"باب العزيزية" من قلعة رعب إلى متنزه

الحكومة تعمل على إزالة الأنقاض في باب العزيزية

undefined

شاهر الأحمد-طرابلس

باب العزيزية، اسم كان يبث الرعب في قلوب الليبيين، فقد كان المقر الرئيسي للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي في طرابلس، وكان شديد التحصين من حيث متانة البناء والتحصينات والتجهيزات الأمنية التي توجد فيه وحوله. وبسبب إجراءاته الأمنية كان الليبيون يتجنبون المرور بالشوارع التي تحيط به خشية أن يشتبه فيهم فيُستهدفون من قبل الحراسة المكثفة التي كانت تنتشر طوال الوقت.

وعقب سيطرة الثوار على المكان في أغسطس/آب 2011 انتقلت عشرات الأسر إلى عدد محدود من المباني التي لا تزال قائمة بين أطلال المجمع الذي كان يسكن به القذافي وأبناؤه والمقربون.

ولتغيير صورة هذا المجمع في مخيلة المواطنين الليبيين، قررت الحكومة الليبية المؤقتة تحويله إلى متنزه عام، يشمل حدائق ومساحات خضراء، ضمن الحزام الأخضر لمدينة طرابلس.

وأكدت وزيرة السياحة الليبية إكرام باش إمام للجزيرة نت القرار الحكومي، وأن وزارتها ستشرع في التخطيط لمشروع المتنزه وطرحه على شركات متخصصة فور انتهاء الجهات الحكومية المعنية من إزالة مخلفات الأسوار والمباني المهدمة، وتنظيف المكان الذي تبلغ مساحته نحو ستة كيلومترات مربعة، مشيرة إلى أن هذه العملية تسير بشكل متأن.

وأضافت الوزيرة أن الحكومة -من باب التمهيد للمشروع- تبحث في حال الأسر التي سكنت في المكان إثر سيطرة الثوار على باب العزيزة، مؤكدة أن الحكومة معنية بحل مشاكل الليبيين بطريقة مناسبة، وبحيث لا يكون هناك تعد على المال العام.

 
الفقر دفع عائلة أم أيوب للسكن في باب العزيزية (الجزيرة نت)
الفقر دفع عائلة أم أيوب للسكن في باب العزيزية (الجزيرة نت)
ركام وفقر
تجولت الجزيرة نت في باب العزيزية، فرصدت انتشار الركام والخراب في كل مكان، إلى جانب تهدم جانب كبير من الأسوار الخرسانية التي كانت تحيط بالمكان، ومعظم البيوت الفخمة والمباني تحولت إلى دمار. 

فقد عمد الثوار عند دخولهم مدينة طرابلس إلى استهداف مقر القذافي المعروف بكثرة إجراءاته الأمنية وممراته تحت الأرض، وكانوا يتوقعون حينها اختباء القذافي في مكان ما داخله.

ووقفت الجزيرة نت في الجولة عند بعض الأماكن التي اتخذتها بعض الأسر بيوتا لها، ورغم أن أجزاء من هذه البيوت قد تهدم جراء القصف، فإن الساكنين -الذين يبدو عليهم الفقر- رمّموا المكان بطريقة تمكنهم من العيش فيه.

دخلنا لأحد البيوت، فوجدناه جهّز بأقل الأدوات. وأوضحت المواطنة أم أيوب أنها وأسرتها تعيش في فقر وعوز، وأنها كانت تسكن سابقا في أحد البيوت بالإيجار، وعندما لم تتمكن من دفع الإيجار وسمعت بتوفر أماكن تصلح للسكن في باب العزيزية جاءت بعائلتها إليه حتى تتخفف من أعباء الحياة.

وعن اعتزام الحكومة إخراج كل من سكن باب العزيزية وتحويله إلى منتزه عام، قالت أم أيوب إنها تعلم بذلك حيث جاءت لجنة من الحكومة وحصرت أسماء الساكنين هنا، وتعرفت على أوضاعهم، معربة عن اطمئنانها بأن المسؤولين سيجدون حلا مناسبا لهم ولن يلقوهم إلى الشارع.

من جهتها أكدت جارة أم أيوب وتدعى نسرين أنها اضطرت هي أطفالها وزوجها العاطل عن العمل للسكن في بقايا البيوت هذه بسبب الحاجة، معتبرة أن السلطة بعد الثورة تحرص على معيشة الشعب وستجد حلولا لمن يمرون بظروف صعبة.

‪‬ أحد جيران باب العزيزية أعرب عن فرحه وبقية جيرانه بسقوط القذافي(الجزيرة نت)
‪‬ أحد جيران باب العزيزية أعرب عن فرحه وبقية جيرانه بسقوط القذافي(الجزيرة نت)

تضييق
وخارج باب العزيزية قصدنا المنطقة الملاصقة له لنستوضح الوضع الذي كانوا يعيشونه إبان حكم القذافي، فأكد لنا كل من التقيناهم أن أهل المنطقة كان يُضيق عليهم. فما كان يسمح لهم بالعلو في البناء حتى يبقى دون مستوى السور الذي يحيط بمجمع العزيزية، مضيفين أن السنتين الأخيرتين شهدتا ارتفاعا لبعض المباني.

 

كما أشار من سألناهم من أهل الحي إلى أنهم عند مرورهم بالقرب من باب العزيزية يسرعون الخطى ويحرصون على عدم النظر للأعلى، وأنه كثيرا ما كان يتعرض لهم حرس المجمع بالشتم أو الصراخ.

والتقينا في جولتنا الهادي بوعجيلة (70 عاما) الذي أفاد بأنه بسبب قربه من مجمع باب العزيزية، الذي يفصله عن بيته شارع فقط، فقد كانت السلطات السابقة تمر سنويا على البيوت في الحي للتأكد من هوية من يسكنون فيها، مضيفا أنهم كانوا يطالبون أهل الحي بإبلاغ السلطات في حال عزمهم بيع المكان أو تأجيره.

المصدر : الجزيرة