رسالة مرسي تعكس صموده وتجنبه التحريض
أنس زكي-القاهرة
وبعد أيام من هذا الظهور، عاد مرسي مرة أخرى برسالة إلى المصريين، لكنها كانت هذه المرة عبر فريق الدفاع القانوني الذي التقاه في محبسه بسجن برج العرب في الإسكندرية، حيث حدد مرسي محاور الرسالة وترك لفريق الدفاع صياغتها، كما قال المتحدث باسم الفريق محمد الدماطي.
واستطلعت الجزيرة نت دلالات الرسالة ومدى تأثيرها سواء على أنصار مرسي أو خصومه، فاعتبر خبراء في الطب النفسي والإعلام أنها جاءت قوية وهادئة تجمع بين تأكيد الصمود مع تجنب ما قد يصفه خصومه بدعوات للتحريض.
وكان مرسي قد جدد في الرسالة رفضه الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكمه ووصفه بأنه جريمة وخيانة، وقال إن مصر لن تتعافى إلا بزوال آثار الانقلاب ومحاسبة من أراق الدماء.
كما أكد أنه لا يعترف بشرعية المحاكمة التي يمثل أمامها ولا الإجراءات التي اعتمدتها، وطالب مؤيديه بمواصلة الاحتجاج حتى إسقاط الانقلاب وتبعاته.
سرد للواقع
ويرى أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق أحمد عبد الله أن رسالة مرسي تبدو له كرسالة سرد للأمر الواقع من وجهة نظر الرئيس وأنصاره، كما أن أبرز ما فيها هو التأكيد على الثبات واستمرار الصمود.
وفيما يتعلق بتأثيرها على المواطنين، قال عبد الله للجزيرة نت إن المؤيدين تلقوها على أنها الحقيقة التي لا جدال فيها وخرجوا منها بأن الرئيس صامد وأنهم سيواصلون معا رحلة الصمود حتى دحر الانقلاب، في حين أن المعارضين تلقوها بطريقة "تالله إنك لفي ضلالك القديم" واعتبروا أنها تأكيد أن مرسي منفصل عن الواقع.
أما المفكر السياسي محمد الجوادي فقال للجزيرة إن ما لفت نظره في الرسالة أن مرسي تجنب ذكر اسم وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي قاد الانقلاب عليه "وهذا من طباع المصريين الذين إذا كرهوا شخصا تجنبوا ذكر اسمه" مضيفا أن حديث مرسي القوي بشأن القصاص ممن وصفهم بالخونة يؤكد أنه زعيم وليس سمسارا.
رمزية أقل
وبدوره فإن أستاذ الإعلام بجامعة الأزهر أحمد سمير حماد يتحدث عن بعدين لرسالة مرسي، أولهما نصها الذي جاء عاديا ولا يحمل أي مفاجآت وفق قوله، مضيفا للجزيرة نت أن إصرار فريق الدفاع على التأكيد أنه هو من صاغ البيان وفق محاور وضعها مرسي أضعف الرسالة، ولو كانت من صياغة مرسي لمنحها ذلك قوة ورمزية أكبر.
وثانيهما يتعلق بالأفكار التي تضمنتها الرسالة، فهي تأكيدات لمواقف سابقة أكثر من كونها تحمل جديداً. كما يضيف حماد الذي يرى كذلك أن الرسالة خلت من أي مبادرات لحلحلة الأزمة سواء على مستوى إيجاد مخرج سياسي أو طرح تصور لاستمرار جهود مناهضة الانقلاب.
لكن حماد يرى أن خروج الرسالة على هذا النحو أمر طبيعي بل ومطلوب، فهو يعني أن مرسي يترك الكرة في ملعب الجماهير بدلا من أن يقوم بدور الوصيّ عليهم أو الموجه لهم، كما أنه يؤكد أن الشعب هو من يصنع حراكه الثوري وأن مرسي ليس إلا جزءا من المشهد، وبالإضافة إلى ذلك لا يعطي الفرصة للانقلابين للادعاء بأن البيان يتضمن أي نوع من التحريض.
فكرة الشرعية
وأضاف حماد أن الرسالة تشير مجددا إلى إيمان مرسي العميق بفكرة الشرعية وحرصه على اتباع الطريق القانوني في مناهضة الانقلاب، بدءاً من تأكيده أن القوات المسلحة خالفت قواعد تحريك القوات، وانتهاء بالتأكيد أن قادتها خالفوا القسم الدستوري.
أما عن تأثير البيان، فيرى حماد أنه دعم جهود كسر الانقلاب بالنسبة لمؤيدي مرسي، وأكد صمود الرئيس كما عزز من رمزية القضية، وقدم أثرا جيدا في المجمل لكنه أقل مما كان منتظرا.
وبالنسبة لمعارضي مرسي، فلا يعتقد حماد أن الرسالة أثرت عليهم كثيرا، فهم يرون أن المسألة محسومة، كما أن الرسالة خلت مما كان يمكن أن يقلقهم كأن يتحدث مرسي عن آليات عملية لمواجهة الانقلاب أو يتضمن رسائل للعالم الخارجي.