اختبار جديد للجيش اللبناني في طرابلس

انتشار الجيش في مناطق مختلفة من طرابلس
undefined
 علي سعد-بيروت
 
على الرغم من قرار السلطة اللبنانية أمس الثلاثاء، تسليم الإمرة العسكرية في طرابلس شمالي لبنان إلى الجيش، فإن الواقع الميداني يطرح عدة تساؤلات بشأن فعالية القرار، خصوصا مع تجدد الاشتباكات وإن كان بوتيرة أخف عن اليومين الماضيين بين منطقتي جبل محسن الموالية للنظام السوري وباب التبانة المؤيدة للثورة السورية. والتزم أغلب أهل طرابلس منازلهم أمس خشية عمليات القنص.

ومقارنة بالجولات السابقة للجيش في المنطقة، تؤكد مصادر عسكرية أن قائد الجيش العماد جان قهوجي أمر هذه المرة بإيقاف كل من يخرق الهدنة وبمداهمة أي مكان يحصل منه إطلاق نار وإلقاء القبض على المتورطين، وهو ما حصل حيث تمكن الجيش من اعتقال 21 مسلحا بعد عمليات دهم.

وقال منسق تيار المستقبل في الشمال مصطفى علوش "في كل جولة من جولات الاشتباكات الثمانية عشر كان الجيش يدخل ويتسلم الأمرة، وكانت المعارك تتوقف بعد أيام قليلة ولأشهر أحيانا ثم تعود وتشتعل، وليس بالضرورة أن تكون الإجراءات هي التي توقف المعارك أو تشعلها".

وأضاف للجزيرة نت أن "تاريخ المعارك وتدخل القوى العسكرية لا يجعلانا متفائلين بالنتائج هذه المرة، لكن يجب إعطاء الخطة بضعة أيام أو أسابيع حتى تتبين فاعليتها"، متسائلا "هل يستطيع الجيش تحمل سقوط قتلى من المواطنين ومن عناصره إذا ما حصلت مواجهات بينه وبين المسلحين، خاصة أنهم يتمركزون في مناطق مأهولة؟".

واعتبر علوش أن مس الجيش بالسلاح لمناطق ذات بعد طائفي معين وبالوقت نفسه لا يستطيع التصرف بوجه حزب الله سيكون أمرا محرجا له، وطالما يتغاضى أو يجبر على التغاضي عن سلاح الحزب سيخرج من يقول له "السلاح حق لنا كما هو حق للحزب".

‪أحد المواطنين القلائل الذين خرجوا من منازلهم القريبة من مناطق الاشتباكات‬ أحد المواطنين القلائل الذين خرجوا من منازلهم القريبة من مناطق الاشتباكات (الجزيرة)
‪أحد المواطنين القلائل الذين خرجوا من منازلهم القريبة من مناطق الاشتباكات‬ أحد المواطنين القلائل الذين خرجوا من منازلهم القريبة من مناطق الاشتباكات (الجزيرة)

وتيرة متقطعة
وبدأت الجولة الـ 18 بعد هجمات مستمرة على أشخاص من جبل محسن لدى مرورهم في طرابلس، وحصدت 11 عشر قتيلا، وأكثر من مائة جريح من الطرفين.

وتستمر الاشتباكات بوتيرة متقطعة يسودها هدوء في كثير من أوقات النهار يقطعه رصاص القنص الذي يقوم الجيش بالرد على مصادره.

وبينما دخل الجيش إلى منطقة جبل محسن وتمركز فيها، أفادت مصادر عسكرية بأنه لم يتمكن من الدخول بعد إلى منطقة باب التبانة. وقال زياد علوكي، وهو أحد قادة المحاور في باب التبانة للجزيرة نت، "الجيش دخل طرابلس، ولكن أطلقوا النار عليه من الجبل"، مؤكدا أنهم "لن يوقفوا إطلاق النار قبل أن يوقف أهالي جبل محسن إطلاق النار عليهم".

وطالب علوكي بالقبض على رئيس "الحزب العربي الديمقراطي" علي عيد ونجله رفعت، و"عندها سنسلم أنفسنا ونوقف القتال، لكن طالما الدولة تترك المجرمين فستستمر جولات القتال ولو وصلت إلى مائة". كما أكد أن أهالي طرابلس بانتظار إلقاء القبض على المتهمين بتفجير مسجدي التقوى والسلام وسوق المتورطين إلى المحاكم.

المناطق العصية
أما عضو المكتب السياسي لـ"الحزب العربي الديمقراطي" علي فضة فقال للجزيرة نت إن الجيش موجود في جبل محسن منذ بداية الاشتباكات التي تحصل بينه وبين مسلحي باب التبانة، مؤكدا أن الحزب "نأى بنفسه عن هذه الاشتباكات، ولا يريد إلا ضمان عدم الاعتداء على الأهالي وتنفيذ مطالب أولياء الدم، كما ننتظر أن يدخل الجيش إلى عمق باب التبانة، حيث يمكن أن يبدأ خطته بشكل فعلي".

ويرى فضة في الخطة "إنجازا لطرابلس ولرئيس حكومة  تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ومن يعطلها هو المناطق العصية على الجيش"، مؤكدا أنه في الجبل "لم يعد هناك مكان لعسكري إضافي مع انتشار القوات المسلحة على أسطح البنايات وفي الطرقات وفي كل الأماكن الممكنة".

ويلقي كل من طرفي الصراع بالمسؤولية على الآخر في الوضع المتردي طرابلس دون أن يكون هناك أي أفق لحل سياسي ينهي هذه الصراعات التي أقلقت راحة المدينة، طالما استمرت الأزمة السورية واستمر ولاء الأطراف الداخلية اللبنانية لطرفيها، خاصة تدخل حزب الله العسكري فيها.

المصدر : الجزيرة