محاصرو سنجار.. معاناة أكبر من أن تروى
ناظم الكاكئي-دهوك
وحاصر تنظيم الدولة الإسلامية نحو 1500 عائلة إيزيدية عاشت في ظروف قاسية لأكثر من أربعة أشهر في جبل سنجار لتنجح قوات البشمركة -وبدعم جوي من طائرات التحالف- من فك الحصار عن الجبل.
إلياس حمو -إيزيدي غطى الشيب رأسه ولحيته- قال إن الخوف والجوع كانا يأكلان ويشربان معهم لدرجة أنهما سيطرا على حياتهم التي تحولت لكابوس، فالخوف كان مزدوجا، فمن جهة كانت هناك خشية من اقتحام مسلحي تنظيم الدولة الجبل، ومن جهة أخرى كان الجوع يفتك بهم وبأطفالهم.
معاناة ومقاومة
ويخلص إلى أن كارثة إنسانية حلت بهم لأن المئات إما لقوا حتفهم أثناء رحلة هروبهم من سنجار، أو صاروا في عداد المفقودين ومجهولي المصير، وطالب الحكومة العراقية بتعويض المتضررين من الناحيتين النفسية والمادية لأنهم تركوا كل ما يملكون، وسلبت بيوتهم ونهب كل ما فيها.
ولكن يبدو أن المآسي الإنسانية لم تكن كل ما في جعبة الإيزيديين في الجبل، فحيدر ششو -أحد الذين كانوا محاصرين في جبل سنجار- يروي قصة مقاومة للدفاع عن "مرقد شرف الدين"، ويقول إنه وأصدقاءه استمروا طوال أربعة أشهر في الدفاع عن المزار.
وتابع أنهم استطاعوا صد العديد من الهجمات التي شنها مسلحو تنظيم الدولة، وأوضح أن قواتهم كانت بحدود ثلاثة آلاف مقاتل آثروا عدم ترك الجبل والمشاركة في الدفاع عن عوائلهم.
ششو بين أنهم خلال الفترة الماضية عانوا كثيرا من قلة المواد الغذائية، لأن الجبل كان محاصرا من جميع الجهات، وكانت المساعدات التي تصل إليهم عن طريق المروحيات قليلة ولم تكن تكفي الجميع فمات الكثير من الأطفال الرضع جراء عدم توفر المواد الغذائية.
علاج نفسي
وخلال تواجدنا في جبل سنجار كانت إحدى المؤسسات الخيرية توزع مساعدات على النازحين، ويقول أحد المسؤولين فيها -وهو وحيد الأتروشي- إن مؤسسته توزع مساعدات مختلفة وهي عبارة عن ثلاثين شاحنة محملة بملابس أطفال ونساء ومواد غذائية وحليب وكل لوازم فصل الشتاء من المدافئ.
قائمقام قضاء سنجار ميسر حجي يقول للجزيرة نت إن هناك حوالي تسعة آلاف شخص من الأطفال والنساء والرجال يتواجدون الآن في قمة جبل سنجار، وقد مروا بظروف معيشية صعبة ويحتاجون إلى جميع أنواع المساعدات الإنسانية.
وناشد حجي الجهات المعنية في الحكومة المركزية ببغداد والمنظمات الإنسانية ضرورة توفير المساعدات العاجلة لهؤلاء الناس الذين حوصروا في الجبال، والإسراع باسترجاع مناطقهم ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية.
وللحصار تأثيرات نفسية واجتماعية، فهؤلاء بحاجة ماسة لدعم اجتماعي وعلاج نفسي، حسب الباحث النفسي هارون محمد من منظمة "الند للديمقراطية" التي تهتم بتقديم المساعدات الاجتماعية والنفسية للنازحين، ويخلص إلى أن معنوياتهم شبه منهارة ونفسياتهم محطمة، ولا سيما الذين فقدوا أشخاصا من عوائلهم، فهؤلاء بحاجة إلى من يعينهم ويأخذ بأيديهم لحين استقرار حياتهم.