التضامن العربي بعد قمة الكويت.. إلى أين؟

صورة من البيان الختامي للقمة العربية بالكويت
القمة العربية في الكويت حلم بالتضامن عصفت به رياح الخلافات (الجزيرة نت)
undefined

سيدي محمود هلال-الكويت

حملت قمة الكويت عنوانا كبيرا يعقد عليه العرب آمالا كثيرة هو "التضامن العربي لمستقبل أفضل"، ولكن فعاليات القمة والخلافات التي لم يستطع القادة إخفاءها وراء مجاملاتهم جعلت الكثير من المحللين والمفكرين يتساءلون عن مصير هذا الأمل: أمل التضامن العربي؟

فمع أن عوامل الوحدة العربية لا مجرد التضامن قائمة ومتفق عليها فإن العرب ممثلين في دولهم وفي جامعتهم لم يقطعوا خطوة واحدة في هذا الاتجاه منذ زمن الاستقلال وشعارات الوحدة التي لا تكاد ترفع حتى تخبو من جديد.

عبر الرئيس التونسي منصف المرزوقي بمرارة عن حالة التشرذم العربي مقارنا حال العرب بأوروبا التي تنقصها عوامل متوافرة لدى العرب، كما عبر عن الحاجة إلى التضامن متحدثون آخرون كل بطريقته، وحسب الهدف الذي يرمي إليه من وراء التضامن وحسب مفهومه له.

دولة الكويت الراعية للقمة عبرت عن هذا الشعار الذي حملته القمة في كلمة أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التي ركزت على ضرورة العمل العربي المشترك والبحث في الأسس التي ينطلق منها وإيجاد السبل الكفيلة به "من خلال النأي به عن أجواء الخلاف، والتركيز على عوامل الجمع في هذا العمل".

مصير التضامن العربي يبدو اليوم للمحللين أبعد مما كان عليه من قبل، إذ عصفت به رياح الخلافات العربية التي أعقبت ما تفاءلت به الشعوب من حركات  سميت وقتها الربيع العربي

خلافات تعصف بالأمة
وقال الأمير "دعوني أتحدث بصراحة حول أمر محزن يحتاج منا إلى وقفة صادقة وجهد مخلص لإنهائه، ألا وهو الخلافات التي اتسع نطاقها في أمتنا العربية وباتت تعصف بوجودنا".

وفي السياق نفسه، دعا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود إلى التضامن في وجه التهديدات التي يراها خطيرة والتي تتلخص أساسا في موضوع الإرهاب.

أما الذي تحدث أكثر عن التضامن فكان الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور الذي دعا إلى تضامن قوي، مركزا فيه على وزارات الداخلية، ومؤنبا من قال إنهم "يقفون في الجانب الخطأ من التاريخ"، وداعيا إياهم إلى العودة إلى الصف والتضامن مع أشقائهم.

وكاد التضامن في خطاب الرئيس المصري المؤقت أن يكون مرادفا للتعاون بين وزارات الداخلية العربية وبين أجهزة الأمن، ونزع جذور ما سماه الإرهاب.

ولذلك يرى أستاذ العلوم السياسية الكويتي إبراهيم الهبان أن عنوان هذه القمة "التضامن العربي" لم يتقدم اليوم خطوة واحدة في هذه القمة، مشيرا إلى أن الحكام أتوا، وأرسل كل واحد منهم رسائله وغادر أغلبهم دون أن ينتظر.

ويدل ذلك -بحسبه- على أن التضامن بل والتفاهم لن يكون بعد القمة أحسن مما كان عليه قبلها. وأوضح أن تدني مستوى التمثيل كان إلى حد كبير تعبيرا عن التمترس وراء مواقف لا يريد الجميع تجاوزها.

‪بدرخان: الكويت لم تشأ أن تقوم‬ (الجزيرة نت)
‪بدرخان: الكويت لم تشأ أن تقوم‬ (الجزيرة نت)

قمة الرسائل
وعلق الهبان على القمة بأنها كانت مجرد إرسال للرسائل، وأن تعبير المتحدثين عن التضامن جاء كرسائل تعبر عن مواقفهم، إذ يراه بعضهم في التعاون الأمني والبعض في عدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع أن بعضهم رآه في التصالح بين الحكام والشعوب، وكلها رسائل فهمها من وجهت إليهم، حسب رأيه.

أما الكاتب والصحفي عبد الوهاب بدرخان فقد رأى في حديث للجزيرة أن الخلافات العربية بادية وإن كان التعامل معها ما زال يدور بالطريقة التقليدية نفسها من التكتم عليها، إلا أن الحالة النفسية للمتحدثين تعكس عمق الخلاف بينهم.

وأوضح أن مرد الخلاف بشأن المقعد السوري لم يكن رفضا سياسيا -في ما عدا حالة العراق- وإنما هو مسألة بيروقراطية بالأساس، مشيرا إلى أن الكويت لم تشأ أن تقوم بأمر ليس عليه إجماع، ولذلك لم تقم بما قامت به قطر في القمة الماضية حين أعطت المقعد للمعارضة السورية.

وبدا أن القمة أرادت الخروج بأقل خسارة كي لا تضيف خلافات جديدة -حسب رأي بدرخان- وبالتالي فالجميع ينتظر ما بعد القمة، خاصة الوساطة الكويتية بين السعودية والإمارات من جهة، وقطر من جهة ثانية، وربما مصر في مرحلة لاحقة.

وعليه فإن مصير التضامن العربي يبدو اليوم للمحللين أبعد مما كان عليه من قبل، إذ عصفت به رياح الخلافات العربية التي أعقبت ما تفاءلت به الشعوب من حركات سميت وقتها الربيع العربي.

المصدر : الجزيرة