصاد في مونتريال البروفيسور عمر أكتوف.
كما ينشط في هذا الائتلاف السكرتير الأول السابق لجبهة القوى الاشتراكية كريم طابو، ومسؤول الحزب في الخارج سابقا سمير بوعكوير، والوزير الأسبق غازي حيدوسي، والمنسق السابق للجنة الدفاع عن حقوق العاطلين عن العمل الطاهر بلعباس، وغيرهم.
تشتيت المعارضة
ويرى عضو الائتلاف كريم طابو أن "النظام نجح في تشتيت المعارضة، وإلصاق تصنيفات لها من إسلامي إلى علماني ويساري وغيرها".
وأضاف للجزيرة نت أن "التحالف فكرة وليس تشكيلا سياسيا قدم ملف اعتماده لوزارة الداخلية، والهدف هو خلق نقاش سياسي بغض النظر عن الأشخاص أو عدد المتبنين للمبادرة، بقدر ما هو إحياء للعمل السياسي الذي عطلته السلطة".
ويؤكد طابو أن العديد من الناشطين السياسيين يدّعون أنهم معارضة وما هم بمعارضة، كما أن الكثيرين سقطوا في مطب النظام الذي ألصق بهم تصنيفات مختلفة.
ويعتقد أن التقاء هذه الفعاليات بمختلف خلفياتها والنقاش سيفتح الباب أمام بلورة الآليات المناسبة للتغيير والانتقال الديمقراطي.
من جانبه، رد عضو الائتلاف أنور هدام المقيم في واشنطن على خلفية تحالفهم كإسلاميين مع يساريين، بأن "ثقافة التنوع والتعددية الفكرية والأيدولوجية بل والدينية متجذرة في ثقافتنا السياسية داخل حركة البناء الحضاري منذ تأسيسها أواخر الستينيات من القرن الماضي".
وذكر هدام في رسالة إلكترونية مطولة بعث بها إلى الجزيرة نت، محطات تاريخية منذ العام 1936 عندما ذهب وفد جزائري متنوع إلى فرنسا المحتلة آنذاك للدفاع عن حقوق الشعب الجزائري، وصولا إلى عقد روما عام 1995، تدلل على أن الاختلاف لم يمنع الفرقاء أبدا من الالتقاء على مشروع موحد.
وأضاف أن "الوضع الخطير الذي آلت إليه البلاد هو الذي سرّع هذه الأولوية، وجعل الجميع يدرك حتمية التغيير اليوم وليس غدا".
مشكلة الاستبداد
ويرى الكاتب الصحفي والمتابع لنشاط المعارضة رشيد ولد بوسيافة أن زمن الصراعات الأيدولوجية قد ولى في الجزائر وتونس وبلدان أخرى، بعدما أدرك الإسلاميون والعلمانيون واليساريون أن التحدي الأكبر هو مشكلة الاستبداد.
وأضاف ولد بوسيافة للجزيرة نت أن "انصهار كل من الإسلاميين والعلمانيين في تحالف واحد بالجزائر مبرر تماما، وهذا للوقوف في وجه مشروع نظام الحكم الرامي إلى إبقاء الأمور على حالها في خدمة المتنفذين والمنتفعين".
لكنه يرى أن هذا التحالف لن يضيف شيئا إلى المشهد السياسي لأن "السلطة أفرغت العملية السياسية من محتواها وتفّهت الأحزاب في نظر الشعب".
ويتفق مع هذه الرؤية الكاتب الصحفي أحمد مقعاش الذي يرى هذه المبادرة بمثابة "سانت إيجيديو" التي جمعت بين فرقاء سياسيين عام 1995 خلال الأزمة التي عرفتها البلاد نتيجة توقيف المسار الانتخابي.
غير أنه انتقد الغاية من هذه المبادرة لأنها "تدعو في حقيقتها إلى جمهورية ثانية تلغي كل ما تحقق منذ الاستقلال"، وفق ما صرح به للجزيرة نت.
لكن الكاتب الصحفي مصطفى هميسي يتحفظ على إعطاء هذه الزاوية أهمية أكثر من حجمها، وقال للجزيرة نت "ليس النقاش حول تحالف إسلامي يساري أو غير ذلك.. المهم في القضية عمق النقاش الذي ستحدثه المبادرة، وما الإضافة التي يمكن أن تقدمه للمشهد السياسي بالجزائر".
وأضاف أن "كل المبادرات التي طرحتها المعارضة جديدة، ومن الإجحاف الحكم عليها الآن (..) علينا أن ندعها تقدم بضاعتها، وبعد فرز صفوفها سيتبين للشعب من يمثل طموحاته وآماله".