حقائق مقلوبة في الإعلام المصري

 
يبدو أن الأزمة الراهنة في مصر لا تأخذ واجهة سياسية فقط، وإنما يلعب فيها الإعلام بشقيه الرسمي والخاص دورا مؤثرا، لا يقتصر على التحيز فقط، وإنما يتخطاه إلى ما يقول مراقبون ونشطاء إنه "فبركة وتزييف حقائق".
 
فقد كشف ناشطون على شبكة الإنترنت أن التلفزيون المصري الرسمي بث مقطع فيديو لشخص توفي نتيجة عمليات تعذيب، وذكر التقرير التلفزيوني أن عددا من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي قاموا بتعذيبه داخل ساحة اعتصام رابعة العدوية.

الإخوان هما اللي قتلوا المسلمين في غزوتي أحد والأحزاب.. علشان يتهموا فيها كفار قريش الشرفاء!

شخصية لتمثيل الصديق
لكن المفاجأة تمثلت في أن هذا الشخص من أنصار مرسي، ويدعى فريد شوقي، وهو مهندس قدم من محافظة البحر الأحمر "لتأييد الشرعية والمطالبة بعودة الرئيس المنتخب".

وتوالت المفاجآت، حيث كشف الناشطون أن الفيديو التقط له في المستشفى الميداني برابعة العدوية، بعد العثور على جثته في أحد الشوارع القريبة من مكان الاعتصام وعليها آثار العديد من الكدمات والصدمات، وذلك في اليوم التالي لما عرف بـ"مذبحة الحرس الجمهوري".

ولكي يخفي التلفزيون المصري حقيقة الأمر، أخفى صورة طبيب مستشفى رابعة العدوية الذي كان يشرح سبب وفاة شوقي وحجب الصوت، كما استضاف شخصيه لتمثيل دور صديق الضحية ليقول إن معتصمي رابعة العدوية هم من قاموا بتعذيبه وليس قوات الحرس الجمهوري.

ولم يقف ما أطلق عليه ناشطون "فضيحة التلفزيون المصري" عند هذا الحد، فقد ذكر شقيق القتيل أن هذا الشخص ليس صديقا لفريد، وبعد البحث عنه تبين أنه أحد أعضاء حركة تمرد ومن مؤيدي قيام الجيش بعزل مرسي.

ومع توالي مثل هذه الأخطاء الجسيمة في التلفزيون المصري، لم تجد إحدى مذيعات قناة النيل للأخبار إلا أن تتبرأ من المحتوى الإخباري المقدم في نشرات الأخبار في الساعات الأولى من صباح السبت 18 رمضان (الثانية والرابعة والسادسة صباحا)، والذي أعقب ما سمي بجمعة تفويض الجيش لمواجهة "الإرهاب".

وكتبت سها النقاش على صفحتها بموقع فيسبوك إنه "لم يتوفر لهذا المحتوى الإخباري الحد الأدنى من الدقة أو التوازن أو المهنية الذي يكفل تقديم قدر كاف من المعلومات يعتمد عليه، تقدمه قناة مصرية عامة عن أحداث تقع على أرض مصر".

وأضافت "وأنا إذ يحزنني كثيرا أن أتبرأ من محتوى إخباري يقدم على شاشة قناة النيل للأخبار، القناة التلفزيونية المصرية الوحيدة التي تقدم الأخبار على مدار 24 ساعة، والتي شهدت شخصيا نشأتها عام 1998 مع زملاء جيلي من الكفاءات الإعلامية المميزة، وكان يحدونا الأمل في أن يكون لمصر على أيدينا قناة إخبارية تليق بمكانتها العالية".

وتابعت "واليوم، وبينما تمر مصر بمحنة يلعب فيها الإعلام دورا حاسما، وددت أن يكون إعلاني هذا نداء ينبه إلى الاحتياج الملح، الآن أكثر من أي وقت مضى، لأن يكون في مصر إعلام إخباري يوفر القدر الضروري من المعلومات للمشاهد بأكبر قدر من المهنية والتوازن، مستمدا أولوياته من المصلحة الوطنية العليا لمصر".

الإخوان والأندلس
ولا تقتصر "سقطات" الإعلام المصري على الجانب الرسمي منه، وإنما يتعداه وبشكل أكبر إلى الإعلام الخاص.

فبالإضافة إلى التحيز الملاحظ مع طرف في المشهد المصري ضد آخر، وأخطاء لا تقتصر على بث مقاطع فيديو لمظاهرات سابقة لمعارضي الرئيس المعزول محمد مرسي على أنها مباشرة، وذلك من أجل إيهام المشاهد أن الحشود ما تزال تعارضه في الشارع، يطلق عدد من الإعلاميين اتهامات تكاد لا تصدق.

آخر هذه الاتهامات ما قاله الإعلامي محمد الغيطي في برنامجه بقناة التحرير، والذي كشف فيه عن أن جماعة الإخوان المسلمين هي السبب وراء سقوط الأندلس!

وقال الغيطي، إن من يقرأ في تاريخ الأندلس، يعلم أن الإخوان هم السبب وراء سقوطها، وأقسم بالله على ذلك، مطالباً المشاهدين بالتأكد من ذلك عبر كتب التاريخ، وذلك قبل أن يشرع في حملة سب متواصلة ضد مرسي وقادة جماعة الإخوان.

وأثارت هذه المزاعم، سخرية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تهكموا على هذا الادعاء خاصة أن سقوط الأندلس حدث قبل تأسيس جماعة الإخوان بخمسة قرون!

وقال ناشط إن "الإخوان هما اللي قتلوا المسلمين في غزوتي أحد والأحزاب.. علشان يتهموا فيها كفار قريش الشرفاء"، في حين سخر آخر قائلا "هل تعلم أن من أول من كعبل عباس بن فرناس الأندلسي أثناء محاولته الطيران هو خيرت الشاطر".

وقال ثالث: "ملك إسبانيا يعرض حق اللجوء السياسي والإقامة في إشبيلية لقادة الإخوان، بعد أنباء عن ضلوعهم في سقوط الأندلس".

المصدر : الجزيرة