حماة.. من مدينة مأهولة إلى سجن كبير


محمد الناعوري-حماة

في الليل يخرج ناشطون من مدينة حماة السورية لا لسرقة منزل أو محل تجاري، لكن خوفا على حياتهم من رصاصة تردي أحدهم أو اعتقال قد يطول في أقبية النظام، يخرجون ليكتبوا على جدران مدينتهم شعارات مناهضة للنظام بعدما خنقها الأخير أمنيا وعسكريا.

ويقول أحد هؤلاء الشبان الناشطين (أبو فاروق) إن النظام مرتاح في المدينة ويستبيح فيها كل شيء، فأي شخص يسير في الطريق عرضة للتفتيش، وكل شيء يحمله في يده مدعاة للشك والريبة.

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن المارين على الحواجز داخل المدينة خاضعون بشكل أساسي لمزاج عناصر الحاجز الذين ليس لديهم أي عمل سوى إزعاجك واستغلالك بأشكال وصور مختلفة.

ويروي الناشط في العمل الإغاثي (أبو سعيد) قصة مروره مع أصدقائه على أحد الحواجز، حيث طلب العنصر منهم التوقف بعيدا والذهاب إليه، فاستغلوا انشغاله بأشخاص آخرين-يتابع أبو سعيد- وقاموا برمي هواتفهم المحمولة في أحد الأبنية قرب الطريق، لأنها تحوي تطبيقات لمواقع تواصل اجتماعية يعد وجودها تهمة مثل "سكايب وفيسبوك"، وعندما دخلوا الحاجز اتهمهم العناصر بإخفاء مسدسات، فقاموا بالتحقيق معهم لعدة ساعات ولم يطلقوا سراحهم إلا بعد دفع مبلغ من المال.

لا رادع
ويردف أبو سعيد في حديث للجزيرة نت أن وجود عناصر الأمن لم يعد مقتصرا على الحواجز فقط، فهم يجلسون في المحلات ويتجولون في المدينة لقضاء حاجاتهم من دون سلاح أحيانا، كما يداهمون المكان الذي يريدونه حتى في ساعات متأخرة من الليل لعلمهم بعدم وجود الثوار في المدينة، أي بكلام آخر "لا رادع لهم".

وأغلق النظام كثيرا من الطرقات في حماة لحماية حواجزه ومنع مرور السيارات من أمامها خوفا من العبوات الناسفة المزروعة في السيارات.

كما لجأ أيضا إلى نصب ما يُسمى الحواجز الطيارة في بعض الطرقات الفرعية التي يسلكها الناس ليتجنبوا التفتيش وتكون عادة مؤلفة من عدد من العناصر المسلحة وسيارة أمنية وأجهزة لاسلكية تستخدمها للتواصل مع الفرع والتحقق من أسماء المطلوبين، حسب أبو سعيد.

ويتحدث أبو سعيد عن زيادة تحصينات النظام لحواجزه، ويشرح أنه في العام الماضي أغلق أحد الشوارع من طرفيه بعد أن قام الثوار باستهدافه من مسافة قريبة فافتعلت البلدية حفريات في الطريق دامت لشهور عدة، كما تم إغلاق شارع آخر مؤدٍ إلى حاجزين للنظام، وتحويله إلى ما يشبه قلعة محصنة بأكياس الرمل والسواتر الإسمنتية.

المصدر : الجزيرة