تباين مصري في تفسير بيان الجيش

من مظاهرات مصر

undefined
أحمد السباعي-الجزيرة نت

تباينت قراءة الأطراف السياسية لبيان القوات المسلحة المصرية، فالمعارضة اعتبرت أنه خطوة أولى على طريق تحقيق هدفها "برحيل" الرئيس محمد مرسي، أما الرئاسة فاعتبرت أنه "سيربك المشهد السياسي" ووصفه مؤيدوها بأنه "انقلاب على الشرعية".

هذا التباين في القراءات انعكس على الشارع "باستعراض للقوة" من الطرفين، فحركة "تمرد" ومن خلفها دعت اليوم "لمليونية الإصرار" وتنظيمها لما سمتها "مسيرة الزحف إلى قصر القبة"، إذا لم يعلن مرسي استقالته، بالمقابل دعا "التحالف الوطني لدعم الشرعية" المصريين المؤيدين لـ"شرعية" مرسي إلى الخروج دعما للرئيس.

الحراك في الميادين رافقته موجة من الاستقالات الجديدة فبعد استقالة الوزراء الخمسة وتسعة أعضاء من مجلس الشورى تحدثت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن استقالة وزير الخارجية محمد كامل عمرو، وأيضا عن تقدم متحدثين باسم كل من الرئاسة والحكومة باستقالتهم.

انقلاب عسكري
القيادي في جماعة الإخوان المسلمين قطب العربي أكد أن الأمور "لن تمر بسهولة"، لأن المظاهرات المؤيدة لمرسي خرجت أمس الاثنين وتخرج اليوم بكثافة وهذا قد يغير المعادلة تماما، ويفرض على المؤسسة العسكرية والقوى الأخرى، الالتزام بالشرعية والدستور والاتفاق مع مرسي على تعديلات على الدستور وتغيير الحكومة والنائب العام الذي أبطلت محكمة النقض تعيينه، وهذا الحكم القضائي يفتح باب الحل أمام هذه المشكلة المستعصية.

العربي: البلاد مفتوحة على احتمالات عدة بينها حدوث انقلاب عسكري كامل
العربي: البلاد مفتوحة على احتمالات عدة بينها حدوث انقلاب عسكري كامل

وأوضح أن الحشود ستدفع الجيش لتغيير حساباته وخصوصا أنه ظهر في بيانه الأول وكأنه منحاز لطرف ضد الآخر. ووصف بيان القوات المسلحة الذي لم يذكر الرئيس ولا الشرعية ولا حتى الدستور، بأنه "انقلاب عسكري".

وأضاف أن الجيش اصطف لجانب المعارضة لأنها حشدت الناس في ميادين عدة، فيما التزم داعمو مرسي المنازل عدا المظاهرة "الحاشدة في ميدان رابعة العدوية"، وعندما أدركوا أن المسألة تقاس بالحشود فقرروا الحشد بالشارع.

واعتبر القيادي الإخواني أن الجيش تسرع بإصداره للبيان الذي جاء بعد يوم واحد من مظاهرات المعارضة، ففي ثورة 25 يناير انتظر الجيش أكثر من أسبوعين قبل اتخاذ أي موقف، وتابع أن الجيش لم يعر اهتماما لموقف الطرف الآخر ولم يذكره حتى بالبيان.

ورأى أن الحشود الداعمة لمرسي والرافضة لعودة حكم العسكر، ترسم ملامح المستقبل السياسي في البلاد، معربا عن مخاوفه من العنف المفرط الذي بات "ديدن" مظاهرات المعارضة.

ورغم نفي الجيش في بيانه الأول سعيه للسلطة وتأكيده عدم القيام بمحاولات إنقلابية، اتهم العربي القوى الليبرالية واليسارية باستدعاء الجيش مجددا لميدان السياسة "بعد شعورهم باليأس من تنفيذ رغباتهم عبر الشارع والصناديق"، فهم يرون أن "نار العسكر أفضل من جنة الإخوان"، وهذا يخالف كافة القيم الليبرالية التي يحاولون نشرها ورفعها كشعار. وخلص إلى أن البلاد مفتوحة على احتمالات عدة بينها حدوث انقلاب عسكري كامل.

مرسي كمبارك
الجيش يتحدث عن تلبية مطالب الشعب والتي تتمثل في رحيل الرئيس -حسب عضو الهيئة العليا لحزب الوفد عصام شيحة- الذي أضاف أن الجيش يعرض خارطة طريق للمستقبل على الساسة للتوافق عليها شرط ألا يكون له دور سياسي وهذا ما أعلنه وكرره الجيش بنفسه.

شيحة متأكد من عودة الجيش إلى ثكناته بعد ضمان الاستقرار الأمني والسياسي (الفرنسية)
شيحة متأكد من عودة الجيش إلى ثكناته بعد ضمان الاستقرار الأمني والسياسي (الفرنسية)

وأكد أن الثوار والمعارضة لن يكرروا أخطاء 11 فبراير/شباط عام 2011، لأن الجميع وفي مقدمتهم القوات المسلحة مدركون طبيعة المرحلة والمتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي المصري.

ويعلم الجيش -يواصل شيحة- أنه لم تعد مقبولة عودته للسياسة، وعليه أن يعمل على التقارب بين الساسة لضمان استمرار العملية الديمقراطية وخصوصا أن هناك مخاطر على الأمن القومي المصري.

وأوضح القيادي الوفدي، أنه متأكد من عودة الجيش إلى ثكناته بعد ضمان الاستقرار الأمني والسياسي كما حصل بعد ثورة 25 يناير، وواصل أن القوات المسلحة لا تستطيع التخاذل أو تملك رفاهية عدم الاستجابة لمطالب "أكثر من 33 مليون مصري طالبوا برحيل مرسي".

ولفت إلى أنه في حال انتخب المصريون رئيسا جديدا أدخل البلد في نفق سياسي واقتصادي، سيثور عليه الشعب ويخلعه. وأكد شيحة أن مرسي لم يف بتعهداته في ميدان التحرير بأنه في حال خرج مليون مصري لمطالبته بالتنحي فإنه سيفعل؟ وهذا ما لم يحصل بعد خروج عشرات الملايين.

وأمل أن ينتهي اليوم بسلمية وتنحي الرئيس ودعوته لرئاسيات مبكرة "حقنا لدماء المصريين وإدراكا لمسؤولياته". وشبه مرسي بالرئيس السابق حسني مبارك من ناحية تجاهله مطالب الجماهير واستدعاء مؤيديه للدفاع عنه في الشارع.

تباين بالعسكر
التباين بالرأي انتقل من الساسة للعسكر، فالخبير العسكري اللواء المتقاعد ياسين سند أكد أن القوات المسلحة كررت في بيانها موقفها المبدئي بالوقوف لجانب الشعب الذي خرج بعشرات الملايين للشارع للتعبير عن رأيه، وأضاف أن على الجيش حماية السلم الأهلي الذي يُعد جزءا من الأمن القومي المصري.

‪اللواء عمران طالب المعارضة بحشد
‪اللواء عمران طالب المعارضة بحشد "الملايين التي نزلت للشارع" بصناديق الاقتراع ليحصلوا على الأغلبية بالبرلمان‬ (الفرنسية)

وأكد أن القوات المسلحة لم ولن يكون لديها أي مطامع سياسية، لأن هدفها حماية شرعية الشعوب لا الحكام وهذا ما حصل في 25 يناير ويحصل مستقبلا.

وأوضح أن الإخوان المسلمين يمثلون جزءا من الشعب ولكن عليهم أن يأخذوا "حجمهم الطبيعي الذي لا يزيد على 25%، ولكنهم يريدون السيطرة على الدولة".

وتوقع أن يقوم مؤيدو الإسلام السياسي ببعض الأعمال العنفية من "حلاوة الروح" ولكنها ستكون في الأطراف البعيدة عن القاهرة.

على الضفة المقابلة يرى اللواء الركن أركان حرب المتقاعد عبد الحميد عمران ضرورة وجود مرحلة انتقالية تشكل فيها حكومة يترأسها عسكري ويكون وزير داخليتها ضابطا منتدبا من الجيش ليعيد الاستقرار والأمن ويهدئ الشارع.

وأضاف أن انتخابات رئاسية مبكرة تعني "هدما للشرعية" وطالب المعارضة بحشد "الملايين التي نزلت للشارع" في صناديق الاقتراع ليحصلوا على الأغلبية بالبرلمان التي تسحب الثقة من الرئيس وتعدل الدستور، وهذا كله يجري من دون "نقطة دم".

ووصف بيان الجيش بأنه "حمال أوجه" وناشد وزير الدفاع بتجنب هذه الخطابات والالتزام بواجباته باستعادة الأمن القومي عبر الوقوف لجانب الشرعية وليس كما قال البيان بالوقوف على مسافة واحدة من القوى السياسية أي بين "التمرد بالشارع ورئيس منتخب". وعبر عن ثقته بعدم رغبة الجيش في السلطة لأن السياسة بالنسبة للجيش "مستنقع يقلل من هيبته".

المصدر : الجزيرة