برلمان تركيا يواصل تحجيم وصاية العسكر

epa00964835 Turkish army troops march during the ceremony before deploying to Kabul, Afghanistan for their duty on ISAF 'International Security Assitance Force' in Ankara, Turkey on Friday 23 March 2007. EPA/STR
undefined

وسيمة بن صالح-إسطنبول

يبدو أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ورغم العواصف السياسية التي يمر بها في الوقت الراهن، ما زال يكسب جولاته لإبعاد قبضة الوصاية العسكرية عن الساحة السياسية للبلاد.

ونجح الحزب في تمرير تعديلات جديدة على القانون العسكري يوم 11 فبراير/شباط الجاري بالبرلمان، صادق عليها رئيس الجمهورية التركي عبد الله غل يوم الجمعة، ولم تسجل أية صدامات حادة ضد القرار من قبل المعارضة التركية، باستثناء اعتبارها أن بعض المواد المعدلة تهدف إلى حماية مصالح رئاسة الأركان العامة التي عقدت اتفاقا بتعاون ضمني مع الحكومة التركية.

وأبرز هذه التعديلات هو فتح الطريق أمام إمكانية محاكمة رئيس هيئة الأركان العامة وقادة القوات المسلحة وقوات الدرك أمام محكمة الديوان العليا بدل المحكمة الجنائية، في حال ارتكابهم جرائم تتعلق بمناصبهم.

وكذلك خضوع المطالبة بفتح تحقيقات بحق رئيس هيئة الأركان العامة وقادة قواته المسلحة لمصادقة رئيس الوزراء، في حين تخضع نفس المسألة فيما يخص قائد قوات الدرك لمصادقة وزير الداخلية. وحسب القانون المعدل، فإن أي شكوى أو إخبار يقدم باسم مستعار أو بدون توقيع أو اسم أو عنوان محدد، لن يتم قبوله.

‪باران: التعديلات الجديدة ستعيد الجيش‬  (الجزيرة)
‪باران: التعديلات الجديدة ستعيد الجيش‬  (الجزيرة)

حماية الوطن
عدنان باران وهو أحد مؤسسي منبر القوميين الأتراك المستقلين، أشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن البرلمان أقر هذه التعديلات بناء على طلب رئاسة هيئة الأركان التركية التي أرسلت مسودتها إليه.

واعتبر السياسي التركي -الذي أعلن تأييد منبرهم للحزب الحاكم- أن التعديلات الجديدة ستعيد الجيش إلى مهمته الأساسية وهي "حماية حدود الوطن والابتعاد عن الساحة السياسية".

ووصف هذه الخطوة بأنها حلقة من سلسلة تغييرات ضد وصاية العسكر، بدأت بشكل حقيقي مع تصويت الشعب التركي لصالح التعديلات الدستورية بتركيا في استفتاء سبتمبر/أيلول 2010 "ليتم تغليب الطبيعة المدنية للنظام على مسحته العسكرية السابقة، وجعل الخيار الديمقراطي في مواجهة الخيارات الانقلابية وغير الشرعية".

واعتبر باران أن ما قامت به الحكومة التركية يصب في مصلحة البلاد، لأن "جميع الدول المتقدمة في العالم والتي تتمتع بحقوق الإنسان والديمقراطية تُخضع البيرقراطية العسكرية للسيطرة التامة للإدارة المدنية، في حين يتم تصميم الجيش في دول العالم الثالث لحماية الأنظمة القائمة فيه وليس الوطن والشعب".

لكنه اشترط لالتحاق تركيا بتلك المراكز المتقدمة ضرورة وضع دستور مدني مبني على حقوق الإنسان، لإنهاء الوصاية العسكرية بشكل نهائي.

‪غوك أشار إلى أن التعديلات الجديدة جاءت كتعاون ضمني بين الحكومة والجيش‬ (الجزيرة)
‪غوك أشار إلى أن التعديلات الجديدة جاءت كتعاون ضمني بين الحكومة والجيش‬ (الجزيرة)

الحكومة والعسكر
وحسب ما نشره موقع "صحيفة تركيا" الإخباري، فقد اعترض حزب الشعب الجمهوري المعارض على المادة الخاصة بتسليم حق البت بشأن فتح تحقيقات ضد رئيس هيئة الأركان العامة وقادة القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية وقوات الدرك. وطالب الحزب المعارض بأن يكون مجلس الدولة هو الذي يبت في هذا الشأن، لكن هذا الاعتراض قوبل بالرفض من قبل البرلمان.

وأشار الخبر إلى أن النائب عن نفس الحزب في أنقرة لاواند غوك أشار إلى أن التعديلات الجديدة جاءت "كتعاون ضمني" بين الحكومة ورئاسة الأركان العامة للجيش لقطع الطريق أمام أي دعوة تعويضات محتملة يتم إقرارها من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بخصوص ملف غارة "أولوديري" الذي ما تزال التحقيقات متواصلة بخصوصه.

وكان الطيران التركي قد شن يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 2011 غارة على قرية أولوديري في إقليم شيرناك جنوب شرق البلاد قرب الحدود العراقية على من قال الجيش إنهم "إرهابيون"، في إشارة إلى مسلحي حزب العمال الكردستاني. وراح ضحية تلك الغارة 35 مدنيا كرديا. ورغم اعتذار الحكومة عنها، فإن أردوغان دافع عن الجيش قائلا إنه "لم يكن ممكنا تحديد هوية الأشخاص".

ويعتبر بعض المحللين السياسيين أن التطورات الأخيرة بين الحكومة والمؤسسة العسكرية يمكن أن تفتح الباب من جديد لعودة الوصاية العسكرية.

لكن رئاسة أركان الجيش نفت ذلك على لسان رئيسها الجنرال نجدت أوزال في مقال لصحيفة "حريت" أكد فيه أن "الجيش ملتزم بالوعود الحقوقية والديمقراطية، ولا يمكن العودة إلى زمن الوصاية العسكرية، بل سيكون الجيش مساعداً لترسيخ الديمقراطية".

المصدر : الجزيرة