هل بات تسليح الثوار السوريين قريباً؟

استعدادات المقاتلين على جبهة عزيزة
undefined

ياسر العرامي-واشنطن

بينما تتصاعد المعارك على الأرض السورية وسط تغير ملحوظ في المعادلة العسكرية لصالح قوات نظام الرئيس بشار الأسد المدعومة بعناصر من حزب الله اللبناني، تزايدت التكهنات بشأن مدى تغيير الإدارة الأميركية إستراتيجيتها إزاء الوضع في سوريا وجعلها خيار تسليح المعارضة موضع تساؤل مجدداً.

فقد نقلت الصحافة الأميركية يوم الاثنين عن مسؤولين أميركيين في البيت الأبيض أن إدارة الرئيس باراك أوباما تدرس عدة خيارات بشأن سوريا، بما في ذلك تسليح المعارضة أو فرض منطقة حظر جوي من أجل حماية المدنيين، رغم أن المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني قال في وقت لاحق إن الإدارة الأميركية ليس لديها جديد في سياستها تجاه سوريا.

لكن زميلة أبحاث الشرق الأوسط في مؤسسة أميركا الجديدة رندا سليم رجحت أن يكون قرار أميركا بتسليح المعارضة السورية قريباً.

وأكدت في حديثها للجزيرة نت أن معركة القصير أوجدت مناخاً عسكرياً وسياسياً سرَّع من وتيرة هذا القرار الذي كان بالأصل قيد التحضير.

وأوضحت أن لدى الإدارة الأميركية ثلاثة خيارات مطروحة للنقاش في الوقت الحالي: إما تسليح المعارضة السورية، أو توجيه ضربة عسكرية، أو فرض منطقة حظر جوي، مشيرة إلى أن هناك خططا موضوعة من جانب وزارة الدفاع (البنتاغون) لكل هذه الاحتمالات.

رندا سليم: تسليح المعارضة الخيار الأكثر احتمالا للتنفيذ (الجزيرة نت)
رندا سليم: تسليح المعارضة الخيار الأكثر احتمالا للتنفيذ (الجزيرة نت)

وأكدت سليم أن الإدارة الأميركية تعيد النظر حالياً في كل هذه الخيارات وذلك في ضوء ما حصل في مدينة القصير واستخدام النظام السوري الأسلحة الكيمياوية وتحضيره لمعركة حلب بمساندة من عناصر حزب الله.

غير أنها أشارت إلى أن الخطة الأكثر احتمالاً للتنفيذ على المدى القصير هي تسليح المعارضة في سوريا خصوصاً تلك التي تحت إمرة رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش السوري الحر، اللواء سليم إدريس.

ولفتت إلى أن هذا القرار إذا اتُّخذ سينفذ تحت عملية واسعة تشمل مشاركة أوروبية وإقليمية خصوصاً من قبل فرنسا وبريطانيا وربما تركيا.

مخاوف
ورغم التصريحات الرسمية -التي أكدت بحث الإدارة الأميركية خيارات مساعدة المعارضة السورية، ومن بينها تصريح للمتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض برناديت ميهان لوكالة الصحافة الفرنسية- بأن أوباما طلب من فريقه للأمن القومي بحث كل الخيارات الممكنة التي تسمح لبلاده بتحقيق أهدافها في مساعدة المعارضة السورية، وتسريع الانتقال السياسي في سوريا، فإن هناك من لا يزال يرى غير ذلك.

ولا يتوقع أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنوب كاليفورنيا فيليب سيب تحركاً أميركياً بشأن تزويد المعارضة بالأسلحة بشكل مباشر على المدى القصير.

ويشير سيب في تصريحه للجزيرة نت إلى أن أميركا لم تثن قطر أو السعودية ودولاً أخرى عن توفير الأسلحة للمعارضة السورية على الرغم من المخاوف بأن تصل تلك المساعدات إلى عناصر تنظيم القاعدة.

لكنه أوضح أن الرئيس باراك أوباما ليس لديه رغبة بالدخول في حرب جديدة بعد خروج أميركا من حربين بالمنطقة، وأن السياسة الأميركية في الوقت الحالي تتخذ مساراً أكثر واقعية.

وبشأن المخاوف من تدخل حزب الله بسوريا، قال سيب إن هناك رؤية بأن حزب الله والقاعدة سيعملان على تحييد بعضهما البعض في سوريا، وهذا إلى حد ما سيضمن التخفيف من الهواجس الإنسانية لدى أميركا والغرب.

وتتفق أستاذة العلوم السياسية بجامعة بنسلفانيا آن نورتون بشأن استمرار مخاوف أميركا من وصول السلاح إلى الأيادي الخطأ.

وتقول في حديثها للجزيرة نت إن أميركا لا تزال تواجه مشكلة بشأن هوية المعارضة السورية: هل هي معارضة "جهادية" أم "متشددة" أم "طائفية"؟.

أميركا لم تثن قطر أو السعودية ودولاً أخرى عن توفير الأسلحة للمعارضة السورية على الرغم من المخاوف بأن تصل تلك المساعدات إلى عناصر تنظيم القاعدة

وأشارت إلى أن أميركا حينما تفكر بدعم المعارضة السورية بالسلاح أو التدخل عسكرياً فإنها تضع في اعتبارها ما يتعلق بالمكان والوقت والقوة التي ستخسرها وفي حالة سوريا فإنه من الصعب تدخلها.

من جهته، يرى مدير مركز الدراسات الدولية بجامعة جنوب كاليفورنيا باتريك جيمس أن الاعتبارات الإنسانية تفرض بقوة ضرورة تقديم الولايات المتحدة مساعدات للمعارضة السورية.

لكنه يشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تنظر بشأن نتائج دعمها المعارضة السورية إلى مسألة هل ستكون هذه المعارضة موالية لأميركا فيما لو تمت الإطاحة بالأسد وتسلمت السلطة؟ ولا يزال لدى أميركا مشاعر متضاربة حيال ذلك.

وأوضح جيمس أن إدارة أوباما تتعرض لضغوط داخلية جمة إزاء الملف السوري، واعتبر زيارة السيناتور جون ماكين -وهو من المؤيدين بقوة لتسليح المعارضة السورية- في مايو/أيار الماضي لسوريا ولقاءه بقادة الجيش الحر يأتي في سياق وضع المزيد من الضغوط على أوباما.

ويعتقد بأن تقديم أميركا الأسلحة للمعارضة بسوريا والدعم الجوي سيساعد الرئيس أوباما على مواجهة ماكين والنقاد البارزين في الكونغرس لأداء إدارته.

إلا أنه يرى أن الخيار الأكثر ترجيحاً سيكون بالنسبة لإدارة أوباما وسط هذه الضغوط التي يواجهها هو أن يزود المعارضة السورية بأسلحة محدودة للحفاظ على استمرار القتال ضد الأسد وليس أبعد من ذلك.

المصدر : الجزيرة