عندما يتحول فيسبوك إلى رسائل حب للسوريين

صورة من صفحة لأحد المعتقلين السوريين على فيسبوك
undefined

سلافة جبور-دمشق

مع اقتراب الأزمة السورية من عامها الثالث وتقطع أوصال البلاد وتعذر الاتصالات في كثير من أجزائها، أصبح المجال الافتراضي على الإنترنت ملاذا لكثير من السوريين، الذين يستخدمونه للتواصل بين من ترك الديار طلبا للأمان ومن تخلف عن الخروج لسبب أو لآخر.
 
"عندما رأيت صورته لم أتعرف إليه. أكاد أنسى شكله بعد حوالي عام على الحصار"، يقول أبو أحمد بحسرة في حديث للجزيرة نت، وهو يتصفح صور ابنه ذي السبعة أعوام على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

فأبو أحمد، وهو مقاتل من الجيش الحر في حي القابون الدمشقي، لم ير عائلته المكونة من زوجة وثلاثة أولاد منذ حوالي السنة، بعد أن غادروا البلاد كي يستقروا في لبنان، حالهم حال آلاف السوريين المحاصرين في مدنهم وبلداتهم.

ويتابع أبو أحمد حديثه فيقول "أوصي زوجتي باستمرار بأن ترسل لي صور أطفالي خاصة في نشاطاتهم اليومية. فأنا أريد أن أشعر بأنني أعيش معهم وعلى تواصل دائم بهم، وأرفض أن أستسلم للواقع الذي نعيش فيه".

فالحصار الذي يفرضه النظام على الكثير من المناطق السورية الخارجة عن سيطرته بدأ يلقي بظلاله السلبية على الحياة الاجتماعية لآلاف العوائل السورية المشتتة داخل أو خارج سوريا.

رسائل للمعتقلين
ومنذ بدء الثورة السورية، تحول فيسبوك إلى أبسط وأسهل طرق التعبير لآلاف من السوريين، وامتلأت صفحاته بالصور والرسائل التي تحاكي واقعهم.

رسائل حب ثلجية إلى المحاصرين في مدن سورياالجزيرة
رسائل حب ثلجية إلى المحاصرين في مدن سورياالجزيرة

تقول سناء وهي زوجة معتقل مضى على اختفائه في سجون النظام السوري ما يزيد عن عشرة أشهر "لا نملك أي طريقة نتواصل بها مع زوجي. لكن أولادي يلتقطون صورا لهم ولرسائل يقومون بكتابتها لوالدهم وينشرونها بشكل دوري على صفحة خاصة به، ربما أملا بأن يراها من نافذة سجنه الضيقة، أو احتفاظا بذاكرة قد تخونهم بعد كل هذه الأشهر".

وتقول إحدى بناتها إنها تسجل أحداث حياتها يوميا كي ترويها لوالدها بعد خروجه من المعتقل، وتضيف "أظن أن والدي يعلم أننا ننشر له كل هذه الرسائل، وأنا على يقين بأنه سعيد بها، وبأنها تمنحه دفئا يفتقد إليه في زنزانته".

ذاكرة يملؤها الحنين
أما آلاف السوريين المهجرين من منازلهم ومدنهم، فوجدوا في صفحات فيسبوك وسيلة للتعبير عن حنينهم لبيوتهم، أو عائلاتهم القابعة تحت حصار قوات النظام السوري.

رانية، التي تعيش اليوم في دمشق ولم تر منزلها في حمص منذ حوالي السنتين، لا تكف عن نشر صوره على صفحتها الخاصة على فيسبوك، متذكرة تفاصيله وزواياه بألم، ومتسائلة متى لها أن تعود إلى حضن ذلك البيت.

"خرجنا من منزلنا في ليلة كانت المعارك فيها على أشدها في حي الحميدية بحمص. لم يتسن لنا أن نأخذ معنا أيا من أغراضنا. من الصعب جدا أن نبدأ حياة جديدة من الصفر، والأصعب هو تلك الذكريات التي لا يمكن لنا نسيانها". وتضيف أن صفحات فيسبوك تساعدها على الاحتفاظ بجزء من تلك الذكريات، خوفا من فقدانها.

رسائل ثلجية
وحتى مع العاصفة الثلجية التي تجتاح كل أنحاء البلاد، لم تمنع الثلوج المتساقطة والبرد القارس السوريين من تذكر بيوتهم، وعائلاتهم، وكل من تركوهم خلفهم.

فسوسن، تكتب رسالة حنين إلى حيها الذي نزحت عنه منذ أشهر طويلة في الثلج على زجاج إحدى السيارات، وتترك تلك الرسالة على صفحتها على فيسبوك.

أما زكية وأولادها، فلم ينسوا إرسال رسائل حب "ثلجية" إلى والدهم الذي لم يروه منذ عدة أشهر، وهو محاصر في حي برزة الدمشقي.

المصدر : الجزيرة