أهالي "عين العرب" عالقون على الحدود التركية

العالقون بين الحدود السورية والتركية
أهالي عين العرب (كوباني) العالقون بين الحدود مع تركيا يعيشون مأساة إنسانية (الجزيرة)

كمال شيخو-عين العرب (كوباني)

 

بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على ريف مدينة عين العرب (كوباني) أواسط سبتمبر/أيلول الماضي، وبعد اقتحامه المدينة واستيلائه على قسم منها بداية أكتوبر/تشرين الأول، فرّ الأهالي ولجأ غالبيتهم إلى الجارة تركيا.

وأُجبر قسم منهم على البقاء بين الأسلاك الشائكة على الحدود السورية التركية، لحماية ممتلكاتهم التي أخذوها معهم كالسيارات والمواشي، بعد رفض حرس الحدود التركي السماح لهم بالعبور.

الآلاف من السيارات الحديثة والجرارات الزراعية والشاحنات الكبيرة، اصطفت مقابل الأسلاك الشائكة لتشكل مرآبا منقسما على شطري الحدود.

ويقدر عدد العالقين بنحو خمسمائة شخص عند نقطة "مرسميله" على الحدود التركية من الجهة الشرقية لمدينة عين العرب. أما في الجهة الغربية وعند نقطة تل شعير، فيقدر عددهم بنحو ألفين.

محمود وعائلته يعيشون في سيارتهم بين الحدود السورية التركية (الجزيرة)
محمود وعائلته يعيشون في سيارتهم بين الحدود السورية التركية (الجزيرة)

معاناة التشرد
ولا يزال النازحون بعد شهرين ونصف الشهر في أماكنهم، يشكون برد الشتاء، ومخاطر قذائف الهاون التي تسقط عليهم بين الحين والآخر.

محمود وزوجته عالقون عند نقطة تل شعير، حوّلوا سيارتهم إلى منزل صغير يبيتون فيه مع أطفالهم الأربعة، أصغرهم يبلغ ستة أشهر فقط وأكبرهم ثماني سنوات.

ويقول محمود "أطفالي صغار ومن شدة البرد لا يهنأون بالنوم". أما زوجته التي تسهر طيلة الليل لتوفير التدفئة للأطفال فتقول "المكان صغير ولا يكفي لنوم الجميع، لذلك أسهر كي أدفئهم، ونبقى أنا وزوجي نسمع أصوات الاشتباكات التي لا تنقطع".

ويبث محمود حزنه للجزيرة نت لحال عائلته قائلا "هربنا بلباسنا الصيفي ومضى شهران ونصف ونحن عالقون هنا، ولا يوجد ما نأكله، كما لا يوجد وقود أو وسائل تدفئة".

الحزن يرتسم أيضا على وجه زوجته التي يمنعها البرد وقسوة الظروف من اغتسال أطفالها منذ قدومهم إلى هذا المكان قبل 75 يوما، خشية إصابتهم بالمرض، فضلا عن أنهم لا يحملون معهم ثيابا لاستبدال ملابس الأطفال".

برد وفقر مدقع يواجه اللاجئين السوريين العالقين على الحدود (الجزيرة)
برد وفقر مدقع يواجه اللاجئين السوريين العالقين على الحدود (الجزيرة)

بيع الأرزاق
ويشرح الحاج عصمت (62 عاما) للجزيرة نت كيف باعوا مواشيهم بأسعار بخسة، إذ كان يملك مائة رأس من الأغنام، وثلاث أبقار، وعندما بدأت الحرب على مدينته، لم يتسن له أخذها جميعا.

ويضيف في حديث للجزيرة نت "عندما هربنا حاولت تخليص ماشيتي، ولكن لشدة الهلع وكثرة الناس ضاع قسم منها، ونجحت في تخليص قسم آخر، وبقي معي نحو أربعين رأسا من الأغنام وبقرتين، تمكنت من أخذها جميعا إلى نقطة تل شعر الحدودية."

ولكن الحاج عصمت اضطر لبيع ماشيته للحصول على بعض المال، لتلبية متطلبات عائلته التي لجأت إلى إحدى المدن التركية.

ويتابع "استغل التجار الأتراك ظروفنا فبعتها بسعر لا يساوي سعرها الحقيقي، فسعر رأس الغنم كان يساوي حوالي 150 دولارا، وقد استغل التجار حاجتنا للمال ودفعوا خمسين دولارا فقط، أي بثلث سعرها".

اللاجئون يحمون المئات من سياراتهم المركونة على الحدود مع تركيا (الجزيرة)
اللاجئون يحمون المئات من سياراتهم المركونة على الحدود مع تركيا (الجزيرة)

النجاة بالنفس
أما سيدو البالغ ستين عاما، وهو من العالقين في نقطة مرسميله الحدودية، فقد فضل البقاء كغيره من العالقين ليحرس سيارته وأبقاره بالقرب من الأسلاك الشائكة الفاصلة، كما فعل كل من يمتلك سيارة أو ماشية.

ويقول "وقعت حادثة بعد وصولنا إلى هذا المكان، حيث هاجمنا عناصر تنظيم الدولة الإسلامية، وسرقوا قسما من أغنامي، أمام أعين الدرك التركي الذي لم يحرك ساكنا".

ويضيف في حديث للجزيرة نت "هاجمونا ووجهوا أسلحتهم إلينا وهددونا بالقتل، وقالوا لنا إنهم سيأخذون عددا من سياراتنا وبعض الأغنام لأنهم بحاجة إليها".

ويتابع "لم نستطع فعل شيء خوفا منهم، وكنا نراقب ما يجري بحسرة وألم، فرغم الكارثة التي حلّت بنا لحق بنا هؤلاء وسرقوا أرزاقنا".

ورفع سيدو يديه داعيا ومستعينا بالله، قائلا "الجبار هو الله، وقد فوضت أمري إليه".

المصدر : الجزيرة