سخط مغربي من التعاطي الدولي مع الصحراء

A handout image provided by the Moroccan Press Agency (MAP) on 30 July 2013 shows King Mohammed VI of Morocco delivering a speech marking his 14 years on the throne, in Casablanca, Morocco. King Mohammed VI of Morocco succeeded the throne from his father King Hassan II on 23 July 1999. EPA/MOROCCAN PRESS AGENCY (MAP) HO
محمد السادس قال إن سيادة المغرب لا يمكن أن تكون رهينة لأفكار أيدولوجية (الأوروبية)

الحسن أبو يحيى-الرباط

بدا ملك المغرب محمد السادس أكثر صرامة وهو يتحدث عن تعامل القوى الدولية الكبرى مع ملف الصحراء الغربية واصفا إياه بالغامض، وذلك في خطاب له بمناسبة ذكرى ما يعرف في المغرب بالمسيرة الخضراء التي تم تنظيمها عام 1975 إلى الصحراء.

وبنبرة تحذيرية قال محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه ليلة الجمعة بمناسبة الذكرى الـ39 لانطلاق المسيرة الخضراء، إن "سيادة المغرب لا يمكن أن تكون رهينة لأفكار أيدولوجية وتوجهات نمطية لبعض الموظفين الدوليين، وأي انزلاقات أو مغالطات سترهن عمل الأمم المتحدة في هذه القضية".

وحول مظاهر الغموض الذي يكتنف تعامل القوى الدولية الكبرى مع ملف الصحراء الغربية، قال وزير الشؤون الخارجية المغربي السابق سعد الدين العثماني للجزيرة نت إن القوى الدولية -وخصوصا الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن- أيدت مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب.

وأضاف أن كثيرا من هذه القوى يدعم هذا التوجه في نزاعات إقليمية أو دولية، لكنها "لم تساعد في إقرار هذا الحل في نزاع الصحراء، وبعض دبلوماسييها يُسهم في حملات وتشويشات على المغرب أو يدفع في اتجاه تأبيد النزاع".

‪سعد الدين العثماني: هناك قوى دولية‬ (الجزيرة نت)
‪سعد الدين العثماني: هناك قوى دولية‬ (الجزيرة نت)

دعم الانفصاليين
وتابع العثماني أن الدول الكبرى تسلك في الغالب مسلك الترضيات الذي يكشف عن غياب الحرص على حل النزاع، "بل إن بعضها يُسهم في دعم الانفصاليين بطريقة أو بأخرى".

وحول مستقبل النزاع حول الصحراء الغربية، يرى العثماني أن المغرب "سيظل متشبثا بوحدته الوطنية والترابية"، وأنه "مُصرّ على المُضي في الخطط التنموية وتطبيق الجهوية المتقدمة في المناطق الصحراوية بما يجعل الوحدة جاذبة لأبناء الأقاليم الصحراوية داخل المغرب أو خارجه".

وفي تصريح للجزيرة نت، قال مدير مركز الدراسات الصحراوية بجامعة محمد الخامس بالرباط رحال بوبريك إن هذا الغموض يتجلّى في تعامل الدول الكبرى مع المغرب كدولة قائمة الذات وعُضو في المجتمع الدولي على قدم المساواة مع جبهة البوليساريو التي تدّعي تمثيل الصحراويين دون أن يفوضوها بذلك، حسب تعبيره.

وعلّق بوبريك قائلا "رغم تجاوزات البوليساريو في المخيمات لا يتم تحميل المسؤولية للدولة التي تقع على أرضها وهي الجزائر، بخلاف التراب المغربي المفتوح أمام المراقبين الأمميين الذين يدعوهم المغرب ويزورون الصحراء بشكل دوري".

وِأشار إلى أن الجزائر لم تفتح أرضها ولو مرة واحدة لزيارة هؤلاء المراقبين إلى مخيمات تندوف بالخصوص.

وفي ما كان واضحا تعبير الملك المغربي عن رفضه لأي محاولة لمراجعة مبادئ ومعايير التفاوض حول الصحراء، قال بوبريك "إننا لا ندري ما يُطبخ في كواليس الأمم المتحدة، لكن المغرب ليس في وضع انتظار ولا يرهن قضيته للتطورات على مستوى الخارج، فهو مقبل على تنزيل الجهوية الموسعة ومشروع التنمية الجديد الذي قدمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي السنة الماضية، والقطع مع التدبير السابق على المستوى المحلي".

‪ماء العينين: إدخال ملف الصحراء في خانة تصفية الاستعمار أمر مرفوض‬ (الجزيرة نت)
‪ماء العينين: إدخال ملف الصحراء في خانة تصفية الاستعمار أمر مرفوض‬ (الجزيرة نت)

الحكم الذاتي
لكن عضوة اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الأفريقي آمنة ماء العينين قالت للجزيرة نت "إن تعامل القوى الدولية الكبرى مع نزاع الصحراء إيجابي عموما بالنسبة للمغرب لأنها لا تعترف بكيان البوليساريو كدولة، ولأنها أيّدت غير مرّة مقترح المغرب المتمثل في الحكم الذاتي باعتباره مبادرة تتسم بالواقعية والمصداقية".

لكنها استدركت بالقول إن "مسودة القرار الأميركي التي سعت إلى توسيع صلاحيات المينورسو أثارت جدلا، وكانت صادمة بالنسبة للمغرب الذي من حقّه أن يطلب اليوم مواقف واضحة تجاه الملف".

وترى ماء العينين أن محاولة إدخال ملف الصحراء في خانة تصفية الاستعمار أمر مرفوض ويعتبر سعيا إلى إعادة النظر في تصنيف النزاع، وهو ما يؤثر على المبادئ المرجعية للتفاوض التي قبل بها المغرب منذ البداية.

وقالت إن "المغرب لم ولن يكون قوة استعمارية بقدر ما هو صاحب أرض يدافع عن وحدته الترابية، ويفاوض بدون عُقد تعاني منها دول متعددة في أوروبا وخارجها، مثلَ تيمور الشرقية".

وبينما يرى بوبريك أن الملف مُقبل على تطورات منها ما قد يكون في غير صالح المغرب "بسبب تدبيره من طرف إداريين وتقنيين تابعين للأمم المتحدة أو بعض الدول الكبرى ليست لهم دراية بالواقع على الأرض"، تقول ماء العينين إن المغاربة ينظرون إلى مستقبل النزاع بتفاؤل "لأننا أصحاب قضية عادلة وأصحاب مبادئ وقناعات".

وقالت إن رسائل الملك واضحة في التحذير من ميولات بعض الموظفين الأمميين وانحيازهم، ليتحمل الجميع مسؤوليته بخصوص نزاع ما فتئ المغرب يبدي حرصَه على حله بشكل يحفظ ماء وجه الجميع، وفق تقديرها.

المصدر : الجزيرة