ماذا وراء تجميد حزب الاستقلال المغربي للانسحاب؟

حزب الاستقلال بالمغرب يلمح لقرب انسحابه من الحكومة
undefined

عبد الجليل البخاري-الرباط

بعد الضجة السياسية التي خلقها تلويح حزب الاستقلال منذ قرابة ثلاثة أسابيع بالانسحاب من حكومة المغرب التي يقودها حزب العدالة والتنمية، دخلت البلاد مرحلة ترقب بعد تجميد حزب الاستقلال تنفيذ قراره، وطلبه ما يصفه بتحكيم المؤسسة الملكية.

وعلى العكس من الزخم الإعلامي الذي رافق تلك الخطوة، والتراشق الإعلامي غير المسبوق الذي يتواصل بين أبرز مكونات الأغلبية الحكومية، يتساءل المتتبعون عن الأسباب الموضوعية لتذرع حزب الاستقلال بالفصل 42 من الدستور، وربط تنفيذ قراره بتحكيم الملك محمد السادس.

وينص ذلك الفصل من دستور 2011 على أن "الملك رئيس الدولة (..) الحكم الأسمى بين مؤسساتها".

وكان الحزب قد أصدر -مباشرة بعد قرار مجلسه الوطني (برلمان الحزب) بالانسحاب- بيانا ذكر فيه أن الملك محمد السادس اتصل هاتفيا بأمينه العام حميد شباط، ودعاه لـ"الإبقاء على وزراء الحزب في الحكومة، حفاظا على السير العادي للحكومة".

وفي انتظار المذكرة التي قال الحزب إنه سيرفعها إلى المؤسسة الملكية بخصوص هذا الموضوع، اتجهت تأويلات بعض السياسيين والقانونيين إلى اعتبار استناد الحزب على ذلك الفصل لتجميد قرار انسحابه تغطية لما اعتبره البعض بداية تراجع عن موقف سياسي وصفوه بأنه "غير محسوب".

وجاءت هذه التأويلات بعد إصرار الأغلبية ممثلة في حزب العدالة والتنمية على "تجاهل" مواقف وتصريحات شباط، إلى درجة أن وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي أكد في تصريح صحفي سابق أن الحكومة "تحظى بثقة الملك" وستواصل برنامجها في الإصلاح.

تشيكيطو (يسار) الحزب دخل من الناحية العملية مرحلة المعارضة (الجزيرة)
تشيكيطو (يسار) الحزب دخل من الناحية العملية مرحلة المعارضة (الجزيرة)

مرجعية واضحة
لكن برلماني حزب الاستقلال عادل تشيكيطو لا يتفق مع هذه التأويلات، فقد قال في تصريح للجزيرة نت إنها "موجهة" من قبل بعض وسائل الإعلام، نافيا في الوقت نفسه أي "تأجيل أو تهرب أو تراجع" عن قرار الانسحاب الذي أكد أن "مرجعيته القانونية والدستورية واضحة".

وأضاف تشيكيطو أن الحزب متشبث بقراره، وينتظر عودة الملك محمد السادس من الخارج لتسليمه مذكرة توضيحية، ويتم الفصل في الموضوع.

وأقر أن الحزب دخل من الناحية العملية مرحلة المعارضة، معتبرا أن المعطيات الحالية تشير إلى أنه "ليس هناك رجوع" إلى الحكومة، وتابع أن الاستقلال -حتى في حالة التوصل إلى اتفاق- سيمارس "مساندة نقدية" للأغلبية الحكومية.

لكن عبد الرحمان مكاوي أستاذ القانون الدستوري خالف هذا الرأي وأكد للجزيرة نت أن دستور 2011 "مازال غامضا" بشأن تأويل هذا الفصل.

ويرى أن المبرر الرئيسي لوقف أو تأجيل حزب الاستقلال لقراره يظل سياسيا ومرتبطا بانتظار تحكيم الملك بعد عودته من الخارج.

واعتبر مكاوي أن الأسباب التي طرحها حزب الاستقلال -سواء لإعلان قرار الانسحاب أو تأجيله- "غير موضوعية" و" تغلب عليها الذاتية" المتمثلة في دفاع الحزب عن مصالحه في إطار "التنافس على الشعبية" مع حزب العدالة والتنمية.

يونس مسكين:
قرار حزب الاستقلال بالانسحاب كان مجرد خطوة للضغط على رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لتقديم تنازلات

انتخابات مبكرة
وأضاف أن حل هذه الأزمة من الناحية الدستورية يتمثل في حل البرلمان والإعلان عن انتخابات تشريعية مبكرة.

وسار الإعلامي المغربي يونس مسكين في نفس الاتجاه، إذ رأى أن قرار حزب الاستقلال بالانسحاب كان مجرد خطوة للضغط على رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لتقديم تنازلات، وإجراء تعديل حكومي يستجيب لتطلعاته.

واستدل مسكين في تصريح للجزيرة نت على هذه الرؤية بتعمد الحزب إبقاء ما سماه "بوابة دستورية" للمناورة بعد إصدار القرار، تمكنه من التراجع عنه أو تجميد تنفيذه.

وقال إن تلك البوابة تتمثل أولا في تكليف لجنته التنفيذية بإجراءات تطبيق القرار وهو ما يتيح لها خياري التنفيذ أو التراجع، وثانيا اللجوء إلى الفصل 42 الذي مازال تفسيره محل خلاف بين رجال القانون.

يذكر أن حزب الاستقلال يشارك في الحكومة الحالية بستة حقائب وزارية، أبرزها وزارة المالية ووزارة التجهيز ووزارة التربية والتعليم والوزارة المنتدبة في الخارجية.

المصدر : الجزيرة