بيوت للجرحى السوريين في الأردن

شادي يبدي تجاوبا مع العلاج وينتظر أن يقف على قدميه مجددا
undefined
 
ناريمان عثمان-الأردن

نظرا للأعداد الكبيرة لجرحى الحرب السوريين الذين يصلون إلى الأردن وتفوق القدرة الاستيعابية للمستشفيات أسست بيوت ومراكز استشفاء خاصة بهم لقضاء فترات النقاهة بعد خضوعهم للجراحة.

وبذلك يوفر كل جريح ينتقل إلى هذه البيوت سريرا لجريح آخر يحتاج العلاج في المستشفى، مما ييتح فرصا أكبر للعلاج ويخفف معاناة الجرحى.

مجمع الفرسان هو أحد مراكز الاستشفاء في العاصمة عمان، حيث يوفر للنزلاء إقامة مؤقتة والغذاء والعلاج الفيزيائي والدواء.

مصابون
وفي جولة بالمجمع التقت الجزيرة نت بصبيتين سوريتين إحداهما تعاني من آثار شظايا في كامل جسدها والأخرى مصابة في ساعدها بما استدعى زرع صفائح معدنية فيه.

تقول الصبيتان إن قذيفة وقعت على سطح منزلهما قبل بضعة أشهر غيرت مسار حياتها وأسرتهما  كليا، حيث سمعتا أصوات قصف فصعدتا ومعهما أمهما إلى السطح بدافع الفضول لمعرفة ما يحدث خارجها.

قالت رهف (16 عاما) "سمعت صوتا قويا وأدركت أن الضربة متجهة نحونا، حاولت الهرب لكن النيران كانت قد اشتعلت في ظهري، جاءت القذيفة في خزان الوقود واستشهدت أمي فورا، وأصبت أنا وأختي".

‪مجمع الفرسان يستوعب أكثر من مائة جريح‬ (الجزيرة نت)
‪مجمع الفرسان يستوعب أكثر من مائة جريح‬ (الجزيرة نت)

ولا يزال والدهما يقاتل داخل سوريا، في حين يعيش أخواهما الصغيران في مخيم الزعتري مع إحدى قريباتهن كما يقولان، وتضيف رهف أنها تعاني آلاما نفسية إلى جانب آلامها الجسدية، مشيرة إلى أن الاختصاصي النفسي طلب منها أكثر من مرة تذكر تفاصيل الحادث "كي أتمكن من تجاوزه لكني في كل مرة أشعر بانتكاسة".

جريح آخر هو شادي قطيفان أحد مقاتلي الجيش الحر أصيب بشظية في العمود الفقري تسببت له بشلل في ساقيه، وهو الآن يخضع لجلسات العلاج الفيزيائي في المجمع وبدأ يستعيد الإحساس بساقيه تدريجيا، لأن إصابته بحسب الطبيب لم تتسبب بقطع في الأعصاب وإنما كانت أذية عصبية.

قال للجزيرة نت "لحظة أصبت في درعا طلبت من رفاقي أن يدفنوني حيا على أن يخرجوني من البلد، لكن عندما استفقت وجدت نفسي وصلت الأردن".

لا تخفي والدته سعادتها بتحسن ابنها وبأنه قدر لها أن تراه مجددا، وقالت "كنت مصرة على أن أخرج من درعا وآتي لرؤيته ولو لدقائق، لقد اختار ابني طريقه ويعرف أية عواقب سيواجهها، لا أنسى منذ أيام عندما قال إنه بدأ يشعر بخدر في ساقيه، لقد بكيت من فرحتي".

ويقول شادي إنه ينتظر أن يتماثل للشفاء تماما كي يعود إلى سوريا، مثله مثل أكثر من نصف الجرحى الذين عادوا إلى بلادهم، حسب مدير المجمع، الذي قال للجزيرة نت إن معظم الجرحى يتقبلون أوضاعهم الجديدة على أنه قدرهم، والثمن الذي ساهموا فيه بالثورة.

رعاية
وأوضح الطبيب السوري -الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن الجرحى يواجهون نوعين من الضغوط، الأول يتمثل في إصاباتهم التي ستبقى مع بعضهم مدى الحياة، والأمر الآخر هو استمرار الأخبار عما يحدث في سوريا وعدم تحسن الأمور هناك، وكلاهما يترك آثارا وخيمة عليهم.

‪المركز يقدم العلاج البدني والنفسي للذين يتعرضون لبتر‬   أحد أعضائهم (الجزيرة نت)
‪المركز يقدم العلاج البدني والنفسي للذين يتعرضون لبتر‬   أحد أعضائهم (الجزيرة نت)

وبيّن أنهم في المجمع ينظمون بعض الفعاليات التعليمية والدينية وجلسات العلاج النفسي، تشمل دورات في تعليم اللغة الإنجليزية ومحو الأمية، مشيرا إلى أنها وجدت تجاوبا من البعض في حين لم يبد آخرون رغبة في التعلم.

وبيّن أنهم يحاولون في الفترة القادمة توفير نوع من التدريب المهني للجرحى القادرين على العمل، وعن طاقة استيعاب المجمع قال إنها تصل إلى 130 سريرا، ويستضاف كل جريح لمدة شهرين أو ثلاثة في حالات مبتوري الأطراف الذين يحتاجون أطرافا صناعية.

وأوضح أنه يسمح ببقاء مرافق للجرحى في حالات الشلل أو ممن لا يستطيعون خدمة أنفسهم، وفي بعض الحالات ولأسباب إنسانية يسمح للجريح باصطحاب مرافق معه بضعة أيام ريثما يتأقلم على المكان.

وعن تمويل المجمع قال إنه يجد الدعم من ست جمعيات بما يؤمن أقل من نصف احتياجاته، والباقي يقدمه متبرعون بشكل فردي، حيث يقومون بزيارة المجمع وتقديم التبرعات.

وكثيرا ما يكون المجمع حلقة وصل بين المتبرعين والجرحى الذين يحتاجون لتغطية نفقات علاجهم.

المصدر : الجزيرة