مخاوف من انهيار أمني بلبنان

انقسام اللبنانيين حيال الثورة السورية زاد من حالة الاحتقان والضعف الأمني
undefined

جهاد أبو العيس-بيروت

بين العبوات المتنقلة وحوادث الاغتيال والإقرار بانهيار المنظومة الأمنية، يعيش لبنان هذه الأيام على صفيح ساخن، وسط توقعات مراقبين وسياسيين بتوجه البلاد أكثر نحو الانكشاف والتعقيد والتأزيم.

وبينما يحمّل فريق من المراقبين هشاشة الأوضاع وخطورتها لحالة الفراغ السياسي وتشبث كل فريق بشروطه للجلوس إلى طاولة الحوار، يرى فريق آخر أن التدهور الخطير الحاصل ناتج عن تداعيات مشاركة حزب الله القتالية في الداخل السوري إلى جانب النظام.

وأيا تكن المحركات الأساسية لحالة الانهيار الأمني الحاصلة فإن الثابت والمؤكد بنظر كثيرين هو أن لبنان يتجه بسرعة قياسية صوب مزيد من التفتيت والتشظي وعلى كل المستويات، ما لم يستدرك السياسيون خطورة المسار القائم.

المحلل فادي شامية:
الأمور تسير بتسارع خطير نحو منزلقات أمنية أكثر خطورة، بالنظر لتعمق حالة الانقسام التي باتت تتغلغل حتى داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة

تحريض طائفي
ومما زاد من حالة الاحتقان دخول النائب ميشال عون على خط التأجيج الطائفي حين صرح بأن جبهة النصرة السورية قد وصلت لبنان وهي تتحرك ضمن بيئة حاضنة، في إشارة عدها البعض تحريضية ضد السنة في لبنان، مما يصب الزيت أكثر على نار التأجيج المستعرة أصلا في البلاد.

وعن ذلك يقول مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس إن استمرار الانقسام والتحريض الشديد الحاصل دون حوار سيبقي العبوات الناسفة متنقلة بين المدن والحارات دون توقف.

ويلفت الريس في تصريح للجزيرة نت إلى أن الوضع الأمني مرشح بقوة لمزيد من التدهور والتعقيد "هناك بيئة خصبة جدا للتدهور، نحن نعيش حالة غير مسبوقة في لبنان من الشحن المذهبي والطائفي والسياسي العدائي لا تبشر بخير أبدا".

وزاد بالقول إن التدخل المباشر وغير المباشر لأطراف لبنانية في سوريا، إلى جانب حالة الفراغ السياسي في المؤسسات وتصلب الجميع في مواقفه، سيبقي لبنان هشا ومكشوفا أمنيا وسياسيا بل مفتوحا على كل الاحتمالات.

وفي رؤيته للحل ينصح الريس جميع الأطراف بالاتفاق على ما سماها "تسويات مرحلية مؤقتة" تفتح مجالا ولو ضيقا للتلاقي بين مختلف الأطراف وتنفيس الاحتقان القائم.

استعداد للحوار
وكان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أطلّ أمس الجمعة بخطاب متلفز خلال حفل إفطار أكد فيه أن "المقاومة مستعدة دائماً للحوار ضمن طاولة الحوار الحالية أو أي صيغة أخرى لمناقشة الإستراتيجية الوطنية للدفاع، قبل تشكيل الحكومة أو بعده".

‪محللون وسياسيون عبروا عن مخاوفهم من انهيار المنظومة الأمنية في لبنان‬ (الجزيرة نت)
‪محللون وسياسيون عبروا عن مخاوفهم من انهيار المنظومة الأمنية في لبنان‬ (الجزيرة نت)

وقال نصر الله إن هناك حاجة وطنية حقيقية جدية لأن يضع لبنان إستراتيجية دفاع وطني في مواجهة الأخطار والتهديدات، وهي الدعوة التي لم تلق الاستجابة المطلوبة من قوى 14 آذار التي قالت إنها لا تقوم على قاعدة متينة للحوار.

ورأى المحلل السياسي فادي شامية بهذا الإطار أن الخطاب الأخير لنصر الله لم يأت بجديد بشأن الوضع الأمني المتأزم، معتقدا أن الخطاب ينم عن اعتراف ضمني من حزب الله بأن الآتي الأمني سيكون أصعب.

منزلقات أمنية
وقال شامية إن خطاب أمس يدل على أن الحزب أخطأ التقدير عندما ذهب لسوريا للحفاظ على أمن المقاومة ومستقبلها وظهرها وجمهورها الداعم، فما حصل هو العكس تماما حيث بات الحزب وجمهوره ومناطقه الآمنة تدفع فاتورة القتال في سوريا.

وعن قراءته لمستقبل الوضع الأمني، أوضح أن الأمور تسير بتسارع خطير نحو منزلقات أمنية أكثر خطورة، بالنظر لتعمق حالة الانقسام التي قال إنها باتت تتغلغل حتى داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة، حيث بات كل ضابط وعنصر مصنف على هذا الفريق أو ذاك.

وشهدت الساحة الأمنية اللبنانية مؤخرا انكشافا أمنيا متتابعا عدّه مراقبون خطيرا بالنظر لكونه استهدف مناطق وشخصيات يفترض أنها مغطاة أمنيا كونها محسوبة على حزب الله، بدءًا من متفجرة بئر العبد بالضاحية الجنوبية مرورا بموكب حزب الله في البقاع وليس انتهاء باغتيال الناشط السياسي الموالي لسوريا محمد جمو في الجنوب.

المصدر : الجزيرة