الاحتجاجات المطلبية تعترض انطلاقة حكومة لبنان

موظفو القطاع العام ومعلمو المدارس الرسمية اجتمعوا للضغط على النواب لإقرار السلسلة في أبريل 9 2014
موظفو القطاع العام ومعلمو المدارس احتشدوا للضغط على مجلس النواب لتلبية مطالبهم (الجزيرة)

علي سعد-بيروت

لم تكد الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة تمام سلام تنطلق في مواجهة الكثير من البنود المتراكمة بعد حوالي 11 شهرا من تصريف الأعمال حتى انهالت عليها التحركات المطلبية من كل حدب وصوب.

وترافقت هذه المطالب مع الجلسات التشريعية لمجلس النواب الذي تراكمت على جدول أعماله البنود الحياتية المؤجلة.

وإذا كانت تحركات الشارع أمرا صحيا نوعا ما وتعبر عن حال الاستقرار الأمني الذي يعود لانحسار موجة التفجيرات ووضع الخطط الأمنية لطرابلس (شمال) والبقاع (شرق) فإن تمدد التحركات أصاب البلاد بالشلل على مدى أكثر من يوم.

ومن ضمن القطاعات المتحركة لرفع مطالبها هيئة التنسيق النقابية والأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية ومتطوعو الدفاع المدني.

ونظم كل من المستأجرين والمالكين القدامى مسيرات متقابلة واعتصم مياومو مؤسسة كهرباء لبنان والرافضون لصيغة إقرار قانون العنف الأسري، مما يعكس الاهتراء الذي وصلت إليه الأمور وعدم قدرة المواطنين على تحمل المزيد من "الاستهتار" بلقمة عيشهم.

ورغم نجاح مجلس النواب بتخطي العديد من هذه العقبات، أبرزها ملف مياومي الكهرباء والدفاع المدني وقانون الإيجارات بعد مشاورات مع الحكومة، فإن أزمة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام بقيت عالقة بانتظار إيجاد التمويل.

رفض التجزئة
يأتي ذلك في وقت ترفع فيه هيئة التنسيق سقف مطالبها، معتبرة أن معركة تحسين أجور العاملين في القطاع العام مفتوحة على كل التطورات في حال استمرار ما تصفها بالمماطلة في إعطاء الحقوق المكتسبة.

غريب أكد أن الهيئة لن تفرط في حقوق الموظفين أو تقبل بتجزئتها (الجزيرة)
غريب أكد أن الهيئة لن تفرط في حقوق الموظفين أو تقبل بتجزئتها (الجزيرة)

وقال رئيس الهيئة حنا غريب إن هناك رفضا كاملا لربط إقرار سلسلة الرتب والرواتب بتحصيل إيرادات جديدة لأنه
لا يعقل أن يكون هناك قانون مقابل كل قانون جديد يجري إقراره.

وأشار غريب -في حديث للجزيرة نت- إلى أن المعركة مستمرة، وأن ملف الأجور لا يتوقف عند هذه النقطة، مشددا على أن الهيئة لن تفرط مهما كان الثمن بهذه الحقوق أو تقبل بتجزئتها أو تقسيطها.

وتطالب الهيئة بتصحيح في الأجور نسبته 121% بعدما تجمدت منذ عام 1996 رغم موجات التضخم التي شهدها البلد، فيما يقول النواب إن إيرادات الدولة لا تكفي لتمويل السلسلة البالغة 2900 مليار ليرة.

لكن غريب شدد على أن وقف الهدر والفساد والمحاصصة في الدولة كافٍ لتمويل السلسلة ثلاث مرات، متسائلا لماذا تدفع أموال خدمة الدين والأموال الريعية للمصارف فيما لا ينال الموظفون حقوقهم المكتسبة على مدى سنوات عملهم إلا عبر فرض ضرائب جديدة على الفقراء؟

ورغم أنه لا يمكن إيجاد نائب أو وزير يطلق موقفا ضد إقرار سلسلة الرتب والرواتب فإن النقابيين يستغربون أن تأخذ اللجان النيابية المشتركة كل هذا الوقت لإقرارها، ويتخوفون من التسويف والمماطلة في الملف.

قرار سياسي
وإضافة إلى إشكال التمويل، يقف في وجه الموضوع ضغط من نوع آخر يقوم به مصرف لبنان الذي يسعى لتجزئة السلسلة، فيما ترفضها الهيئات الاقتصادية التي تملك قدرة تأثير كبيرة في المشهد السياسي اللبناني.

‪وزنة رأى أن  تمويل السلسلة يمكن‬ (الجزيرة)
‪وزنة رأى أن  تمويل السلسلة يمكن‬ (الجزيرة)

ومن شأن هذا الضغط أن يؤدي لفرض ضرائب على الفئات الأكثر فقرا في المجتمع.

وقال المحلل الاقتصادي غازي وزنة إن تمويل السلسلة رغم كلفته المرتفعة يمكن توفيره عبر وقف الهدر والفساد والخوض في عمليات الإصلاح.

لكنه نبه -في حديث للجزيرة نت- إلى أن هذه الإيرادات تحتاج إلى وقت طويل، فيما أموال السلسلة يجب أن تدفع مباشرة لدى إقرارها، مشيرا إلى أن اقتراح تقسيطها على أكثر من سنة يساعد في استيعاب تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية.

وأشار إلى وجود عدة مصادر مباشرة للتمويل مثل الأملاك البحرية ورفع الضريبة على الفوائد وإيداعات المصارف والأرباح العقارية ورسوم تراخيص البناء، قائلا إن هذه الضرائب لا تطال الطبقتين المتوسطة والفقيرة بشكل مباشر، لكنه أشار إلى أن هذا الموضوع بحاجة لتوافق سياسي.

وأكد وزنة أن تداعيات إقرار السلسلة على الاقتصاد اللبناني يمكن استيعابها إذا كانت عبر مصادر تمويل مقبولة، ولكنه حذر من أن ضخ مليار و900 مليون دولار بشكل مباشر في السوق- والتي تساوي 4% من الاقتصاد اللبناني- ستكون له تداعيات سلبية أبرزها ارتفاع التضخم.

كما نبه إلى أن هذا الإجراء سيؤدي لزيادة سلبية في الكتلة النقدية على المديين المتوسط والبعيد، إلى جانب الخوف من أن تكون مصادر التمويل غير كافية وتؤدي لمزيد من العجز في مالية الدولة.

المصدر : الجزيرة