توتر بين نقابات الأمن وحكومة تونس

جانب من الجنازة الوطنية التي نظمتها نقابات الأمن
undefined

خميس بن بريك-تونس

بلغ توتر العلاقة بين نقابات الأمن والترويكا الحاكمة في تونس مستويات غير مسبوقة، حيث حذرت النقابات من تصعيد تحركاتها إن لم تتحقق مطالبها المتمثلة في حماية الأمنيين في ظل تعدد الهجمات المسلحة عليهم، في حين اتهمت الحكومة النقابيين بخرق قواعد العمل النقابي.

ورغم تنبيه الحكومة المسبق، نظمت النقابات الأمنية اليوم جنازة رمزية في العاصمة خرج فيها عدد كبير من رجال الأمن والمواطنين رافعين الأعلام، تكريما لعائلات الأمنيين الذين قتلوا مؤخرا في هجمات مسلحة تتهم السلطاتُ "متشددين" بتنفيذها.

وهتف المتظاهرون بشعارات مساندة لقوات الأمن مثل "يا شهيد لا تهتم، أمن تونس يُفدى بالدم"، وشعارات تنبذ العنف والاعتداءات مثل "تونس تونس حرة حرة، والإرهاب على برة"، وشعارات تطالب بحياد الأمن مثل "الشعب يريد أمن جمهوري".

مصباح منير وهو أحد المواطنين الذين شاركوا في الجنازة الرمزية، يقول للجزيرة نت إنه جاء ليتقاسم مع عائلات الضحايا ورجال الأمن لوعتهم على فراق زملائهم "الذين سقطوا برصاص الغدر"، منتقدا ما اعتبره تهميشا وهضما لحقوق الأمنيين.

أبسط الحقوق
وتساءل منير "كيف لدولة تدّعي أنها قامت بثورة وتسير نحو الديمقراطية وأعوانها الأمنيون لا يتمتعون بأبسط حقوقهم؟"، مشيرا إلى أن الأمنيين الذين قتلوا "ستتشتت عائلاتهم لأن القوانين لا توفر لهم تغطية اجتماعية عن حوادث الشغل".

نبيل العياري رفض اتهام الحكومة للنقاباتبخرق قواعد العمل النقابي (الجزيرة نت)
نبيل العياري رفض اتهام الحكومة للنقاباتبخرق قواعد العمل النقابي (الجزيرة نت)

وطالب بإقالة وزير الداخلية من منصبه، معتبرا أنه "لعبة بيد حركة النهضة ولا يملك سلطة القرار ولا يقدر على فعل أي شيء"، كما انتقد القضاء بدعوى أنه "ليس مستقلا وأفرج عن العديد من الإرهابيين".

ومن جهة النقابيين الأمنيين يقول الكاتب العام لنقابة قوات الأمن الداخلي نبيل العياري للجزيرة نت إن خروج الأمنيين في جنازة وطنية وتلاحمهم مع المواطنين "يوجه رسالة طمأنة للشعب بأننا سنتصدى للإرهاب إلى آخر قطرة من دمائنا".

ورفض اتهام الحكومة للنقابات بأنها خرقت قواعد العمل النقابي أو سيّسته، مشددا على أن النقابات "لن تستسلم لمحاولات تشويهها أو تركيعها من قبل الحكومة"، وقال "من يحاول تركيعنا نقول له أنت مخطئ في العنوان".

وحذر العياري من احتمال تصعيد التحركات إن لم يستجب المجلس التأسيسي (البرلمان) ووزارة الداخلية والحكومة لمطالب الأمنيين بسن قانون لتجريم الاعتداءات على الأمنيين، وقانون يتعلّق بجبر الأضرار على حوادث الشغل.

وقال إن النقابيين أعلنوا تمسكهم بعد اجتماعهم الاستثنائي الجمعة الماضية في مدينة سوسة (وسط) بإقالة المدير العام للأمن العمومي وآمر الحرس الوطني والمدير العام للحماية الوطنية الحاليين، مؤكدا أنهم "عينوا على أساس الولاء الحزبي".

مصباح منير أحد المواطنين الذين شاركوافي الجنازة الرمزية (الجزيرة نت)
مصباح منير أحد المواطنين الذين شاركوافي الجنازة الرمزية (الجزيرة نت)

وطالب بإرجاع أربعة نقابيين أوقفتهم وزارة الداخلية عن العمل بعد اتهامهم بالعصيان على خلفية طرد رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس الوطني التأسيسي منذ عشرة أيام من مراسم تأبين عنصرين من قوات الحرس قتلوا بمنطقة قبلاط في باجة (شمال غرب).

موقف الحكومة
ولم يتسن فورا الحصول على تصريحات من مسؤول حكومي حول هذا التصعيد، ولو أن رئيس الحكومة علي العريض اتهم بعض النقابيين الأمنيين في حوار متلفز منذ أيام قليلة بأن عملهم "مسيس حتى النخاع".

وقد أصدرت وزارة الداخلية بيانا شديد اللهجة حذرت فيه النقابات من عرقلة العمل الأمني، خاصة في ظل ما تواجهه البلاد من مخاطر أمنية. وقالت إن "مثل هذه التصرفات تعد انحرافا خطيرا عن العمل النقابي من حيث الشكل والمضمون، وتكتسي طابعا سياسيا يصل حد التهديد بالعصيان".

واستنكرت ما أقدمت عليه عناصر نقابية من تصرفات "غير لائقة" على خلفية طرد رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس الوطني التأسيسي، مؤكدة أنها فتحت تحقيقا "لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات الإدارية الملائمة ضد كل من يثبت تورطه في هذه التجاوزات".

كما حذرت وزارة الداخلية النقابات مما اعتبرتها لغة التوعد والوعيد تجاه المجلس التأسيسي والحكومة، رغم أن رئيس المجلس مصطفى بن جعفر تعهد السبت الماضي بإقرار قانون يجرم الاعتداءات على الأمنيين.

المصدر : الجزيرة