مخاوف بمصر من "مذبحة قضائية جديدة"

تحريات الأمن الوطني اتهمت حركة قضاة من أجل مصر بإثارة الفتن وتكدير الأمن والسلم الاجتماعي وبث وإذكاء روح الفتنة بين صفوف القضاة
undefined

عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة

مفاجئة من العيار الثقيل فجرها قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل، باستدعاء ثمانية من كبار قضاة مصر، بينهم محمود مكي -نائب رئيس الجمهورية السابق- ووزيرا العدل السابقان أحمد مكي وأحمد سليمان، وهشام جنينة -رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات- وزكريا عبد العزيز -رئيس نادي القضاة السابق- وناجي دربالة -نائب رئيس محكمة النقض- للتحقيق معهم بتهمة تأسيس حركة "قضاة من أجل مصر".

وكان قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل، المستشار محمد شيرين فهمي، استدعى القضاة بعد تلقيه مذكرة تحريات من جهاز الأمن الوطني تقول "إنهم أسسوا حركة "قضاة من أجل مصر"، التي تدعو لإثارة الفتن وتكدير الأمن والسلم الاجتماعي وبث وإذكاء روح الفتنة بين صفوف القضاة".

والقضاة الثمانية لا ينتمون لحركة "قضاة من أجل مصر"، ولهم تاريخ طويل في الصراع مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث ساهموا في كشف تزوير انتخابات مجلس الشعب في دورتي 2005 و2010.

وسبق هذا القرار سجن رئيس نادي قضاة الإسكندرية الأسبق، المستشار محمود الخضيري بعد اتهامه بتعذيب محام في ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير.

ويخشى قضاة الاستقلال من "مذبحة قضائية جديدة"، على غرار مذبحة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للقضاء، لكنهم يؤكدون أن هذه المرة ستكون على أيدي زملائهم من القضاة، بعدما تحول بعض القضاة أداة "لتركيع" معارضي الانقلاب.

مكي: مبارك لم يسجن أحدا من قضاة الاستقلال أو يمنعهم من السفر (الجزيرة)
مكي: مبارك لم يسجن أحدا من قضاة الاستقلال أو يمنعهم من السفر (الجزيرة)

اتهامات بشعة
وزير العدل الأسبق -المستشار أحمد مكي- نفى علاقته أو عضويته بحركة قضاة من أجل مصر، مؤكدا أنه لم يعرف بخبر استدعائه للتحقيق إلا من خلال وسائل الإعلام، محذرا مما أسماه زج مؤسسة القضاء في الصراعات السياسية.

وقال مكي للجزيرة نت، إنه تسلم ورقة استدعائه للتحقيق في قضية لا يعرف مضمونها، أو إن كان متهمًا فيها أو شاهدا.

وأعرب مكي عن حزنه، لتحقيق القضاة مع زملائهم لأهداف سياسية، وأشار إلى أن مبارك لم يسجن أحدا من "قضاة الاستقلال" أو يمنعهم من السفر، على الرغم من أننا كنا خصوما له، واصفا التهم الموجهة له ولزملائه بـ"البشعة".

بوادر مذبحة
من جانبه، أكد عضو حركة "قضاة من أجل مصر"، المستشار محمد عبد الحميد حمدي، أن بوادر مذبحة قضائية تلوح في الأفق، لكن أسوأ ما فيها أنها ستكون بأيدي بعض زملائهم القضاة، بخلاف المذبحة التي قام بها عبد الناصر، والتي قاومها الجسم القضائي.

وتساءل -في تصريح للجزيرة نت- عن كيفية التحقيق مع القضاة المؤيدين للشرعية، وإحالتهم للمحاكمة دون غيرهم من مؤيدى الانقلاب الذين جاهروا بدعم الانقلاب وتظاهروا ضد الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين طيلة عام كامل.

وأرجع حمدي تراجع الكثير من القضاة عن دعم زملائهم المحالين للتحقيق، للتنكيل الشديد بكل من يقف بجوارهم، مشددا على أن التعاطف المعنوي من معظم القضاة ليس كافيا لصد الهجمة الشرسة التي يتعرض لها "تيار الاستقلال".

حمدي: بوادر مذبحة قضائية تلوح بالأفق لكن أسوأ ما فيها أنها بأيدي قضاة (الجزيرة)
حمدي: بوادر مذبحة قضائية تلوح بالأفق لكن أسوأ ما فيها أنها بأيدي قضاة (الجزيرة)

واعتبر القضاة المحالين للتحقيق من خيرة القضاة في مصر، ولا تشوبهم شائبة ويشهد لهم تاريخهم المهني، ولم يكونوا يوما محل اتهام، سوى أنهم تصدوا للباطل بآليات مشروعة دون تجاوز.

الانتماء السياسي
أما المتحدث الإعلامي باسم نادي القضاة -المستشار محمود حلمي الشريف- أكد أن الإجراءات العقابية بحق 75 قاضيا، جاءت بعدما اعتلوا منصة "رابعة العدوية" تحت اسم "قضاة تيار الاستقلال"، للدفاع عن شرعية مرسي وإفصاحهم عن انتماءاتهم السياسية.

وأضاف -في تصريحات صحفية- أنه لا يصح لقاضٍ أن يُفصح عن انتمائه السياسي، لأن هذا يخالف الصفات التي يجب أن تتوافر فيه، وهي الحياد والاستقلالية وعدم الإفصاح عن هوية سياسية معينة.

وأوضح أن قضاة مصر يستمدون سلطتهم من الشعب الذي هو مصدر كل سلطة، مشيرًا إلى أنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون القضاة ضد فصيل من الشعب المصري، ويجب أن يكونوا على الحياد".

المصدر : الجزيرة